الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

في دائرة الظل

نشر بتاريخ: 13/06/2016 ( آخر تحديث: 13/06/2016 الساعة: 11:17 )

الكاتب: د. عماد أبو الجديان

من المؤكد أن الواقع الفلسطيني يعيش حالة عدم وضوح في الرؤية. فالواقع الفلسطيني مرير على المستوى السياسي والاقتصادي والإنساني، ويرجع سبب ذلك إلى حالة الانقسام التي تعاني منها وحدة الصف والموقف، والخلاف بين الفصائل الفلسطينية.

واللافت في الأمر انشغال بعض القادة والمسؤولين الفلسطينيين في الخلافات والتعامي عن رؤية المستقبل في تقييم الواقع وطرق معالجته. وبغض النظر على أسباب الخلاف بين الطرفين (حركة حماس في غزة، وفتح في الضفة الغربية) سواء كان حول التنافس على قيادة الشعب الفلسطيني، أم أن الخلاف هو تصحيح لمسار القضية التي أصبحت على أدنى سلم أولويات المجتمع الدولي؟ الأمر الذي ينعكس دوماً بالسلب تجاه هموم المواطنين والقضية معاً.

وما بين هذا وذاك؛ يعيش المواطن بين تراشقات إعلامية بين غزة والضفة وواقع مليء بأزمات خانقة تقضي على عجلة الاقتصاد الذي يعتبر الرئة التي يتنفس منها. فما بين الحصار وأزمات مختلقة هنا وهناك كأزمات ارتفاع الأسعار، والفقر والبطالة وتكدس أعداد الخريجين بلا عمل، وأزمات مستحقات العديد من أسر الجرحى والشهداء، وأزمة الكهرباء والغاز والوقود والاسمنت، وأزمات المعابر، يفتقد الواقع أي مقومات للعيش المقبول على الأقل في قطاع غزة.

واقع مرير في غزة، وواقع لا يقل مرارة في الضفة الغربية، حيث الاستيطان يبتلع الأرض الفلسطينية، ويتم التضييق حتى الخناق على المقدسيين في نهج للقضاء على الطابع العربي لمدينة القدس محج الناس للعبادة، في مسعى لتهويد الدولة. ومن المؤسف أن الوضع الفلسطيني يوفر تربة خصبة فقط لمرور المخططات الإسرائيلية نحو التنفيذ، بينما يغرق الواقع الفلسطيني في مزيد من الظلام والبؤس.

وعلى مستوى المسؤولين، لا يختلف أحد على أن الوطنية لدى بعضهم لا تعدو أكثر من كونها مبادئ يتم التجارة بها لتحقيق مصالحهم الخاصة على حساب الأخرين، فأصبح عدد الذين يعملون من أجل الصالح الوطني العام هو عدد محدود جداً.
ومن المؤسف أن الجميع ما بين مواطن ومسؤول انشغل بالشأن الداخلي ما بين أزمات وكيفية علاجها والخروج منها، بدلا من التفكير في الشأن الفلسطيني وهموم القضية ومنها الأرض، والحدود، والمستوطنات، واللاجئين والقدس. ولا يستطيع أحد إنكار أن الخلاف السياسي بين فتح وحماس أثّر على وحدة كلمتنا أمام المجتمع الدولي.

إن ما يجري على الساحتين المحلية والدولية وشلل الوضع الداخلي لغزة، وابتلاع الاستيطان لأراضي الضفة، ووجود القضية الفلسطينية بأكملها في دائرة الظل يستوجب وقفة من السادة المسؤولين والقادة الفلسطينيين في تبني موقف جاد في انهاء الصراع الفلسطيني ومواقف الخصومة وتبني كلمة موحدة واتخاذ موقف مشرف لعلاج قضايا وهموم المواطن الداخلية وعلاج الأزمات المتلاحقة في غزة والضفة، إلى جانب توحيد كلمتنا أمام المجتمع الدولي والتي لن تكون إلا تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية بعد انضمام جميع الفصائل الفلسطينية الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني.
على الرغم من أن معالجة الأزمات الجديدة القديمة المتلاحقة هو ضرورة ملحة، ولكن يبقى وضع ملف القضية الفلسطينية إلى دائرة الضوء من جديد على الطاولة الدولية من أجل تحرير الأرض حتى أخر شبر، وإقامة دولتنا الفلسطينية الأبية وعاصمتها القدس الشريف، وعودة اللاجئين وتحرير جميع الأسرى هو الهدف الأساسي لكل قائد ومسؤول وفلسطيني حر وغيور على الوطن والقضية.