نشر بتاريخ: 27/06/2016 ( آخر تحديث: 27/06/2016 الساعة: 14:20 )
الكاتب: يونس العموري
اعترف أن هذه المقالة قد تكون مختلفة، أو أنها لربما تشكل واحدة من الاعترافات التي أجد من خلالها فرصة لمقاربة الحقيقة، ولمقاربة وقائعها ووضع النقاط على الحروف...
وإذا كان الحديث عبر السرد الكتابي التحليلي يشكل واحدا من أساليب استشراف الحقائق وتمحيصها، فإن هذه المقالة تأتي في إطار مكاشفة الذات بشفافية قد تكون الأقرب إلى وعي حقائقنا، وماهية ذواتنا في الوقت الذي نستمر فيه بلعبة التذاكي والتخبط وندعي امتلاكنا لحقيقة أمورنا ونعي وقائع ما يجري من حولنا، ونستمر في ممارسة واحدة من أبشع عمليات التزوير لتاريخنا وانتماءنا السياسي في إطار الحركة الوطنية بكل مشاربها وتنوع توجهاتها... وهنا أجدني اسأل نفسي كما هم الكثيرين من أبناء هذه الحركة يتساءلون... ما تبقى من الاطر الوطنية هذه..؟؟ وماذا نشكل نحن كوادر ومثقفين وحتى مناضليين بتركيبة تلك وهياكلها اليوم... عناصر وكوادر وحتى قادة...؟؟ ولماذا أصبحت تكوينات الحركة الوطنية كما هي عليه الآن مترهلة.. متشرذمة يتحكم في مصيرها ونهجها ثلة من هؤلاء المتطفلين على تاريخها ومسيرة نضالها وكفاحها...؟؟ يشوهونها كي يرضى الراعي الأكبر لمصالحهم ...
والعنوان الأبرز الذي يسيطر على الشارع الفلسطيني معنون بالفشل، وهو الفشل الذريع الذي يداهم اللحظة، ونتوقف عنده في محاولة لإستقراء الغد القريب عن ماهية الواقع وكيف سيكون في ظل هذا الفشل المريع لكل متصلات الظرف الراهن ومكونات الحركة الوطنية ...
ووفقا للعديد من المصادر قد قالت بالايام الماضية وفي اعقاب فشل لقاءات الدوحة الخاصة بما بات يعرف بالمصالحة ان النية تتجه لدى الرئيس أبو مازن بطرح خطة جديدة للمصالحة الداخلية الفلسطينية على طاولتي اللجنة المركزية لحركة فتح واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.
وأشارت المصادر انّ الخطة تقضي ببقاء الوضع على ما هو عليه في الضفة وغزة من أجهزة أمنية وحكومة واعتبار كل المؤسسات مؤسسات تسيير أعمال , وسيطرح الرئيس التفاوض على موعد محدد لإجراء الانتخابات الرئاسية وبرلمان دولة فلسطين ومن ينجح بتشكيل الحكومة سيقوم بحل المشكلات التي تواجه توحيد المؤسسات الفلسطينية التي تسبب بها الانقسام الداخلي .
وكان قد قال الرئيس أبو مازن لوكالة محلية :"كلمة السر هي الانتخابات واذا لم ينجح الوفدان في جسر الهوة والاتفاق على برنامج الحكومة وموظفي غزة. سنقفز عن هذا البند ويبقى بند الانتخابات البرلمانية والرئاسية . وسيكون هذا هو الجواب بالنجاح او الفشل في هذا الحوار".
وتقضي خطة الرئيس الحالية بعد فشل الأطراف من التمكن من توحيد المؤسسات الفلسطينية الداخلية بسبب مشكلة موظفي غزة وبرنامج الحكومة .
لكن الرئيس يؤكد انّ أي انتخابات قادمة يجب أن يعترف المشاركين فيها ببرنامج منظمة التحرير الفلسطينية . لكن "لوبي" من منظمة التحرير يضغط لعقد المجلس الوطني لضمان الحق العام بالمشاركة في المؤسسات الفلسطينية ومن ثم تشكيل لجنة تنفيذية جديدة للمنظمة .
والسؤال الأبرز هنا اننا نعيش واقع الانفصال بكل متصلاته ولم يعد مجرد انقسام .. نعم انه الانفصال ما بين الضفة وغزة ..
