نشر بتاريخ: 31/05/2016 ( آخر تحديث: 31/05/2016 الساعة: 15:51 )
الكاتب: جميل السلحوت
يأتي تعيين أفيغدور ليبرمان زعيم حزب"اسرائيل بيتنا" وزيرا لجيش الاحتلال الاسرائيلي في نطاق توسيع دائرة التحالف اليميني الذي يقوده بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الاسرائيليّة. وهذا التّعيين لن يضيف شيئا لسياسة التطرّف التي ينتهجها نتنياهو، والتي تسير بخطى متسارعة نحو الفاشيّة كما وصفها يعلون وزير الجيش السابق، ورئيس أركانه، وبعض المحللين الاسرائيليين، وتحظى بدعم الادارة الأمريكيّة العلني، رغم التّحفظات الخجولة على بعض السّياسات.
والذي لم يعد غريبا في زمن الهزائم العربيّة، أنّه كلما ازدادت اسرائيل تطرّفا وبعدا عن متطلبات السلام العادل والدّائم، كلّما ازدادت الأنظمة العربيّة قربا منها. فبعض هذه الدّول أقامت علاقات تجاريّة بشكل علنيّ أو تحت مسميّات أخرى تحت ضغوطات ونصائح أمريكيّة كبادرة حسن نيّة لتشجيع الحكومة الاسرائيليّة للرّضوخ لمتطلبات السلام! وقوبلت من اسرائيل بزيادة الاستيطان والقمع والقتل وانتهاك حقوق الانسان الفلسطينيّ، إلا أنّ بعض الأنظمة العربيّة طوّرت علاقاتها مع اسرائيل إلى درجة التّعاون العسكريّ الذي قد يصل إلى درجة التّحالف، تحت شعار محاربة المدّ الشّيعيّ الإيرانيّ، متناسين المدّ التوسّعي الاسرائيليّ على حساب الأراضي العربيّة. ويأتي التّقارب العربيّ الرّسميّ مع اسرائيل في الوقت الذي يشهد فيه العالم حملة مقاطعة لاسرائيل في جوانب مختلفة، في محاولة للضّغط عليها كي ترضخ لمتطلّبات السّلام العادل.
وليبرمان الذي صرّح بأنّه مع حلّ الدولتين بعد تعيينه وزيرا للدّفاع، لا يختلف عن نتنياهو الذي لا يتردّد في التّصريح بأنّه مع حلّ الدّولتين، لكنّه على أرض الواقع، ومن خلال سياسة التّوسع الاستيطاني جعل حلّ الدّولتين أمرا خياليّا. وليبرمان الذي دعا سابقا إلى هدم السّد العالي لاغراق مصر، وتدمير العواصم العربيّة ليس اللاعب الوحيد في ساحة السّياسة الاسرائيليّة، وبالتّالي فهو وحده لا يملك قرار الحرب والتدمير والقتل الذي يحلم به، ويعرف جيّدا هو ورئيس وزرائه وزملاؤه الوزراء، كيف يستغلون سياسة التّردّي والخنوع على السّاحة العربيّة لتمرير سياساتهم التّوسّعيّة، وثبت لهم ولحليفتهم أمريكا بالتّجربة أنّه كلما ازدادوا تطرّفا وقمعا وتوسّعا، فإنّ الأنظمة العربيّة في غالبيّتها تزداد منهم قربا وخنوعا.
لكن وفي الأحوال كلّها فإنّ نتنياهو وحكومته اليمينيّة المتطرّفة لا يخفون سياساتهم التّوسّعية، وما تصريحاتهم حول السّلام وحلّ الدّولتين إلا من باب العلاقات العامّة الذي يندرج تحت "فنّ إدارة الصّراع" وأنّ أقصى ما يمكن أن يتنازلوا عنه للفلسطينيّين بشكل خاص والعرب والمسلمين بشكل عام، هو إدارة مدنية للفلسطينيّين في الأراضي المحتلة في حرب حزيران 1967 على السّكان وليس على الأرض.
وليت الأنظمة العربيّة التي تتحالف عسكريّا وأمنيّا مع اسرائيل تطلب منها أن تعلن أنها دولة محتلّة، وأنّها على استعداد للتّفاوض لانهاء هذا الاحتلال، وبالتّأكيد فإنّها لن تحصل على ذلك، بل ليتها تضغط على اسرائيل لترسيم حدودها كي تكبح طموحاتها في التّوسع التي تتخطى حدود فلسطين التّاريخية، وبالتأكيد أيضا فإنّها لن تحصل على ذلك.