نشر بتاريخ: 12/06/2016 ( آخر تحديث: 12/06/2016 الساعة: 12:31 )
الكاتب: عقل أبو قرع
أثار الاعلان خلال الايام القليلة الماضية، عن اكتشاف حوالي عشرة اطنان من التمور الفاسدة في منطقة القدس، وحوالي 15 طن من الدجاج الفاسد في طولكرم و600 كيلوغرام من نفس الدجاج في نابلس، اثار الارباك والقلق والخوف بل الرعب عند المواطن والمستهلك والناس عامة، وبالاخص في شهر رمضان ألمبارك، حيث وفي ظل الارتفاع الخيالي في أسعار اللحوم الحمراء، يتجة غالبية ألناس الى الاقبال على اللحوم البيضاء، اي على الدجاج، والمرعب في الموضوع أن اكتشاف واتلاف هذه الكمية الضخمة من ألدجاج الفاسد، لا يعني أنة قد تم أتلاف الكل، حيث من المتوقع أن جزءا من هذا الدجاج ومن غيرة من المنتجات الفاسدة الاخرى ما زال في المخازن بأنتظار اللحظة المناسبة للتوزيع، وجزءا أخرا قد وصل الى الاسواق وما زال فيها، وجزءا أخر قد تم التهامة من قبل الناس، وبالاخص أنك ترى اصطفاف الناس وبطوابير في محلات بيع الدجاج هذه الايام في شهر رمضان المبارك.
وحسب تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية، فأن حوالي 2 مليون شخص يموتون سنويا، بسبب الاغذية الملوثة او الفاسدة، والتي تشمل الماء والغذاء، ومنهم حوالي مليون ونصف المليون من الاطفال الذين يموتون بسبب امراض الاسهال، الناتجة في غالبيتها عن الطعام الملوث، وحسب المنظمة فأن الاطعمة الفاسدة هي المسبب الرئيسي لحوالي 200 نوع من الامراض المختلفة، سواء بسبب البكتيريا، أو الفيروسات، أو الطفيليات، اوبسبب تلوثها بالمواد الكيميائية والاشعاعية، حيث يمكن ان يحدث التلوث في المزرعة، او خلال السلسلة التي من خلالها يصل الطعام الى المائدة ومن ثم الى الانسان، والطعام الملوث كيميائيا، يمكن ان يؤدي الى امراض مزمنة أو الى تداعيات صحية بعيدة المدى، مثل امراض السرطان، والتغيرات العصبية والخلقية وغيرهما.
وفي العام الماضي، ولايلاء هذا الموضوع ألاهمية الكبرى، فقد تم الاحتفال في يوم الصحة العالمي، تحت شعار" سلامة الطعام من المزرعة الى المائدة"، وبدون شك ان اهمية هذا الموضوع تتجلى بوضوح في بلادنا، حيث لا يكاد يمر يوم والا نسمع عن اكتشاف او عن ضبط ومصادرة واتلاف اطعمة ومنتجات فاسدة وبأنواعها، وهذه الدوامة اصبحت مكررة ومملة، وتحتاج الى تدخل نوعي، يهدف الى ايجاد حلول جذرية لموضوع الاطعمة الفاسدة او غير الصالحة في بلادنا، ومنها تشكيل هيئة تمثيلية وموضوعية وعلى اساس علمي، كمرجعية أو كاطار موحد، يعمل من أجل الحفاظ على سلامة الغذاء والدواء في بلادنا؟
ومن المعروف ان هيئة "ادارة الغذاء والدواء الامريكية "، تعتبر من اكثر الهيئات قوة وسلطة، ليس على صعيد الولايات المتحدة الامريكية فقط، ولكن على صعيد العالم، ولا يمكن لاي منتج دوائي او غذائي، ان يمر وان يجد طريقة الى السوق ومن ثم الى المستهلك، الامريكي او العالمي، قبل ان يمر بأجراءات طويلة ومريرة ومعقدة ومكلفة، وان يجتاز العديد من التجارب والفحوصات، قبل ان يصل، وحتى بعد ان يصل الى السوق، ومن المعروف ان رئيس او مفوض الهيئة، يتم ترشيحة من قبل الرئيس الامريكي مباشرة، ولكن يحتاج الى موافقة " الكونغرس الامريكي" لكي يباشر عملة، وبالتالي فأنة يحظى بالسلطة والقوة والثبات في الموقع والاحترام عند المواطن او عند المستهلك الامريكي، سواء من خلال ما يتعلق بفعالية وامان الادوية وبأنواعها، او من خلال ما يتعلق بسلامة وعدم فساد منتجات غذائية وبانواعها الكثيرة.