ولم يعد مجديا الحديث عن المصالحة في ظل وقائع الحركة الوطنية بكافة اطيافها واشكاله التي من الواضح انها اضحت غير مؤثرة وعديمة الجدوى .. بل ان اداء الحركة الوطنية عموما قد أدى الى تفاقم أزمة الانقسام الذي تحول الى انفصال حقيقي .. وبالتالي باعتقادي انه من الاجدى مناقشة ما يسمى اليوم بالحركة الوطنية ..
وامام كل هذا نعود مجددا لمكونات الحركة الوطنية حيث ان تلك التكوينات تعايش الازمة باعماقها وتعلم حقيقة المأزق التي ادخلت ذاتها به وادخلت جماهير الشعب الفلسطيني فيه وتمارس فعل المزايدة على على مكوناتها وتحاول ان تجاهر بتسديد النقاط بمرمى من الخصوم وهو الشغل الشاغل لقادة من يتربعون على عرش الحركة الوطنية عموما...
كانت الحركة الوطنية ومن خلال الفعل النضالي الكفاحي الراعي الأكبر للمشروع الوطني الفلسطيني، والحلم بتجسيد الحقيقة التاريخية الثابتة بالعودة وبناء الدولة وتقرير المصير، وقد أضحت اليوم مدافعة عن خيارات الحلول السلامية الاستسلامية بشكل او بأخر وبمختلف الوسائل والاساليب فمنهم من يريدها مباشرة ويعبر عن الاطروحة التسووية بشكل فاقع اللون ومن منهم من يمنح الشرعية لمن يحاول ان يطوع المنهج السياسي بهذا الاطار والصامت الساكت انما يعطي الاشارة بالمضي قدما بما يحولن انجازه على صعيد التسوية تلك وكل ذلك بغية تحقيق تنشيطا بالفعل الدبلوماسي الغربي، الذي يريد من خلال هذا التنشيط تحقيق الكثير من المصالح على الساحة الإقليمية، وكل ذلك من خلال بوابة القضية الفلسطينية التي يُراد لها أن تبقى مجرد قضية يدور الحديث عنها في المناسبات الدولية والإقليمية، ويساوم على مسائلها وقضاياها على طاولة الإبتزازات الدولية لهذا الطرف أو ذاك... بهدف تحقيق بعضا من الاختراقات في المسارات السياسية العربية والولوج نحو المصالح الإستراتيجية لهم على هذه الساحة الأكثر حساسية في تحديد أولويات العمل والفعل الدبلوماسي الدولي برمته...
إن صورة حركة الوطنية الفلسطينية اليوم تبدو باهتة يعتلي منصتها قادة يلهثون وراء مصالحهم أولا وأخرا، ويحاولون بشتى السبل والوسائل ابتداع معادلات جديدة، تراعي نفوذهم في الوسط الفلسطيني على الحساب الوطني من خلال البوابات التنظيمية، حيث تدار المساومات ما بين أقطاب المناهج المتصارعة في الإطر على المواقع القيادية المتقدمة وبشكل إسقاطي برشوتي من الأعلى دون مراعاة لهذا الجيش الكبير من المناضلين والمكافحين الذين التحفوا السماء وناموا على الأرض ولعقوا دماءهم في الاطار الوطني الجامع ومناهجها الكفاحية النضالية والذي بلورته كل دماء الشهداء وأنات الأسرى والجرحى، وكانوا أن أمنوا بالكلمة الوطنية المنطلقة من صميم إيمانهم بجدوى الفعل الكفاحي النضالي في سبيل رعاية المشروع الوطني الذي أصبح بعيد المنال كما يجب ان يكون...
