نشر بتاريخ: 12/06/2016 ( آخر تحديث: 12/06/2016 الساعة: 12:38 )
الكاتب: اكرم عطالله العيسة
في السادس من هذا الشهر حزيران قام القس ديزموند توتو بارسال رسالته الى لجنة نوبل للسلام مرشحا مروان برغوثي لنيل جائزة نوبل للسلام، وبذلك فقد حذا حذو الناشط الارجنتيني اسكافيل الحاصل على جائزة نوبل للسلام عام 1980 الذي تقدم بترشيحه لمروان بداية هذا العام.
دزموند توتو ابن الخامسة والثمانون عاما لم تنل منه ولا من عزيمته سنوات النضال الطويلة ضد الفصل العنصري في جنوب افريقيا، حيث اختار الوقوف الى جانب شعبه والدفاع عن حقوق السود اتجاه اكبر نظام عنصري عرفه القرن العشرين الى ان تحقق النصر وتم الافراج عن المناضل الاممي نيلسون مانديلا، فشكلا معا ثنائيا سيسجل التاريخ الانساني اسمائمها باحرف من نور.
"اذا كنت محايدا في حالات الظلم فقد اخترت ان تكون مع الظالم" هذا ما قاله ديزموند توتو وآمن به ولم ينحصر اهتمامه في جنوب افريقيا ولا في قارة افريقيا على الرغم من كل المآسي والهموم والنزاعات والعنصرية التي تعصف بالقارة السوداء، بل امتد للشأن الفلسطيني والاحتلال الاسرائيلي، وقد تبنى موقفا صريحا وواضحا من الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، حيث قال عندما زار فلسطين عام 1989" انا اسود من جنوب افريقيا، واذا استبدلنا الاسماء فان ما يحدث في فلسطين مماثل لما حدث في جنوب افريقيا" وهو بذلك وقف مع المظلوم ومع الحق كما كان دوما.
لا يمكن فصل رسالة القس توتو وترشيحه لمروان البرغوثي عن سياق العلاقة التاريخية بين جنوب افريقيا و فلسطين واوجه الشبه الكبيرة في الحالة النضاليه لكلا الشعبين، خاصة ان اسرائيل كانت قد ارتبطت بعلاقة استراتيجة مع نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا، مما عزز العلاقة بين رموز النضال الفلسطيني ورموز النضال الجنوب افريقي، وقد تعززت بشكل غير مسبوق بعد تحرر نيلسون مانديلا وانتهاء نظام الفصل العنصري. حيث اعتبر نيلسون مانديلا من احد الداعمين الاساسيين للقضية الفلسطينيه، كما وشكل وما زال حالة رمزية ومثال نضالي يحتذي به من كل فصائل العمل الوطني الفلسطيني. ومن الجدير ذكره انه ارتبط ايضا بعلاقات شخصية قوية مع معظم رموز العمل الوطني الفلسطيني وخاصة ياسر عرفات.
وبالتالي فان الدور الذي يلعبه القس ديزموند توتو حاليا، سواء عملية ترشيح مروان البرغوثي او حملة المساندة للأسرى الفلسطينيين في المعتقلات الاسرائيلية هو استكمال لذلك الدور الذي خطه مع المناضل الراحل مانديلا ورفيق دربه وسجنه المناضل احمد كاترادة.
عام 2013 كان للقس ديزموند توتو دور اساسي ومميز في الحملة الدولية التي اطلقها احمد كاترادة،ذلك القامة الجنوب افريقية المميزة الذي شارك نلسون مانديلا السجن والنضال لاكثر من عقدين من الزمن، واختار جزيرة روبن ايلاند لاطلاق الحملة المنادية بالافراج عن الاسرى الفلسطينيين. ان هذا الاختيار الرمزي للسجن العنصري الجنوب افريقي هو بحد ذاته ايمانا بانه ومثلما انتهى نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا فان الاحتلال الاسرائيلي للارض الفلسطينية سينتهي وان معتقلي الحرية سينالون الحرية. وبالتالي فان حملة اطلاق سراح مروان البرغوثي قد حظيت بدعم سبعة من الحائزين على جائزة نوبل للسلام.
رسالة القس ديزموند توتو الى لجنة نوبل للسلام في اوسلو العاصمة النرويجية لا تمثل فقط دعم وترشيح مروان البرغوثي لنيل جائزة نوبل للسلام، بل توثق لتاريخ الاحتلال ليس فقط منذ العام 1967 انما يقول ان " فلسطين ستتذكر قريبا مرور 70 عاما على النكبة التي سببتها اسرائيل للشعب الفلسطيني، والتي قادت الى تهجير وتشريد الشعب الفلسطيني" ويقول ايضا ان اسرائيل قد اعتقلت اكثر من 850 الف فلسطين منذ العام 1967 وهي بذلك الاكبر من حيث الاعتقالات التعسفية في التاريخ المعاصر"
ديزموند توتو في رسالته عبر عن قناعته بان المعتقلين الفلسطينين ليسوا ارهابيين وانما هم مقاتلي حرية وقال ان وجود 7000 معتقلا فلسطينيا في السجون الاسرائيلية في الوقت الراهن هو اعتقال وانكار ونفي لامة باكملها وانكار لحقوقها من الخلاص من الظلم والحصار. كما وقال: ان مروان البرغوثي قد حارب من اجل الحرية والسلام.
ان القس توتو يعتبر ترشيح مروان البرغوثي لجائزة نوبل للسلام له رمزية ودلالة على شرعية النضال الفلسطيني في سبيل نيل حقوقه المشروعة، وبان على العالم ان يعي مدى اهمية مثل تلك الخطوات في دعم الشعب الفلسطيني. وان مثل هذا الموقف الصادر عن شخصية دينية مسيحية كبيرة على المستوى العالمي، ومن شخص حاصل على جائزة نوبل للسلام ليس فقط من شأنه ان يعزز فرص حصول مروان البرغوثي على جائزة نوبل للسلام بل انه رسالة للعالم تطالبه الوقوف ضد اسرائيل وعنصريتها واستمرار احتلالها للارض الفلسطينية.
الكلمات والمواقف التي وردت في رسالة القس توتو هي كلمات تعبر عن فكر وانتماء واصرار رجل ادرك بعد مشاهداته العديدة وعن قرب لما يحدث في الاراضي الفلسطينية المحتلة من قبل دولة الاحتلال، تخطى توتو الموقف التقليدي للكثيرين من رجال الدين الذين يختارون المواقف الوسطية ذات الصيغ التسامحية العامة فاختار وباصرار ان يكون صاحب موقف يدافع عن المظلومين.