الأحد: 15/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

في نقد موقف حكومات "الإخوان" من القضية الفلسطينية

نشر بتاريخ: 27/07/2016 ( آخر تحديث: 27/07/2016 الساعة: 10:48 )

الكاتب: حيدر عيد

الإخوان المسلمون حكموا مصر لمدة عام, و قبل ذلك تحالفوا مع المجلس العسكري الحاكم لمدة عام أيضاً, و بقيت غزة محاصرة تختنق بفعل الحصار الصهيوني، ومباركة مبارك ووزير خارجيته أبو الغيط، و لم يطالب إخوان غزة أشقائهم بالتعامل مع هذه الجريمة و بقي حبل المشنقة ملتفا حول رقاب أهل غزة, و الإخوان يحكمون مصر يرسلون أطناناً من رسائل التأييد دون قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل و المحافظة على مظاهر التطبيع كما أقرها أنور السادات و رسخها مبارك و لم ترتق الكلمات المنمقة و التأييد اللفظي عن "نصرة الأخ ظالماً أو مظلوما" إلى المستوى العملي.

نفس الشيء ينطبق على إخوان تركيا الذين فضلوا التعاون الديبلوماسي و الاقتصادي مع إسرائيل على دعم فلسطين, و غزة بالذات, و أصبح خطابهم, بتأييد إخواني فلسطيني, يتمحور حول تحسين شروط القهر و القمع المركب الذي تمارسه إسرائيل ضد أبناء الشعب الفلسطيني. و تدهور خطاب الإخوان لدرجة تبرير التطبيع التركي مع الاحتلال, و لم يتم أخذ الحد الأدنى من المطالب الفلسطينية بعين الاعتبار. و هذه المطالب التي يتمحور حولها شبه إجماع فلسطيني واضحة حيث تنص على ضرورة مقاطعة إسرائيل اقتصاديا و عسكريا و دبلوماسيا و أكاديميا و ثقافيا حتى "تنصاع للشرعية الدولية" و تطيق الحد الأدنى من القانون الدولي و ذلك من خلال
1-الانسحاب من الأراضي العربية التي احتلتها عام 1967, بما فيها القدس المحتلة
2-تطبيق قرار الأمم المتحدة 194 الذي ينص صراحة على حق اللاجئين في العودة الى الديار التي طهروا منها عرقيا و تعويضهم
3- إنهاء سياسة التفرقة العنصرية التي تطبقها إسرائيل ضد فلسطينيي ال48

و على العكس من ذلك قامت اسرائيل بارتكاب مجازر مروعة بحق الكثير من المدنيين أثناء حروبها الثلاث على قطاع غزة من خلال القصف العشوائي. الأمر الذي واجه إدانة واسعة من الأمم المتحدة و منظمات حقوق الانسان باعتبار ذلك جرائم حرب و جرائم ضد الإنسانية . و ها هي إسرائيل مستمرة في جرائمها ضد من يرغب حتى بإبداء الدعم المعنوي و تقديم العون الإنساني كما حصل ضد سفينة مرمرة, التي لم تتلق الدعم الرسمي من حكومة الإخوان في تركيا, بل على العكس قام الرئيس رجب طيب أردوغان قبل فترة بالقاء اللوم على منظمات المجتمع المدني التي قامت بتلك المبادرة.
وقد قررت حكومة أردوغان التطبيع مع اسرائيل على الرغم من 10 سنوات من حصار إسرائيلي دائم محكم و مميت على قطاع غزة كنموذج لعقاب جماعي وصفه العديد من النشطاء الدوليين على أنه " مقدمة لإبادة جماعية ". و ها هو الحصار يستمر بدعم و تأييد و مشاركة مباشرة من العديد من الحكومات, منها حكومات الإخوان التي لم تجرؤ حتى على فتح معبر رفح, على الرغم من وجود مبررات قانونية لذلك.

رغم أنه لم يحدث من قبل و أن تم حرمان الناس من حوائجهم الأساسية كسياسة متعمدة من قبل الاستعمار أو الاحتلال , إلا أن هذا هو ما تمارسه إسرائيل ضد قطاع غزة الصامد . يعيش أهل القطاع دون حاجة كافية من الماء و الطعام و الكهرباء و الدواء في حين أن نصف السكان من الأطفال دون ال 15 عاما . حقا إنها إبادة جماعية لم تسجل من قبل في تاريخ الإنسانية, و المجتمع الدولي, و العالم العربي, يتفرج, و الإخوان يبررون التطبيع و يصفقون لحكومة أردوغان و يكتبون القصائد مدحاً في "براغماتيتها" و "بعد نظرها" و إن كان ليس فقط على حساب غزة, بل القضية الفلسطينية برمتها.

إن عدم قدرة حكومات الإخوان على الالتزام بالحد الأدنى مما يطالب به الشعب الفلسطيني يثير العديد من التساؤلات التي يتحتم على الجميع التعامل معها بعيداً عن الاصطفافات الحزبية و/أو الأيديولوجية الضيقة. ما ير يده الشعب الفلسطيني من هذه الحكومات التي تدعي قولا تأييد الحقوق الفلسطينية هو تفعيل المقاطعة لدولة اسرائيل العنصرية و ارسال رسالة لا لبس فيها ان على المجتمع الدولي أن يتحمل مسئولياته من خلال حملة مقاطعة دولية و سحب استثمارات و فرض عقوبات حتى تنهي اسرائيل احتلالها العسكري و سياسة الاستيطان و تسمح بعودة اللاجئين الى ديارهم التي شردوا منه ,تبعا لقرار الأمم المتحدة 194 و تنهي سياسة الأبارتهيد التي تمارسها ضد سكان الأرض الأصليين في مناطق ال 48.

ألم تستطع شعوب العالم أن تقف الى جانب شعب جنوب أفريقيا وإنهاء نظام الأبارتهيد؟ ألم يحن الأوان أن تتعلم دولة اسرائيل العنصرية نفس الدرس و ذلك من خلال موقف جماعي عربي-إسلامي؟ ألا تستحق دماء 2200 شهيد, 552 طفل, ان تقطع هذه الحكومات علاقاتها مع إسرائيل بدلاً من تعزيز قمعها الإبادي للشعب الفلسطيني؟! هل حقاً يفهم "الإخوان" إن المقاطعة هي شكل ريادي من أشكال المقاومة التي تعتبرها إسرائيل "خطراً استراتيجياً؟"

الإجابة تكمن فيما قامت به حكومة الإخوان في مصر بالمحافظة على علاقاتها مع إسرائيل, بل إرسال رسائل المحبة للرئيس الاسرائيلي مجرم الحرب شمعون بيريز,,و من خلال موقف الإخوان المدافع عن حكومة قطر التي تقود قطار التطبيع في العالم العربي, و من خلال التطبيع التركي الاسرائيلي و صفقات الغاز المربحة على حساب المعاناة الفلسطينية.

إن إرسال بعض الأطنان من المعونات الإنسانية في محاولة لرشوة الشعب الفلسطيني تساهم في تحويله إلى شعب متسول يستحق "الصدقة", بدلا من اعتبار قضيته قضية تحرر وطني و نضال ضد استعمار استيطاني و أبارتهيد يرتكب جرائم ضد الإنسانية و بالتالي يتوجب مقاطعته و عدم الاستثمار به وبأي شركة تستفيد من قمعه للشعب الفلسطيني و المطالبة بفرض عقوبات عليه. و لكن يبدو أن حتى هذا الشكل من أشكال الالتزام الأخلاقي يجب فلترته أيديولوجياً!