الأربعاء: 27/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

وكالة "وفا" بين "من انتم" والاستهداف او المنافسة

نشر بتاريخ: 01/08/2016 ( آخر تحديث: 01/08/2016 الساعة: 21:30 )

الكاتب: عبد الرحمن القاسم

"من انتم" عبارة قالها الراحل الرئيس الليبي معمر القذافي لمن ادعوا الثورة واصبحوا عصابات متناحرة يقتلون بعضهم بعضا. وقالها الرئيس التركي اردوغان للانقلابين والذين حاولوا عادة حكم العسكر. والامانة الصحفية تستوجب ان استاذنهم او الاشارة لقائل العبارة وان اقولها "من انتم" لمن وكلت نفسها بالحديث نيابة عن الصحفيين وتقول: "أننا نحن معشر الصحفيين نُخرج "وفا" من قائمة المنافسة المهنية والسبق الصحفي باعتبار أن عملها هو تحصيل حاصل " في مقال مطول للهجوم على قامة عالية ومؤسسة وطنية تعمدت مسيرة العاملين فيها بالدماء والنضال ليس بالقلم او الصورة فقط بل بامتشاق السلاح كلما دعت الضرورة والواجب.


مقال تشتت افكار كاتبه بين الهجوم على العاملين في وكالة الانباء والمعلومات الفلسطينية "وفا"ومهنيتهم وانها اي الوكالة همها " التمجيد المستهلكة للشخوص، والتي هدفها إرضاء الفرد قبل الاهتمام بالقضية", وصولا لحفيظتها التي اثيرت بناءا على ملاحظة احد المرشحين لمجلس بلدي حول تقرير مصور نشرته "وفا" بعنوان "الشنتويل", والارجح انها لم تكلف نفسها بمشاهدته وتقديم رؤية نقدية مهنية.وقبل القول عادة ان البناء الهيكلي لاي مقال ان يضم مقدمة تضم إشارات ومحاور الفكرة التي يود كاتب المقال التطرق اليها في متن النص, والخلاصة او استنتاجات او تساؤلات مفتوحة تخدم الفكرة. واذا تجاوزنا المثلبة هذه.


ووكالة الانباء التي انطلقت عام 1972 احد اذرع الاعلام الموحد لمنظمة التحرير الفلسطينية صوت فلسطين وفلسطين الثورة ووفا, ضمت واحتضنت كبار الكتاب والصحفيين, كمال عدوان وزياد عبد الفتاح ووليد ابو جاموس(سليمان), هاني الروسان, وخليل الزبن, ووجيه جبر وسعد الغراوي ويوسف قطب وعلي حسين وابو الوفا,... والقائمة تطول فليعذرني الجميع ان ذكرت بعض الاسماء على سبيل المثال لا الحصر, واذكر عبد العزيز التنح صديقي الذي استشهد اثناء الاجتياح اسرائيل مدينة بيت لحم, واحيل الكاتبة لمزيد من المعرفة عن الوكالة وتاريخها المشرف, الاطلاع على دراسة محمد باسل سليمان بعنوان "وكالة الانباء الفلسطينية-وفا-من التاسيس الى العودة".


ومن نافل القول ان الكثير من الاعلامين تتلمذوا وتدربوا في وكالة الانباء الفلسطينية وانطلقوا وعملوا في وكالات ومؤسسات اعلامية عالمية ومحلية وشكلت الوكالة رافدا ومعينا من الصحفيين الذين كانت تغريهم المرتبات والامتيازات المقدمة من مؤسسات ووكالات اعلامية ولدت بعد "وفا" بعقود من الزمان. وليس صحيحا ان "وفا" كمؤسسة تملك هذا التاريخ من الخبرة والعمل والمراس في الميدان تتاثر برحيل او استقالة هذا الصحفي او ذاك فهي مدرسة تخرج الاجيال تلو الاجيال. ويسجل للعاملين فيها صحيح أنهم على كشوفات ديوان الموظفين "انهم موظفين محكومين بساعات عمل وانظمة الموظفين. ولكن البعض يعمل ضعف ساعات العمل ويتنقل بسيارته الخاصة كلما دعا الواجب, وانهم الأقل اجرا حتى بالنسبة للموظفين فلا يأخذون علاوة المخاطرة المقرة كالمهندسين او موظفي الصحة والتمريض ولا حتى العلاوة الإدارية المقرة في باقي الوزارات ورغم ذلك يعملون كامتداد لمؤسسة وطنية ملتزمة برسالة منظمة التحرير الفلسطينية وامتداد لجيل مناضلين يعتبرون انفسهم مواطنين منتمنين لهموم وقضايا الشعب الفلسطيني قبل ان يكونوا صحفيين همهم السبق الصحفي او مجرد موظفين مرتبطين بالة بصمة الدوام.


