الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

التوجة الى المنظمات الدولية بين الأبعاد السياسية والمهنية

نشر بتاريخ: 09/06/2016 ( آخر تحديث: 09/06/2016 الساعة: 11:35 )

الكاتب: عقل أبو قرع

مع انضمام فلسطين الى العديد من المنظمات الدولية في الفترة القليلة الماضية، والتي في معظمها جاءت نتيجة الحصول على وضع الدولة غير ألعضو في ألامم المتحدة، من المفترض التركيز أكثر على الجوانب المهنية لذلك، أي على ألفوائد التي من الممكن الحصول عليها نتيجة ألانضمام الى هذه المنظمات، وما يتفرع عنها من معاهدات ومن اتفاقيات ومن تمويل وتدريب ومتابعة، حيث أن التوجة الى المنظمات الدولية، يمكن ان يأخذ أطارين، أو ان يتم تحت مظلتين، الاطار السياسي أو الرغبة في تحقيق أهداف سياسية، والهدف الاخر هو الهدف التقني أو الفني، أي الاستفادة من هذه المنظمات وهي كثيرة، في تحقيق اهداف او مصالح لها علاقة بالاقتصاد، والسياحة والثقافة والتعليم والصحة والطفل والمرأة والمياة والبيئة وغير ذلك، اي الاستفادة من المشاريع او من البرامج المتخصصة التي تقوم بها هذه المنظمات من خلال الحصول على العضوية الكاملة فيها، والتي في احيان كثيرة هي الشرط للاستفادة وللمشاركة ولتبادل الخبرات من ضمن عمل هذه المنظمات.

ومن الامثلة على ذلك الانضمام مثلا الى منظمات الامم المتحدة، الفنية والمتخصصة في مجالات الصحة والمياة والبيئة، حيث أن منظمات البيئة الدولية هي متعددة، ومجال عملها، يدخل في صلب الاولويات البيئية الفلسطينة، ونحن في ألحاجة الماسة اليها، وذلك بسبب اوضاعنا البيئية المميزة، من ضحالة المصادر الطبيعية، ومن ضيق المساحة الجغرافية، ومن الكثافة السكانية، ومن القيود او الاثار البيئية بسبب الاحتلال والاستيطان، وبالتالي من الممكن ان نستفيد منها، سواء من حيث امكانية الاستفادة المادية، من حيث احتمال الحصول على التمويل او جزء من الميزانيات المرصودة للمشاريع المنبثقة عن الاتفاقيات، او على شكل مصادر اخرى مثل النشرات والكتب والاجهزة، او حتى الحصول على الخبرة، من خلال المشاركة في الاجتماعات واللجان والمشاريع الناتجة عنها.
وكذلك من الممكن ان نستفيد من منظمات البيئة الدولية، التي تهدف الى الحد من ظواهر تغير المناخ السلبية، ومن تخفيض الغازات المنبعثة الى الجو، ومن الحفاظ على طبقة الاوزون، ومن الحد من ظاهرة" الاحتباس الحراري" وارتفاع درجة حرارة الارض، وكذلك مكافحة التصحر والجفاف، والاتفاقيات المتعلقة بمراقبة التلوث وحركة المواد الكيميائية الخطيرة، وتبادل المعلومات حول المتاجرة بالمبيدات الكيميائية، واتفاقيات الحفاظ على التنوع الحيوي، والتوعية والتثقيف البيئي وغيرهما، واتفاقيات فحص جودة المياة، وما ينطبق على الاستفادة من منظمات الامم المتحدة البيئية، يمكن ان ينطبق على مجالات اخرى، مثل الصحة والتعليم والثقافة والتراث والسياحة والزراعة والعمل وتطوير القدرات البشرية وما الى ذلك من مجالات متخصصة نحن في امس الحاجة اليها.

