الأربعاء: 27/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

حركة المقاطعة والتوغل (الإسرائيلي) في القارة السمراء

نشر بتاريخ: 01/07/2016 ( آخر تحديث: 01/07/2016 الساعة: 09:40 )

الكاتب: غسان مصطفى الشامي

يواجه الكيان الصهيوني تفاعلا كبيرا من قبل المجتمعات الأوروبية ودول أمريكا اللاتينية مع حركة مقاطعة (إسرائيل) (BDS) والتي تحقق نتائج كبيرة، وتؤثر كثيرا على الاقتصاد في دولة الاحتلال، وتشهد هذه الأيام حركة المقاطعة تصاعدا في العديد من الدول الأوربية وأمريكا وبريطانيا، وأعلنت الكثير من المعاهد الأكاديمية في أمريكا وأوروبا مقاطعتها للكيان الصهيوني، كما اتهمت (إسرائيل) مؤخرا 20 أكاديميا في الولايات المتحدة الأمريكية بنشاطاتها في دعم حركة المقاطعة، حيث كشفت صحيفة (إسرائيل اليوم) العبرية أن حركة المقاطعة العالمية للكيان في الولايات المتحدة يقف خلفها عشرون(إسرائيليا) يدعمون توجهات مقاطعة (إسرائيل)، ومعظمهم من المحاضرين في الجامعات والمعاهد (الإسرائيلية)، ويتلقون رواتبهم من الحكومة الصهيونية.

وقد حققت حركة مقاطعة (إسرائيل) في شهر رمضان المبارك الكثير نتائج مهمة، وبحسب تقارير المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، حيث هناك تعاظم قوة مقاطعة دولة الاحتلال وبدأت تكتسب زخما أكبر في جامعات الولايات المتحدة وبريطانيا، وفي أخر استطلاع للرأي أظهر أن ما نسبته (33%) من الطلاب الأمريكيين و(40%) من الطلبة البريطانيين يعتقدون أن المقاطعة هي وسيلة مشروعة للضغط على (إسرائيل) ودفعها الى احترام القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية والتسليم بحق الشعب الفلسطيني في التحرر من الاحتلال والعيش بحرية وكرامة في دولته المستقلة ، وأشار الاستطلاع إلى أن نشاطات حركة المقاطعة ضد "إسرائيل" في الجامعات لها ثمار في جميع أنحاء العالم وتكتسب النجاح لدى الرأي العام في أمريكا وبريطانيا.

وضمن تأثيرات المقاطعة أعلنت قبل أيام المؤرخة النسوية البريطانية، كاثرين هيل، سحب موافقتها على تسلم جائزة قيمتها( 33 ألف) دولار أميركي، مقدمة من مؤسسة دان ديفيد (Dan David Foundation)، وهي جائزة (إسرائيلية) سنوية للمتميزين في العلوم التطبيقية والإنسانية والمجالات الثقافية، وأرجعت رفضها الجائزة وحضور الحفل، الذي تنظمه المؤسسة بالتعاون مع جامعة( تل أبيب) إلى نشاط الأخيرة في دعم الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.

وضمن نشاطات حركة المقاطعة قامت مؤخرا الجالية الفلسطينية في هولندا بالتعاون مع البيت الفلسطيني، ومنظمة هولندية، بتنظيم وقفة احتجاجية، أمام مقر البرلمان الهولندي، أثناء جلسة مناقشة وضع وسم خاص للبضائع القادمة من المستوطنات (الإسرائيلية) وذلك لتسهيل مقاطعتها، وهدفت الوقفة إلى الضغط باتجاه اتخاذ قرار وضع وسم خاص للبضائع القادمة من المستوطنات الاسرائيلية؛ الأمر الذي يسهم بتفعيل المقاطعة لبضائع المستوطنات، ويساعد على إبرازها في السوق المحلية كبضائع غير مرغوب بشرائها، ما سيكلف الاحتلال عبئا اقتصاديا وتجاريا كبيرا؛ وفي السياق ذاته جدد المخرج البريطاني الكبير (كين لوتش) دعوته لمقاطعة (إسرائيل)، وذلك خلال الدورة الثانية من مهرجان السينما الفلسطينية في باريس بعد حصوله على جائزة السعفة الذهبية لمهرجان كان السينمائي الدولي، حيث قال إنه في غياب تأثير هيئة دولية لا تمارس أي سلطة ولا تبحث عن إعادة الحقوق للشعب الفلسطيني، فإن على المدنيين أن يفعلوا ما في وسعهم لأجل ذلك، في إشارة إلى مقاطعة (إسرائيل).

