الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الغَوْغَاءُ

نشر بتاريخ: 15/06/2016 ( آخر تحديث: 15/06/2016 الساعة: 13:25 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

اليد العليا خير من اليد السفلى، والعاطي أفضل من المتسول، والباني أفضل من الهادم، والجَموع افضل من المشتت، والمحسن أفضل من المخس . وعن الرسول محمد صلوات الله عليه ( أن أخطر الفتن فتنة الدهماء ) وفي تفسير الدهماء انها فتنة لا تدع وجها الا لطمته، ولا تدع بيتا الا دخلته .
والمقصود بالغوغاء هو صوت الناس السفلة وصياحهم كمثل صوت الجراد ، اما الغوغاء من السفلة ورعاع الناس لكثرة صياحهم ولغطهم. وهم الهمج والسفلة الذي يشيعون الفوضى بين الناس .

ويرتع الغوغاء في غباء الدهماء، ويجدون نجاحا كبيرا في وسط الساذجين الذين يتفاعلون معهم ويصدّقون أقوالهم ، وأصل الكلمة دُهْم وجمعها دَهْماوات . والمقصود لغويا انها الأنام الضأن التي تأكل الاعشاب . فهم لا يفكرون وانما ينقادون بواسطة ، حتى لو كان الذي يقودهم كلب .


والدهماء لا يستطيعون الحكم ولا يسعون اليه، وهم الذين قتلوا العلماء والمبدعين وأطفأوا النور بأفواههم، اما الغوغاء فهم يرغبون أحيانا في الحكم ، قد يلبسون بدلات وربطات عنق وقد يرخون لحاهم ويرتدون لباس رجال الدين ويحفون شواربهم ويضعون زبيبة على جباههم، وقد يتنكرون بلباس العلماء ويختبئون وراء الشهادات الأكاديمية لكنهم لا يصلحون لاية مسؤوليات. ولا يمكن ان يسودوا او يقودوا .


الدهماء لا يشكلون خطرا محدقا على المجتمعات، لانهم عناصر خاملة لا يمكن تنشيطها الا بالتفاعل مع الغوغاء. فاذا تكالبوا على مجتمع ضعيف نهشوا لحمه وشربوا دمه ... اما اذا كان المجتمع قويا فانه يصدهم صدا ، ويردهم ردا .


ولا يقوى المجتمع الا بارادة سياسية، لان التطور العلمي والحضارة والمواصلات والاتصالات وخزائن المال والذهب وأبار البترول لا يمكن ان تكفي المجتمع شرور الغوغاء والدهماء الا بارادة سياسية .


وجود مشروع سياسي، وجود ارادة سياسية ، وجود فكر سياسي . هو الضامن لحماية المجتمع من مصاصي الدماء والغوغاء والدهماء ، وكلما وهن المشروع السياسي كلما زاد وهن المجتمع وترنح تحت ضربات الغوغاء والفلتان الامني .


ونحن لدينا مشروع سياسي ، هو الاكبر والاعظم والاصدق ، لدينا فلسطين نحررها ونبني عليها دولة حضارية ديموقراطية تليق بالاجيال من بعدنا .


زرعوا فأكلنا .. ونزرع فيأكلون .