نشر بتاريخ: 28/06/2016 ( آخر تحديث: 28/06/2016 الساعة: 14:19 )
الكاتب: مصطفى ابراهيم
الاخبار القادمة من تركيا واسرائيل تأتي متسارعة، البداية كانت الاعلان رسميا عن المصالحة وتطبيع العلاقات بين البلدين، وتغيرات دراماتيكية في علاقات تركيا الدولية والاقليمية، وأردوغان يقدم إعتذار غير مباشر لروسيا عبر رسالة وجهها للرئيس الروسي بوتين.
هذه هي العلاقات بين الدول والسياسة هي تعبير مكثف عن الاقتصاد، وتركيا اقتصادها يعاني من التراجع بعد السياسات الانفعالية والعشوائية التي ارتكبها أردوغان خلال السنوات الخمس الماضية في علاقاته الدولية خاصة مع روسيا والاقليمية في سورية ومع ايران والتخبط في علاقاته مع العراق والقطيعة مع مصر، وهو لا يمكنه الاستمرار في الحكم وبطموحاته السياسية في المنطقة واقتصاده يعاني وبعد ان كان صفر مشاكل أصبح عشرات مشاكل.
في مقابلة اجرتها الاذاعة العبرية مع مدير عام وزارة الخارجية الاسرائيلية دوري غولد، قال إن لكل طرف مصالحه وحاجته لتغيير إستراتيجي في العلاقات الإقليمية بين البلدين. اسرائيل بحاجة لتركيا وأدركت أن لا أفق لتطوير مشاريع الغاز دون الأتراك، فاستخراج الغاز وتسويقه لأوروبا وهو على سلم أولويات نتانياهو ومن دون الأتراك يبدو الأمر بعيد المنال عن التحقيق، وبرغم تطور العلاقات مع اليونان وقبرص إلا انهما ليستا بجحم تركيا إستراتيجيا ومن الناحية الجغرافية والاقتصادية.
لذا أعاد الطرفان علاقاتهما المتوترة الى طبيعتها منذ عقود، فالمصالحة مع تركيا بالنسبة لإسرائيل تاريخيا هي شريكا أمنياً هاماً في حلف الناتو، فتركيا أول دولة إسلامية تعترف بإسرائيل عام 1947، وظلت مستمرة طوال العقود الماضية. وفي نظرة تاريخية سريعة على العلاقات التركية الاسرائيلية ورغم توتر العلاقة بينهما بعد الهجوم على سفينة مافي مرمرة ومقتل تسع مواطنين اتراك، إلا ان الدولتان واصلت إقامة العلاقات الاستراتيجية، والتجارية والعسكرية والأمنية، ولم تقطع هذه العلاقات التي بدأت منذ قيام دولة إسرائيل. وشملت العلاقات التركية الإسرائيلية اتفاقات سرية وعلنية، وبلغ التبادل التجاري بينهما معدل ستة مليارات دولار في العام، وارتفع خلال السنوات الخمس الأخيرة رغم القطيعة السياسية والدبلوماسية.
تركيا مثلها مثل جميع الدول العربية تاجرت بالقضية الفلسطينية ولا تزال تتاجر وفق مصالحها ومصالح الانظمة العربية الاستبدادية، وإذا كان العرب قد تاجروا ومقصرين في الدفاع عن القضية الفلسطينية وعن مصالحهم في منطقتهم وأردوغان أدرك خطأه بعد ان جرب الغرق في المستنقع السوري.
المنطقة العربية تغلي وتعيش حال الانفجار المستمر، وغير مضمون ان تنجوا أي دولة عربية من عدم الاستقرار والانفجارات القادمة كما يجري في سورية والعراق والبحرين واليمن وليبيا ومصر وضعها قلق.
كل ذلك يجري والحديث عن ما يسمى الحلف السني والذي تحاول اسرائيل وضع نفسها في مركزه، وما تتناقله وسائل الاعلام عن تطبيع علاقات عربية اسرائيلية علنية خاصة مع السعودية التي تقود تسوية إقليمية في مواجهة إيران وإسرائيل تعول على دور لتركيا، وما يجري من تطور كبير في العلاقة بين روسيا وإسرائيل وما ينقله الاعلام العبري عن علاقة مميزة بين البلدين والدور الذي تلعبه روسيا في سورية لصالح إسرائيل.
منذ البداية لم اكن اتوقع من تركيا ان تكون دولة ثورية تصطف مع الدول الفقيرة والضعيفة وتدعم حقها في الاستقلال سياسياً وعسكرياً، وجل ما تقوم به خاصة مع الفلسطينيين هو الدعم الإنساني والسياسي والقانوني في الامم المتحدة، وما يقوم به المجتمع الدولي من مبادرات سياسية لحل القضية الفلسطينية.
نحن الفلسطينيون اخر من يتحدث عن تطبيع العلاقات من جديد بين تركيا واسرائيل والمزايدة على أي طرف ونحن من يطبع العلاقات مع اسرائيل، والفصيلين الرئيسيين فتح حماس كل له اجندته واصطفافه الاقليمي. ربما من حق الفلسطينيين الغضب من تركيا خاصة انها دولة إسلامية ولها نفوذ اقليمي كبير في المنطقة واعادة تطبيع العلاقات مع اسرائيل، لكن يظل المطلوب من الفلسطينيين النئي بقضيتنا عن الاصطفافات الإقليمية والدولية وعدم الزج بها فيما يجري.