وفي المجال البيئي نعرف أن ألجانب ألاسرائيلي ما زال يسيطر او يتحكم في المصادر الطبيعية الفلسطينية ، وحتى ما زال يتدخل في قضايا بيئية فلسطينية محضة، حيث قبل فترة اشترط من أجل تشغيل او بدء العمل في مكب نفايات" المنيا"، الذي يقع جنوب مدينة بيت لحم، بالسماح للمستوطنات المتواجدة في المنطقة بأستخدامة، اي التخلص من نفايات المستوطنين في المكب، ويقع المكب في اراضي قرية تقوع الفلسطينية، وتم تمويل الجزء الاساسي من اقامتة من عدة جهات مثل البنك الدولي وهيئات دولية اخرى، وبهدف بيئي صحي واضح، وهو التخلص السليم من النفايات الصلبة في المنطقة، وبالتالي فأن نفايات المستوطنين، ليست فقط تضر بالبيئة الفلسطينية، ولكن تمنع حتى الاستفادة من مشروع الهدف منة حماية هذه البيئة والحفاظ عليها للاجيال والنشاطات القادمة.

وفي هذا الصدد كذلك، ما زلنا نسمع عن أستمرار تدفق المياة العادمة وبما تحوية من ملوثات، من المستوطنات الاسرائيلية الى المناطق الفلسطينية المحيطة بها، وبالتحديد القرى الفلسطينية، سواء اكان ذلك في منطقة بيت لحم، او في بعض قرى رام اللة، او بالتحديد في منطقة سلفيت، والقرى المحيطة بمستوطنة "ارائييل" التي تعتبر من اكبر المستوطنات الاسرائيلية في المناطق الفلسطينية، والتي تشير التقارير الى انها تصب كميات كبيرة من المياة العادمة يوميا الى اراضي الفلسطينيين، وبالطبع ما تحوية هذه المياة العادمة من مواد كيميائية ومن معادن ومن ملوثات بيولوجية تترسب في التربة وتحد من خصوبتها، أواذا كانت هذه التربة مزروعة فأنها تقضي على الاشجار او تدمرها او تحرقها، أو أن هذه الملوثات ترشح ومن خلال حبيبات التربة ومن ثم تصل الى خزانات المياة الجوفية في المنطقة، وكذلك امكانية التسبب بامراض مزمنة واثار بعيدة المدى في المنطقة.

وفي أطار الحديث عن ألانضمام الى المنظمات الدولية، فقد أعتمدت قبل فترة لجنة تابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة والمعنية بالمسائل الإقتصادية والمالية، وبأغلبية ساحقة لمشروع قرار بعنوان "السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة على مواردهم الطبيعية"، بما فيها الأرض والمياه، ويعترف بحقه في المطالبة بالتعويض نتيجة لإستغلال موارده الطبيعية وإتلافها أو ضياعها أو إستنفاذها أو تعريضها للخطر بأي شكل من الأشكال بسبب التدابير غير القانونية التي تتخذها السلطة القائمة بالإحتلال، في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، سواءمن خلال بناء المستوطنات اوتشييد الجدار، والتي تشكل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي والرأي الإستشاري لمحكمة العدل الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات العلاقة ، وبالطبع فأن هذا القرار ورغم الممارسات والمنع والقيود والشروط الاسرائيلية على الارض، الا ان ذلك يعني التزامات قانونية واقتصادية واخلاقية وانسانية لصالح الفلسطينيين والبيئة الفلسطينية.

وبالتالي، فأن خيار التوجة الى المنظمات الدولية، والنتائج المرجوة منه، سواء اكانت في الجانب السياسي، او في الجانب الفني التقني المتخصص، من المفترض ان يكون مدروسا، من حيث الايجابيات والسلبيات، ومن حيت الاجراءات والنتائج المتوقعة، والاهم من حيت التواصل مع المواطن لاخبارة وللشرح لة أهمية ألقيام مثل هكذا خطوة او خطوات.