السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

زيارة أمين جامعة الدول العربية لرام الله المحتلة

نشر بتاريخ: 14/06/2016 ( آخر تحديث: 14/06/2016 الساعة: 10:32 )

الكاتب: حيدر عيد

هناك العديد من الأسئلة التي يجب طرحها بخصوص زيارة الأمين العام لجامعة الدول العربية د. نبيل العربي لرام الله المحتلة, و مدى جدية النظام الرسمي العربي في إيجاد حل يكفل تطبيق قرارات الشرعية الدولية من انهاء للاحتلال و عودة اللاجئين و انهاء سياسة الأبارتهيد الممارسة ضد فلسطينييي 48.

مما لا شك فيه ان السيد الأمين العام يمثل النظام الرسمي العربي برمته, و لكنه أيضا سياسي مخضرم يتقن الحديث البليغ , و المبالغ به أحيانا, في دعم الشعب الفلسطيني. و كنا قد استبشرنا خيرا حينما تم تعيينه وزيرا لخارجية جمهورية مصر العربية بعد تخلي حسني مبارك عن كرسي الرئاسة. و كان من أول تصريحاته أن تعامل نظام مبارك مع غزة و إغلاقه الشريان الوحيد للقطاع على العالم الخارجي لا يمكن وصفه إلا "بالمخزي".

و لكن السؤال الذي يتجنبه السيد العربي هو: لماذا لم يقم السيد الأمين العام بزيارة قطاع غزة المحاصر؟ و هل لا يكفي سقوط أكثر من 2200 شهيد, منهم 520 طفلا, و 12000 جريح في مجزرة غزة عام 2014 لإقناعه بزيارة تضامنية؟ أو ليس تجنبه زيارة القطاع طيلة فترة تولي الأمانة العامة هو بحد ذاته موقف سياسي لا لبس فيه؟

و هل زيارته, كأمين عام جامعة الدول العربية, لرام الله تتم بدون التنسيق و التعامل مع جيش الاحتلال؟ بصيغة أخرى, أليست موافقة الاحتلال على زيارته شرطا لدخوله الأراضي المحتلة؟! و بالتالي تُعتبر تقويضاً لمعايير المقاطعة العربية التي تم الإجماع عليها من المجتمع المدني الفلسطيني و العربي؟!

هل المهارة الدبلوماسية تعني الرضوخ للواقع على حساب المبادئ الانسانية؟ و بالتالي يصبح التأكيد على تطبيق القانون الدولي بحذافيره موقفا عدميا؟ بمعنى أن الموقف الذي كان يجب على الأمين العام اتخاذه هو الاصرار, و من منطلق حقوق الانسان و القانون الدولي, على رفع الحصار عن غزة, والتزام إسرائيل بالمعايير الدولية و حقوق الإنسان قبل أن يفكر بزيارة رام الله و هي تحت الاحتلال. ان الزيارة التي كان يجب أن يقوم بها الأمين العام هي لغزة, و لكن بدون الاعتراف بحكومة الأمر الواقع في القطاع, القطاع والذي وصفته منظمة حقوق الإنسان الاسرائيلية بيتيسيليم بأنه "أكبر سجن على سطح الأرض" و ما يحصل لسكانه هو, و كما قال المقرر الخاص للأمم المتحدة ريتشارد فولك, "مقدمة لابادة جماعية", و أنهم يعاملون بدرجة أقل من الحيوانات, حسب الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر. هذه هي الزيارة التي لا تتطلب مواجهة أي جندي إسرائيلي و لا موافقة سلطات الاحتلال, و بالتالي تجنب شبهة تقويض معايير المقاطعة, إن لم تكن تطبيعا عربياً سافراً من أمين عام أكبر مؤسسة عربية.

و الحقيقة هي أن الموقف الشعبي من النظام الرسمي العربي المحتضر و مؤسساته خالية المضمون يتم تلخيصه بالسؤال التالي: أين كان هذا النظام في أعوام 2009, 2012, و 2014. ؟ لماذا لم يكرس الأمين العام جل وقته لوضع حد لمجزرة 2014؟ أو عمليا انهاء الحصار و الذي أدى حتى هذه اللحظة لوفاة آلاف المرضى الذين كان من الممكن علاجهم؟ و اذا لم يكن السيد الأمين العام يستطع ذلك فلماذا التمسك بالمنصب.

الا يستدعي قتل الألاف و تشريد عشرات الالاف و هدم المنازل و المنشات و دور العبادة و استخدام قنابل الفوسفور المحرمة دوليا على مدنيين كلهم من العرب, الذين تمثلهم الأمانة العامة لجامعة الدول العربية, من الأمين العام اتخاذ قرارات غير اعتيادية تتخطى الخطب الرنانة و الجولات المكوكية عديمة الجدوى؟ و الالتزام بقرارات مقاطعة اسرائيل و عدم زيارتها, أو زيارة الأراضي الفلسطينية المحتلة طالما أنها تحت حراب الاحتلال؟ و من الواجب عليه أن يتساءل لماذا تسمح له إسرائيل بزيارة رام الله المحتلة و تمنع المقرر الخاص السابق لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة, ريتشارد فولك, وهو صديق مقرب له, من دخول فلسطين بعد احتجازه و استجوابه لعدة ساعات في مطار اللد؟

كنا نتمنى أن يقوم د. نبيل العربي, و هو الخبير المخضرم في القانون الدولي, بزيارة رام الله و هي محررة في دولة فلسطين بعد عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى القرى و المدن التي طُهروا منها عرقيا عام 1948, و بعد سقوط نظام الأبارتهيد الاسرائيلي, و انصياع اسرائيل للحد الأدنى من القوانين الدولية. هل كان سيزور جنوب أفريقيا و هي تحت نظام الأبارتهيد و يعمل على تقويض معايير مقاطعة ذلك النظام البغيض؟!