نشر بتاريخ: 05/06/2016 ( آخر تحديث: 05/06/2016 الساعة: 11:02 )
الكاتب: خالد معالي
برغم وجع النكسة، لاحقا؛ حصل وأن جاء بصيص من الأمل والنور؛ شكل رافعة حقيقية للتخلص من النكسة وألمها، وهو ما حصل من طرد المحتل من جنوب لبنان وقطاع غزة، وهو ما سيتكرر لاحقا في مناطق أخرى؛ بفعل أن الزمن ما عاد يعمل لصالح دولة الاحتلال؛ وإلا ماذا نفسر تراجع الاحتلال وانسحابه من 20 مستوطنة في غزة؛ وهي التي قال عنها "شارون" يوما؛ أنها مثل تل الربيع "تل ابيب".
في الخامس من حزيران عام 67 ؛ شرعت قوة لدولة لقيطة غير شرعية؛ أقيمت بقوة السلاح والإرهاب؛ بهزيمة محيطها من دول عربية عريقة ذات حضارة عظيمة وجذور ممتدة في التاريخ، في غفلة من الزمن، وبسرعة تم خلال ستة أيام احتلال أراضيها؛ ما زلنا نعاني منها حتى الآن.
صحيح أن قوى الاحتلال والاستعمار نجحوا نجاحا مؤقتا بحرف البوصلة عن الاحتلال؛ إلى فتن داخلية عربية عمياء تأكل الأخضر واليابس؛ ولكنها لن تطول؛ وهي بمثابة فرز معدن الذهب عن المخلفات والملوثات؛ ولاحقا ليتفرغ من بقي معدنهم من الذهب لدولة الاحتلال؛ لأزالتها وطي صفحتها للأبد.
من العبر الغزيرة لحرب ونكسة عام 67؛ هو هزيمة القائد جمال عبد الناصر؛ فتاريخيا؛ كانت النظم الشمولية والدكتاتورية تهزم على الدوام؛ تلك الهزيمة المدوية التي ما زالت تتسبب بمعاناة 12 مليون فلسطيني؛ حيث يقتل أو يجرح كل يوم فتية وفتيات وأطفال وشباب؛ على حواجز الاحتلال، وتصادر أراضيهم ويهجروا ويطردوا ويشتتوا في منافي الأرض.
صحيح أن دولة الاحتلال استطاعت هزيمة جيوش عربية جرارة مثل الجيش العربي المصري والجيش الأردني والجيش السوري واللبناني والسعودي، خلال ستة أيام فقط؛ يوم بلغ جيش الاحتلال أوجه؛ لكن وبعد مرور 47 عاما؛ لم يستطع هزيمة قلة مؤمنة في غزة في الحرب العدوانية عام 2014؛ وهو ما يشير ويعني تراجع هيبة وقوة وردع ما يسمى زورا وبهتانا من انه الجيش الذي لا يقهر.
خطط كبار الصهاينة في مؤتمر بازل بسويسرا عام 1897 قد فشلت؛ بجلب 20 مليون يهودي إلى فلسطيني المحتلة؛ حيث لم يستطيعوا سوى جلب قرابة خمسة مليون.
طيران الاحتلال الذي نجح بتركيع دول عربية خلال ستة أيام؛ لم يستطع هذا الطيران برغم أن قوته التدميرية زادت مئات الأضعاف؛ من تركيع غزة؛ رغم صغر مساحتها، وسهولة قصف الأهداف المفترضة فيها بكبسة زر.
الملفت والمثير في حرب عام 67؛ أن بعض الأنظمة العربية أعلنت كعادتها القبيحة أنها انتصرت في الحرب، مستخفة بشعوبها، وعادة إياهم مزارع تتكاثر، لحين مجيء موعد ذبحها وهزيمتها.
كنا نتمنى أن يجري التغيير في العامل العربي سريعًا دون بحور من الدماء؛ للتفرغ لتحرير فلسطين، ولكن الأمنيات شيء والواقع شيء آخر، ونسأل الله اللطف بأمتنا، وأن يحمي شعوبها المغلوبة على أمرها.
دولة الاحتلال هشة وان بدت غير ذلك؛ وانتفاضة السكاكين أرعبتها وهزت منظومتها الأمنية الضعيفة، ولا تملك قوة فكرية وأخلاقية تمكنه من الاستمرار في احتلال الشعب الفلسطيني، ولذلك كان سهلًا على مقاومة بسيطة ومحاصرة في غزة مع فارق القوى الكبير أن تطرده بما تملك من قوة عقدية وفكرية، وتكون مدرسة عالمية في النضال والتضحية، ما زالت دروسها تتوالى.
من كان يحلم يومًا ما أن تصل صواريخ فلسطينية إلى عمق الأراضي المحتلة عام 1948م، وتجبر قادته على الاختباء في ملاجئ يعتقد أنها محصنة تحت الأرض، ويقنص جنود الاحتلال كالبط ، ويخطفوا من داخل دباباتهم ومجنزراتهم في الحرب العدوانية عام 2014؟!
أكثر وأكبر عبرة من النكسة يجب أن يخرج بها الشعب الفلسطيني؛ وهي واضحة وضوح شمس حزيران؛ من أن الفرقة والانقسام؛ تشتت وتهدر الطاقات وتسعد "نتنياهو"؛ وانه لا بديل عن الوحدة ورص الصفوف، وتوحيد الطاقات في مواجهة المحتل؛ عبر برنامج وطني مقاوم متفق عليه؛ وان لم يحصل هذا؛ فالتاريخ سيلعن كل من عطل هذا؛ ويلعننا أولادنا لاحقا؛ ولكن ونحن في قبرونا،( فاعتبروا يا أولي الأبصار).