نشر بتاريخ: 31/05/2016 ( آخر تحديث: 31/05/2016 الساعة: 09:58 )
الكاتب: سليم النفار
منذ البدايات كانت الفخاخ , تنصب لها هنا وهناك , وبشبه إجماعٍ عربي رسمي , أعتُبرت المنظمة ليست لتحرير فلسطين وحسب , بل لتحرير العقل العربي من أوهامه , والمواطن من خوفه وهواجسه التي ,سعت الأنظمة القائمة عل تعزيزها لديه , فكيف لهذه المنظمة أن تأتي كاسرة كل تلك الحدود ,التي يعمل عليها ليل نهار , وكلاء الاحتلال بالمنطقة ؟
اثنان وخمسون عاما ً , هو عمر الكفاح الوطني بحلته المعاصرة , من خلال منظمة التحرير الفلسطينية , التي دأبت منذ البدايات على عدم الوقوع في مطبات الخلاف والاختلاف ,بين الأنظمة الرسمية , حافرة مسارها باتجاه الدرب الوحيد:انجاز الأهداف الوطنية للشعب الفلسطيني المُشتت والمحاصر في أوطان متعددة .
غير أن الفخاخ التي نصبت , من هذا النظام أو ذاك , لم تستطع المنظمة تلافي الوقوع فيها , غير أن حكمة قياداتها أيضا وقدرتهم على المناورة مكنتهم , من الاستمرار , ولم تشكل الفخاخ خطورة فارقة على حضور المنظمة ودورها ,كما أسلفت , وان تمكنت من تعطيل مسارات ورؤى ,وأجهدت تنامي العمل المقاوم , الذي كان شوكة في خاصرة الاحتلال .
غير أن الخطورة الكبيرة كانت ومازالت , بالعمل من داخل البيت الفلسطيني ,حيث كان على الدوام بالأمس واليوم ,من خلال قوى إقليمية متعددة , بهدف إضعاف الحضور الوطني وعدم تمام وحدته ,التي يجب أن تكون أمرا بدهيا عند الكل الفلسطيني ,لمواجهة المشروع الاحتلالي لفلسطين .
فكانت سلسلة من الانشقاقات ,عن كل الفصائل المنضوية تحت لواء المنظمة , وفي مقدمتها حركة فتح , التي تعتبر رأس الحربة والعمود الفقري للمشروع الوطني الفلسطيني المعاصر , ولكن كل تلك المؤامرات والانشقاقات لم تفلح في إنهاء المنظمة ودورها , وذلك ليس لأنها قوة خارقة ,ولكن حسبها أنها تمثل قوة الإجماع الطبيعي للمفاهيم والقيم والثوابت , في ثقافة المواطن الفلسطيني , بكل تشكيلاته المجتمعية .
اثنان وخمسون عاما ً والمنظمة تنجح ببراعة , في المحافظة على ارثها , الذي هو ارث الكل الوطني , الساعي لتجسيد الكينونة الوطنية , وعلى الرغم من الاختلاف الناجم عن اتفاقيات أوسلو , وتباعد الرؤى فيما بين فصائلها , بقي الاتفاق والإجماع على وحدة المنظمة , كحاضنة وكيانية للفلسطيني لحين انجاز الأهداف الوطنية , وان اختلفوا في الطرق المؤدية نحو ذلك .
غير أن الانقسام الأخير الذي أحدثته حركة حماس , من خلال سيطرتها على قطاع غزة , يشكل أكبر وأخطر الطعنات , التي أصابت المشروع الوطني , في وحدته ودوره وثقافته , وإذا أردنا اسقاط حلقات التآمر القديم الجديد , على الكيانية الفلسطينيية ومشروعها ,فانه مطلوب وبشكل عاجل , لا يقبل التأجيل : الالتفاف حول اجندة المشروع التي حملته منظمة التحرير , وتفعيل دوره وحضوره , بما يمكنه وفق المعطى الملموس للواقع , من بلورته في حدوده الدنيا , والا فان موجة العصف الكبير الذي يضرب المنطقة بأسرها , سيأخذنا نحو التآكل والتراجع المخيف الذي لا يليق بتضحيات شعبنا .