السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الحق في الصحة فوق أي اعتبار

نشر بتاريخ: 16/06/2016 ( آخر تحديث: 16/06/2016 الساعة: 11:30 )

الكاتب: جاد الطويل

أكتب بحرقة عن أوضاع القطاع الصحي في فلسطين،لأنني أرى وأتابع وأوثق على مدار الساعة معاناة الكثيرين من أصحاب الامراض المزمنة. وإن أشهد على محدودية المصادر المادية والبشرية في علاج المرضى الفلسطينين، إلا أنني في المقام نفسه لن أعطي مجالا لأي مواطن أن يهول المعاناة التي يمر بهاأو التجني على أحد من المسؤولين أو المتطوعين، ولن أسمح لمسؤول أن يقلل من قيمة معاناة المواطن أو أن يحرم هذا المريض أو ذاك في حقه بالصحة والعلاج.

فما أكتبه لا حدود فيه لما يعانيه أي مواطن فلسطيني، بل يشمل تمثيل لمعاناة أبناء القرى والمخيمات والمدن بعموميتهم وخاصة من يعانون من أمراض مزمنة. فأبناء هذه الشرائح المهمشة يبحرون في قارب واحد تتجاذبه وتتقاذفه أمواج الحقيقة والأحاسيس والالام و ينتج عنه اضطراب في الحياة الاجتماعية والنفسية،وليس للمريض وحده بل له ولأبناء عائلته وللمجتمع المحيط به.

يتوقع الكثير ممن يتابعون مداخلاتي الإعلامية والمجتمعية أنني سأطرح معاناة شريحة مرضى نزف الدم الوراثي -الهيموفيليا في فلسطين. فأجيبهم بنعم، فهذه قضيتي التي أعلم بتفاصيلها بما فيه الكفاية، لتبرز قضايا كافة الشرائح المهمشة.فمن تجربة شخصية متراكمة وناحية إنسانية وتطوعية بحته أتبناها أطرح مفهوم الحق في الصحة للجميع وهي تمثل ما أومن به واسعى لتحقيقه لمرضى نزف الدم ولجميع المواطنين وللشرائح المهمشة خاصة، حيث اقرت هذا الحق بالصحة الحقوق الأنسانية والقوانين العالمية والمحلية.

يجب أن يدرك الجميع من مواطنين ومسؤولين أن تبني الحق في الصحة من جانب أي طرف من الأطراف يجب أن يكون بعيدا عن أية أجندات شخصية أو محاولة لوضع القضية في بوتقة أجندات سياسية او إقليمية. إن التعامل مع صحة أو معاناة أو إعاقات أي إنسان دوما يجب أن تكون فوق اي اعتبار.
نعم، أستطيع القول وبكل تجرد لا يتم توفير العلاجات اللازمة لمرضى نزف الدم حسب البروتوكولات العلاجية. إن ثمانية ونصف مليون وحدة عامل مخثر ثامن( الأبر الوريدية) تم توفيرها لمستودعات وزارة الصحة الفلسطينية العام الماضي ويتم توزيعها على المستشفيات والمرضى بالقطارة،لا تعني ان ما ياخذه المريض هو الجرعات المناسبة، كما ان الانتظار شهرين حتى يستطيع المورد توفير مئة وثلاثين الف وحدة عامل مخثر تاسع لوزارة الصحة فهذه ايضا مأساة. 
فهذا يمثل فقط 20 % من العلاج الذي يجب توفيره للمرضى حسب احصائيات الجمعية للعلاج عند الحاجة وللعمليات الجراحية وللعلاج الوقائي والمنزلي.

إلا أن قمة المأساة تتمثل في عدم توفر غالبية العوامل المخثرة الاخرى في وزارة الصحة ولا للمريض. فها هو جمعة ابو عواد بعد ان بترتت ساقه في احدى مستشفيات الداخل قبل عدة اشهر وعاد الى غزة لا يزال بانتظار ان يوفر له العامل المخثر السابع. كما هو حال عشرات بل مئات مرضى نزف الدم والذين بحاجة لعوامل التخثر الاخرى غير المتوفرة في مستودعات وزارة الصحة مثل بروتين سي والفان ويلبراند والعامل العاشر و اعتلال الصفائح الدموية.
يستمر تاكل مفاصل غالبية مرضى نزف الدم الوراثي ويعانون الالم الشديد والاعاقات الجسدية والحركية والبعض اصيب بالشلل كما بترت سيقان الكثيرين من المرضى مثل جمعة ابو عواد وعبد الرحمن ذويب. ولا يزال الكثير من المرضى ينتظروا زراعة أحد مفاصلهم مثل معتز وابراهيم وأحمد ومؤيد ولا يجدوا الحلول الأنية بل بانتظار حلول مستقبلية.

يعمل كثير من الأفراد والمؤسسات العامة من حكومية وخاصة لتوفير الادوية والخدمات الطبية للمرضى كحالات فردية وفي حالة الطاريء الشديد ولكن على ارض الواقع تضيع حقوق المرضى اليومية والاكثر اهمية بين بيروقراطية تقديم الخدمات وجهل بعض الطواقم بالبروتوكولات العلاجية.حيث أن كثرة اولويات الوزارات و محدوديةالمصادر المادية والبشرية. ووضوح دور الجمعيات بالمساهمة في التوعية والتثقيف والحشد والمناصرة وليس بديلا لدور الوزارت المقدمة للخدمات ، لا يعفي أحد في المجتمع الفلسطيني ان يتبنى مفهوم الحق بالصحة بالتطبق على ارض الواقع و يجب ان يكون بوصلة وقبلة كل الاطراف المعنية والشريكة في هذا الامر وخاصة مقدمي الخدمات من وزارتي الصحة والتنمية الاجتماعية.