نشر بتاريخ: 14/06/2016 ( آخر تحديث: 14/06/2016 الساعة: 15:12 )
الكاتب: أمين خير الدين
يتمثل العقاب الجماعي في عقاب عائلات ومجتمعات وأحياء وقرى ومدن بأكملها بسبب فعل قام به فرد أو أفراد قلائل.
ويتمثل أيضا في محاصرة البيوت، وهدمها، وفي منْع التجول، ومصادرة الممتلكات، والأراضي، واقتلاع الأشجار وحرق الزرع أو إتلافه، وفي تدمير بُنى تحتية كمصادر المياه وشبكاتها، وشبكات الكهرباء، ومياه الصرف الصحي، والاتصالات، والمواصلات، وإغلاق المواقع الثقافية والتعليمية في القرى أو المدن أو الأحياء أو حتى في الشوارع، كما يتمثّل العقاب الجماعي بأبشع صوره في الترحيل الجبري والطرد من الوطن.
العقاب الجماعي محظور حسب القانون الدولي، لقد نصّت المواد 31، 32، 33 من اتفاقيّة جنيف الرابعة لسنة 1949 صراحة على منع معاقبة أي شخص عن مخالفة أو جنحة أو جريمة لم يرتكبها.
والعقاب الجماعي ممنوع حسب القانون الإسرائيلي، في كتاب القوانين، على الأقل، لكنه يُمارس عندما يتعلق الأمر بالسكان العرب.
تُمارِس إسرائيل العقاب الجماعي مع السكان العرب، خاصة في الضفة الغربية المحتلة، وقطاع غزّة المُحاصَر منذ زمن طويل، مارسته بالترحيل الجبري، واقتلاع السكان من بيوتهم، وقراهم، ومدنهم، ومن أرضهم، واعتقلت الآلاف منهم إداريا، ولم تقدمهم للمحاكمات، وقتلت، وتقتل مُتَعَمِّدة، ميدانيا وبلا مُحاكمات، على الحواجز وعلى الشوارع، وحتى أمام البيوت.بأسباب مُفتعلة، وعندما يكون في الإمكان تلافي هذا القتل.
كلّ جريمة مرفوضة.بغض النظر عن هوية مرتكبها، جريمة الهجوم في تل أبيب مرفوضة وغير مقبولة، كما أن الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل عام 1948 في دير ياسين وغيرها من القرى الكثيرة، وفي كفر قاسم عام 1956 وقتل الأسرى المصريين في سيناء، وضرب المدارس كمدرسة بحر البقر، أو المصانع، وفي قانا وصبرا وشاتيلا كلها مرفوضة هي أيضا.
ومرفوض أيضا العقاب الجماعي الذي فرضته إسرائيل، بعد الهجوم في تل أبيب، بإغلاقها مدينة يطّا على الآلاف من سكانها الأبرياء، وإلغاء تصاريح ل -83 ألف من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة، وإلغاء 204 تصريح عمل لأقارب الذين ارتكبوا جريمة تل أبيب، من قريب أو بعيد، وحصار قطاع غزة منذ خمس سنوات، وتحويله إلى اكبر سجن في العالم، لمليون ونصف مليون إنسان، منهم الأطفال والنساء والشيوخ، ومرفوض أيضا سلب الأراضي، وبناء المستوطنات، وإقامة جدار الفصل العنصري، كلها تعتبر عقوبات جماعية وجرائم حرب.
من حق إسرائيل تقديم مَنْ يرتكب جريمة إلى المحاكمة، لكن ما تفرضه من عقوبات جماعية مُخالف للقانون الدولي، وللمواثيق المتفق عليه عالميا، وقد أدانت هيئة الأمم المتحدة ما أقدمت عليه إسرائيل ووصفته بالعقوبات الجماعية وجرائم الحرب .
هذه العقوبات مرفوضة، لأنها تعود بالنتائج العكسية التي يدفع ثمنها الأبرياء فقط، فهي تزيد القهر واليأس، والشعور بضرورة مقاومة الاحتلال، وتدفع على الرد بالمثل، ليستمر مسلسل ردود الأفعال الانتقاميّة التي بدأت قبل أكثر من نصف قرن، ولا زالت حلقاته تتوالى وتزيد نزيف الدم الجاري، خير علاج لإيقاف نزيف الدم هذا ما قاله والد عيدو بن أري أحد ضحايا الهجوم في تل أبيب، وهو يودع ابنه ابن اثنين وأربعين عاما: "لا أريد انتقاما ، أريد أملا، أريد حلاّ"، الحل هو انتهاء الاحتلال والرضوخ للقوانين والمواثيق الدولية، وليس في العقاب الجماعي لأنه انتقام وليس حلا.