نشر بتاريخ: 21/07/2016 ( آخر تحديث: 21/07/2016 الساعة: 12:08 )
الكاتب: عيسى قراقع
رحل الرجل الذي كان خريطة ناطقة بالامكنة والاشخاص والاسماء والذكريات.
رحل الرجل الذي كان يتابع التفاصيل التفاصيل عن غدنا وذخيرتنا، كأنه يعيش ابدا معنا وفينا وفي الاجيال القادمة.
رحل الرجل الذي كان سؤال الحرية والحياة والعودة سؤاله الابدي، ذاكرته تنمو شجرة هناك في يافا ، وجسده بقي ظلا على زيتونة البدوي القديمة هنا في قرية الولجة.
رحل الرجل الذي واصل من مخيم الدهيشة، ومن حارات وأزقة المخيمات البائسة الدفاع عن سيرة عشبنا وخبزنا فوق ارضنا، وعما تبقى فينا من ارض وسماء.
ها نحن نسمعه على الارصفة وفي الشوارع وفي صدى الكون ، ها نحن نسمعه في المظاهرة وفي غرفة السجن وفي غرفة الصف وهو يقسم قبل ستين عاما مع المرحوم خليل زقطان.
قسما بجوع اللاجئين
وعري سكان الخيام
لنصارعن الموت
من اجل الوصول الى المرام
الشهيد القائد ابو عصام لم يترجل ، وهو صديق الفقراء ورفيق العاطلين على العمل ، الحيوي كرشقة حجر، خاض حرب الذاكرة ضد النسيان، وحرب الارادة والجوع ضد السجان وهو ينادي على الاسرى من صحراء سجن النقب
يا نقب كوني إرادة
كوني مجدا وريادة
كوني سيفا
كوني درسا
من دروس الانتفاضة
وها هام اصدقاؤك الاسرى يرددون معك هذا النشيد وهم يخوضون اضراباتهم الملحمية من اجل الكرامة والحرية يهزون الاسلاك، بلال الكايد، محمد ومحمود البلبلول، وآلاف الاسرى والاسيرات يرسلون لك التحية ويهتفون معك: لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة.
وقد اشتعلت الانتفاضات في وجه المحتلين والمستوطنين والجلادين ، وابو عصام اصبحت لغته على الاشجار دانية ، الشاهد على الحضور والغياب والتمرد على الذل والاستكانة ، كان شهيدا حيا وحيا شهيد مضرجا من الوريد الى الوريد.
لقد انجز الشهيد القائد ابو عصام حق العودة بطريقته الخاصة منذ ان اعلن انه لا يريد الموت في مكان آخر ، يموت واقفا حرا تحت علم فلسطين ، يمزق كرت الاعاشة وثوب العبودية، خطاه الى القدس عاصمة فلسطين، يمدّ يديه الى ملح البحر المتوسط متوحدا في إنسانيته وجغرافيته وطلقته ورسالته، وهو الذي اسس اتحاد عد الرياضي، وحدة اللاجئين والمخيمات، وأنشد لنا بروح الوحدة الوطنية:
عدّنا شراعنا
ونحن له سفينا
ايها الشهيد العظيم ، وأنت راحل الآن الى ابديتك ، لا اعرف من هو الميت فيك ومن هو الحي، الا بقدر ما ارى ان حياتك قد انتقلت الى الآخرين كما اردتها انت .
فنم ايها الشهيد القائد هادئا هادئا اذا ما استطعت الى ذلك سبيلا، طوبى لك، المجد لك المجد لكل الشهداء.
*رئيس هيئة شؤون الاسرى والمحررين