وفي بلادنا، ورغم الجهود والخطوات التي قامت وتقوم بها، الجهات الرسمية وغير الرسمية للتعامل مع ظاهرة الاطعمة الفاسدة، وبالتحديد في ظروفنا أو في واقعنا الخاص، الا ان هذا الموضوع، ما زال يثير القلق والارباك والحيرة، عند المواطن الفلسطيني، وبالاخص انة يدرك ان ما يتم اكتشافة او ما يتم الاعلان عن ضبطة واتلافة، لا يمثل الا الجزء البسيط، من تلك المواد الموجودة في السوق، والذي وبدون شك، جزء لابأس به، يصل الى المائدة، ومن ثم الى ايادي وبطون المستهلك، وما لذلك من اثار وتداعيات، ان لم نلمسها الان، فأنة قد يكون لها انعكاسات بعيدة المدى.
وفي بلادنا، وفي ظل مواصلة ضبط ومصادرة مواد فاسدة متعددة، فالمطلوب أجراء عملية تقييم لعمل الجهات العاملة في هذا المجال، وهذا امر روتيني عادي تقوم بة جهات كثيرة وذلك لتقييم عملها ولتبيان النقاط الايجابية ومن ثم تدعيمها، وكذلك لتبيان السلبيات ومن ثم العمل على تجاوزها، وحتى تتم عملية التقييم، ومن اجل طمأنة المستهلك، فالمطلوب من الجهات الرسمية وغير الرسمية المهتمة بسلامة الغذاء والدواء ولمنع وصول المواد الفاسدة للناس، وضع برنامج منظم ومتكامل من اجل سحب عينات عشوائية، سواء اكانت من الخضار او من الفواكة، او من الدواء، او حتى من الخبز والكعك، والحليب ومشتقاتة، واجراء الفحوصات الروتينية لهذه العينات، في مختبرات تم اعتمادها، وتم التأكد ومن خلال مختصين بجاهيزتها، سواء طاقمها او اجهزتها، والاهم كذلك نشر نتائج الفحوصات من خلال الاعلام، لكي تصل الى المستهلك.
وللتخفيف من حالة القلق والهلع التي تصيب الناس هذه الايام، أو بعد كل أعلان عن أكتشاف أغذية فاسدة، وفي ظل وجود جهات عديدة عندنا، سواء اكانت رسمية أو غير رسمية، تعمل في مجال سلامة الطعام والمنتجات، والذي قد يؤدي في احيان عديدة الى تضارب أو الى غياب التنسيق بين هذه الجهات، أو حتى الى مبادلة الاتهامات وتحميل المسؤولية حين يكون هناك اشكال أو مشكلة، لذا فأنة من الاحرى المبادرة من اجل انشاء أطار واحد يضم كافة الجهات العاملة في مواضيع سلامة الطعام والدواء، تندرج تحت مظلة مجلس الوزراء أو رئيس الوزراء مباشرة، وتعمل على تحديد الاولويات وتوفير الامكانيات تحت مظلة واحدة، وتكون العنوان الاوحد الذي يلجأ اليها المستهلك والمسؤول والمختص والمواطن، والتي سيكون الهدف الاساسي لها تهدئة الناس من الهلع ومن الخوف وفتح قنوات حقيقية للتواصل مع ألمواطن أو مع ألمستهلك، لان ألمواطن أو المستهلك هو اللبنة ألاساسية للابلاغ عن ولتأمين مكافحة مستدامة وفعالة، لدوامة ألاغذية ألفاسدة في بلادنا.