الجمعة: 22/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

عن رغيدة وأخواتها وقمة باريس

نشر بتاريخ: 05/06/2016 ( آخر تحديث: 05/06/2016 الساعة: 11:05 )

الكاتب: مصطفى ابراهيم

سارعت الفصائل الفلسطينية بإصدار بيانات الإدانة والرفض لقمة باريس بينما لم يصدر أي تصريح إستنكاري أو نقدي لمبادرة صاحب السلام الدافئ، ولم يلتفت الناس في قطاع غزة لتصريحات الفصائل الفلسطينية وتحذيراتها من قمة باريس لحل القضية الفلسطينية وخطورتها في غياب أصحابها عن حضورها، بينما لفتهم قول نسب لنائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية في خطبة الجمعة إن العيشة في قطاع غزة رغيدة.

وثار جدل حول القول المنسوب لأبو العبد هنية ومدى صدقه وكذبه وقسوة العيش والحياة في القطاع، وتزامنه مع مرور ذكرى عشر سنوات على الحصار منذ فوز حركة حماس في انتخابات 2006، وما تلاها من فرض اجراءات اسرائيلية قاسية وعقاب جماعي على الغزيين وتأثير ذلك على مجمل حقوق الإنسان الإقتصادية والإجتماعية والثقافية وتقويض حياة الناس وعدم تمكنهم من العيش بكرامة.

وبعد مراجعة وتدقيق من أعضاء حركة حماس ثبت أن أبو العبد هنية لم يقل أن الحياة في غزة رغيدة، وطالبوا من نشر بالاعتذار. من وجهة النظر الموضوعية من حق حماس ومحازبيها مطالبة من قالوا ما لم يقوله أبو العبد بالتراجع والاعتذار عن ما كتبوه من نقد.
لكن هل هذا هو المطلوب وهل هذه الحقيقة والمشكلة؟ صحيح ان كثر تسرعوا، لكن كي لا ننسى أن ابو العبد لم يقل ذلك لكنه قال كلام شبيه به في مناسبات مختلفة وليس الوحيد الذي يصور ان اوضاع غزة عال العال وأنها بخير وفلة شمعة منورة، فالمهندس زياد الظاظا عندما كان نائب رئيس الوزراء وبعد ان ترك المنصب الذي لم يتركه، لم ينفك عن القول ان اوضاع غزة الاقتصادية والاجتماعية بخير وان معدلات النمو في الاقتصاد والتنمية في ارتفاع كبير ونسب البطالة والفقر في تراجع، وغزة واحة الأمن والأمان.
وقبل عدة سنوات ابو العبد هنية قال ان الحصار في الربع ساعة الاخيرة، ويوم الجمعة قال ان غزة تجاوزت الحصار وخرجت من عنق الزجاجة ولا خوف عليها ولا يوجد فيها ظالم ومظلوم.

كيف تجاوزت حماس الحصار، الا إذا كان يقصد إمكانات حركة حماس وبقاءها في الحكم، وكيف خرجت غزة من عنق الزجاجة وحماس تحيي ذكرى عشر سنوات على فرض الحصار، وإقامة نشاطات وفعاليات وتظاهرات ومن ضمنها احياء ذكرى شهداء سفينة ما في مرمرة التركية.
هل هذه هي الحقيقة، بالطبع ليست الحقيقة، فالأوضاع في قطاع غزة كارثية وحماس قبل غيرها تحذر من الانفجار، والناس يعيشوا شظف الحياة وقسوة الحال وبؤس الاحوال.

وحماس نفسها وموظفيها تعاني أزمة خانقة ولم تستطع توفير رواتبهم ويعيشوا على نظام السلف، والحلول الإبداعية التي وضعتها لحل أزمة موظفيها تعبر عن بؤس الحال، سواء باستبدال مستحقات الموظفين بالأراضي او في خطوة ثانية وحل جديد منحهم سيارات.
ما نسب لأبو العبد هو أحد تجليات الإنقسام والخلاف السياسي وإستغلاله من اطراف عديدة وعدم رضا الناس عن حكم حماس وحالهم واحوالهم، ويوضح مدى اهتمام الناس في تفاصيلهم اليومية على حساب القضية الفلسطينية والمخاطر التي تحيط بها. وفي غياب الشفافية وحق الناس بالحصول على المعلومات تنتشر الشائعات ويصدق الناس أي شيء يقال، فالناس يدركون واقعهم وهم ليسوا بحاجة لتجميله هم بحاجة الى الحقيقة وادراكهم الواقع بدون تجميل وبشفافية ومصارحتهم بحقيقة واقعهم وحالهم البائس، وعدم انكاره لمواجهة الشائعات والتلفيقات.