نشر بتاريخ: 13/07/2016 ( آخر تحديث: 13/07/2016 الساعة: 11:15 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
ومن لا يعرف الرواية القصيرة والشهيرة للمؤلف الكولومبي الحائز على جائزة نوبل في الأدب غابرييل غارثيا ماركيز ( ليس لدى الكولونيل من يكاتبه ) . انها قصة رائعة عن حياة الجنرالات بعد انتهاء الحرب وانشغالهم بصراع الديوك . ومن صميم الادب العالمي اسمح لنفسي باختيار العنوان تماشيا مع التشبيه المجازي بين قصة غياب القضية المركزية لدى ماركيز وقصة غياب المفاوضات للدكتور صائب عريقات .
لم تأل اسرائيل جهدا في البحث عن اي حل سياسي يخمد نيران الانتفاضة ويدفع الأوضاع باتجاه العودة الى " القبول " بواقع الاحتلال . وبالمقابل لم تدّخر السلطة اي جهد في " اختراع " ايّ حل سياسي يضمن تحريك قطار العملية السياسية واعادته الى السكة ، ولكن السلطة حسمت قرارها باتجاه المقاومة الشعبية واستمرار مقاومة الاحتلال وتشكيل جبهة عالمية ضد الاحتلال . امّا حركة حماس فهي صاحبة الدعوات الدائمة من اجل التصعيد في الضفة الغربية ولكنها أكثر جهة معنية بالهدوء واستقرار الحكم في قطاع غزة . ولذلك صار لها خطابين متلازمين ولم تكتف بخطاب واحد ، الخطاب الاول موجه لسكان الضفة ودعوى الانتفاضة والتصعيد الى أبعد الحدود ـ والخطاب الثاني موجه لسكان قطاع غزة تدعو من خلاله الى الهدوء والقبول والصبر الى أبعد حدود .
واستنادا الى هذه القراءة نرى فصائل اخرى مثل الجبهة الشعبية والجهاد الاسلامي والجبهة الديموقراطية وحزب الشعب والمبادرة ولجان المقاومة الشعبية صارت تدفع الثمن مضاعفا ، ثمن الموقف السياسي الموحد من جهة وثمن التصعيد الميداني من جهة ثانية .
منظمة التحرير ممثلة بالسلطة والحكومة ستعاني كثيرا في المرحلة القادمة لان العرب فتحوا خطوطا مباشرة مع اسرائيل ، ورغم ان الامر على الصعيد الاستراتيجي سيصب في مصلحتها الا انها ستعاني في الاشهر القادمة من الاهمال العالمي والتذمّر الداخلي .. وفي النهاية ستبقى الامور تحت السيطرة طالما لم تتأثر المنظمة والسلطة ماليا ، وفي كل التجارب السابقة التي حاول العالم والدول الغنية حشر منظمة التحرير في الزاوية ، ردت المنظمة بعنف وقلبت الطاولة على رأس الجميع .
اما حركة حماس ، فانها تترقب مثلنا جميعا ، نتائج الاتفاق التركي الاسرائيلي وانعكاساته على سكان القطاع المحاصر ، وفي حال نجحت تركيا في تمويل وضخ موارد نوعية مثل الطاقة والبنية التحتية والمصانع ( ليس مجرد سفينة هدايا وألعاب وأحذية ) فان الامور ستكون مشجعة لدول اخرى مثل قطر والسودان وغيرها لتفعل نفس الخطوة .
اسرائيل هي الجهة الوحيدة التي لا يمكن ان تضيع اي فرصة لتخريب المشهد ، فهي بطلة العالم في الافشال والتدمير الذاتي ، ولانها تريد كل شئ مرة واحدة ، ستفقد كل شئ مرة واحدة . وحتى وصول نتانياهو الى القاهرة وقراءة وجهه هناك وانا واثق ان المصريين سيعرفون كيف يتعاملون مع أمثاله وحشره في الزاوية . فقد كان مناحيم بيغن اعمق واشد من نتانياهو الف مرة وعرفوا كيف يحررون سيناء منه . سننتظر لنرى ماذا يمكن ان يقول نتانياهو أمام القيادة المصرية .. وانا شخصيا لا أمانع اذا تتتولى الدول العربية مؤقتا ، مفاوضة نتانياهو .
ونحن ود صائب سنأخذ استراحة محارب . وننتظر مرة اخرى .