إن حركة مقاطعة الكيان الإسرائيلي تغضب المسؤولين الصهاينة، وتؤرق حكومة الاحتلال التي تدرس دوما نشاطات حركة المقاطعة دولية وتأثيراتها الكبيرة على الكيان، لذلك خصصت الحكومة (الإسرائيلية) قبل أشهر ميزانيات مالية كبيرة بملايين الدولارات باستخدام أداوت للرصد والتعقب وإحباط نشاطات حركة المقاطعة على الشبكة الالكترونية، وكشف الجهات التي تقف خلفها والحد من نشاطاتها وتكثيف العمل الإعلامي لمجابهة هذه الحركة ووقف تأثيرها على المنتجات والبضائع (الإسرائيلية).

أمام حركة مقاطعة الكيان واشتدادها يسعى الكيان على الجانب الآخر للتمدد والتوغل في القارة الإفريقية، حيث أعلنت حكومة (نتنياهو) الفاشية حديثا المصادقة على خطة خاصة لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين الكيان الصهيوني، ودول القارة الإفريقية وذلك تمهيدا لجولة سيقوم بها رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو في إفريقيا مطلع الشهر القادم، حيث ستشمل الجولة – حسب الإعلام العبري- كلا من اوغندا واثيوبيا وكينيا ورواندا، حيث يبلغ حجم الخطة (الإسرائيلية) لتعميق العلاقات التجارية مع الدول الافريقية قرابة 13 مليون دولار أمريكي تشمل اقامة مكاتب تجارية خلال العامين القادمين، ومد يد العون لشركات (إسرائيلية) لتدخل الاسواق الافريقية.

إن الكيان الصهيوني يولى اهتمام كبير بالتغول في القارة السمراء، وهناك العشرات من المكاتب التابعة للكيان في الكثير من الدول الافريقية، إضافة إلى الاستثمارات للشركات (الإسرائيلية)، وتعمل هذه الشركات ضمن أكثر من هدف وعلى رأسها الأهداف الاستخبارية، وحديثا ذكرت مصادر افريقية مطلعة في دولة ارتيريا أن الكيان الصهيوني استطاع انجاز بناء أكبر مرصد له في حوض البحر الأحمر على أعلى قمة جبلية في ارتيريا على بعد (135كم) جنوبي العاصمة الإريترية أسمرا، وفي منطقة استراتيجية تطل على منطقة باب المندب، يهدف إلى مراقبة حركة السفن في باب المندب وعمليات قوات التحالف العربي التي تنفذ في اليمن، وتتمثل مهمات المرصد (الإسرائيلي) في مراقبة حركة القوات البحرية والجوية في جنوبي البحر الأحمر، ومراقبة دولة السودان ورصد النشاط الإيراني البحري الذي ازدادت وتيرته على خلفية أحداث اليمن والتطور الملحوظ في العلاقات الإيرانية–الإريترية.

لم يعد خافيا على أحد المخاطر الكبيرة للنشاطات والخطط (الإسرائيلية) للتوغل الصهيوني عبر الكثير من المنافذ في القارة الأفريقية وغيرها من البلدان، وذلك نابعا من عقدة الهاجس الأمني والخوف الدائم على مستقبل الكيان الصهيوني في المنطقة.