وعودة على بدء... أين نحن في تكوينات الحركة الوطنية..؟؟ هل ما زلنا نشكل شيء من إرادة القرار بعد أن تم كشف اللثام عم ماهية توجهات قادتها..؟؟ وبعد أن أصبح كل هؤلاء القادة والكوادر والناطقين مجرد جوقة وأبواق لكلمة السر في الظرف الراهن... تلك الكلمة الآتية من العديد من عواصم القرار المشبوه... ثم أين هي حركتنا الوطنية اليوم..؟؟ وهل هي قائمة بالفعل وفقا لتعاليمها وأدبياتها...؟؟؟ أم هي مجرد تجمع لثلة من هؤلاء الذين لا يرون في الوطن وبالتالي في التنظيم إلا مجرد واحة لممارسة أهوائهم لعقد صفقاتهم هنا وهناك... بهدف تحقيق مصالح مراكز القوى المرتبطة بهم وبأجنداتهم في المنطقة... فهؤلاء الوطنيون الجدد أنصار نظرية الواقعية والتعاطي بعقلانية مع الظرف الراهن والقبول بمتطلبات هذه الواقعية وشروطها ومتطلبات اللعبة السياسية الدولية وارتباطاتها الإقليمية، هؤلاء الذين يعتقدون ان الاطار الوطني يجب تطويعه وفق مبتغياتهم الأمر الذي يعني محاولة السطو على الحركة الوطنية وإلباسها أثواب غير أثوابها وهو الأمر الذي تحقق إلى حد ما، وهنا مكمن الخطر بمعنى أن تلك الحركة قد تم السطو عليها وعلى مسار فعلها وأداءها وبالتالي أصبحت حركة لا تعبر بالضرورة عن نبض جماهيرها وعناصرها ودماء شهداءها... بل أضحت وبكل تكويناتها وتشكيلاتها واحدة من تلك الأحزاب الرتيبة المتعطشة لممارسة السلطة فقط لا غير وبأي الأثمان على أساس تقاطع المصالح ما بين قادتها والبؤر السلطوية...
وحتى لا نجافي الحقيقة بشيء فدعونا نسترجع معا مجريات ما حدث وما يحدث حتى اللحظة بالدهاليز الوطنية ما بعد هزيمة الحركة مجتمعة بالانتخابات التشريعية النيابية الأخيرة بيناير 2006 وهي النتائج الطبيعة والمتوقعة في ظل شرذمة منظمة التحرير وتكوينات الحركة الوطنية وضياع برامجها وازدياد صراع أمراء القبائل فيما بينهم، وبالتالي كان ما كان من سيطرة التيار الاسلاموي السياسي على مقاليد الحكم في اطار السلطة...
الامر الذي يستدعي اجراء مراجعة شاملة وعميقة بحقيقة ووقائع الحركة الوطينة عموما والسؤال هنا هل اجريت مثل هذه المراجعات بشكل فعلي خصوصا في ظل وقائع اللحظة حيث انسداد الافق السياسي وافلاس قادة هذه الحركة عن احداث الاختراق الفعلي والحقيقي بمنهج الفعل الوطني الذي يبدو باهتا يعتمد على ردات الفعل دون امتلاك الفعل الاستراتيجي المعبر عن حسابات المرحلة...
خلال الفترة السابقة انعقدت الكثير من ورشات العمل ولقاءات قادة التربع على عرش الحركة الوطنية وكال مرة كان الانتظار سيد الموقف لفعل قد يقلب موازيين المعادلة التي ظلت مسيطرة على نسق الحياة التنظيمية والسياسية ولم يجيء الجديد بالمطلق... بل انعقد المؤتمرات الخاصة بالتنظيمات اليسار وكان ايضا الانتظار سيد الموقف ا انه وللاسف لم يحدث التغير الدراماتيكي الذي من شأنه احداث الثورة التغيرية على مفاهيم الواقع الراهن الذي يبدو انه قد فرض معادلة اخرى غير مرتبطة بمفاهيم المعادلة الوطنية الثورية المناضلة...
باختصار يبدو ان الحركة الوطنية قد اضحت عاجزة عن ممارسة دورها في ظل معطيات وارهاصات وقائع الواقع الراهن وتغول مفاهيم الليبرالية الجديدة وانصار الواقعية السياسية الامر الذي يعني التسليم بقوانين هذه المرحلة وبالتالي لابد ان تغادر الحركة الوطنية المشهد الفلسطينية واحالتها الى التقاعد المبكر في ظل فشلها وفشل قادتها واعادة ترتيب الساحة الوطنية الفلسطينية على اساس المنطلقات التاريخية الثابتة بمعنى اخر لابد من عادة الفعل الاصطفافي على اسس ممارسة الحق بالفعل النضالي المرتبط بتحقيق الحقوق التاريخية لجماهير شعبنا الفلسطيني واعادة الصدارة للاهداف التي تآكلت من خلال جملة التنازلات المقدمة على مذابح العملية السياسية التسووية وهنا لا استثني من اقطاب الحركة الوطنية بهذه المرحلة...