ووكالة الانباء الفلسطينية والعاملين فيها لا يخجلون كونهم مؤسسة رسمية تعبر عن وجهة نظر الرواية الفلسطينية الرسمية والتي هي منتخبة من قبل الشعب واطلاق الامر على عواهنه "تمجيد الاشخاص" فهي الناطق الرسمي باسم الرئاسة، وهل يوجد وكالة رسمية بالمعمورة تهاجم الرئيس. وبوضوح تام هل يوجد مؤسسة اعلامية في العالم لديها موضوعية وحيادية مطلقة او يجرؤ العاملين فيها مخالفة الرسالة والاهداف التي من اجلها انشئت هذه المؤسسة او تلك. وهل الحيادية الموضوعية في ان يضطر الاعلامي الفلسطيني القول عن الشهيد الفلسطيني "قتيل" والمساواة بين الضحية الجلاد او القول احداث عنف او احداث شغب بدل الانتفاضة والمقاومة....و.وباختصار لسنا وكالة تجارية نبيع الخدمات ونستهدف جلب القراء من خلال العنوانين المثيرة والجالبة للانتباه وإثارة الفضول لنكون في حلبة المنافسة او تخرجنا الكاتبة المتحدثة دون تخويل باسم معشر الصحفيين. "وفا" تقدم الرواية الفلسطينية وما يعانيه المواطن الفلسطيني جراء ممارسات وسياسات الاحتلال بل هي متهمة الى جانب تلفزيون فلسطين بانها تحرض على الاحتلال وممارساته, وصحفي الوكالة والتلفزيون غير مرحب بهم من قبل سلطات الاحتلال ويتعرضون لمضايقات ومحاولات منعهم من التغطية او التصوير من قبل جنود الاحتلال.


وبالعودة الى التقرير المصور المثير لحفيظة الكاتبة والذي يبدوا انها لم تطلع عليه لتنقده بشكل مهني فالانتقاد ظاهرة صحية اذا استند على اسس سليمة. والمعروف ان الادب والفن وكذلك القصة الصحفية هي ابداع ذهني مرتبط بكائن اجتماعي متاثر بالبيئة الاجتماعية والخلفية الاثنية والدينية وان الامر نسبي, وما اراه جميلا يراه الاخر به عيوب وليس مطلقا كما النظريات والحقائق العلمية المطلقة فهنا او في قبائل الزولو فان ناتج 5 5=10 ثابت ومطلق.


وان كثير من جهابذه ومدارس الصحافة الحديثة باتت تميل الى القصص الصحفية سواء المصورة او المكتوبة ومصطلح "الصورة القلمية" وقدرة الكاتب في ان يقدم الاشكالية بقلمه واستخدام الوصف واستحضار قدرته في طرح الاشكالية بعيدا عن الشكل المباشر او الرسمي للطرح. وبوجة نظري المتواضعة ووجه نظر الكثير ان وكالة الانباء الفلسطينية وفي الاونة الاخيرة شجعت هذا النمط وابدع الكثير من الزملاء من مختلف محافظات الوطن ومن الشتات.واعتمدت كثير من وسائل الاعلام المحلية او العربية الكثير من تلك القصص الصحفية ونشرتها, وان تسليط الضوء على حياة الناس البسطاء او المهن التي يتقونها بشكل قصصي بعيدا عن التصريحات والارقام الجافة بعيدا عن التنظير الذي قد لا يثير حفيظة القاريء.


ان هذه التقارير المكتوبة او المصورة يعنى ان هناك جهدا مبذولا من قبل الصحفي الذي تجشم عناء الوصول الى مناطق بعيدة بعيدا المكافاة والاجر الاضافي والمكاتب المكيفة هي بذل وعطاء وانتماء للعمل الصحفي والوكالة والوطن بعيدا عن خبز "التوست" الذي قصدته الكاتبة وتجنبت قول"الخبز المحمص" ربما لدلالة عن الفرق بين رمزية التمدن واللغة الاجنيبة وان كلمة محمص "بيئة"او فلاحية, وان معاناة الناس ليس فقط عدد الشهداء والاسرى وايهام المواطن اننا نلبس البساطير ومطاردين بالجبال" فحياتنا مليئة بالتفاصيل الصغيرة والالم والحب والفرح والتي في مجموعها تكون شخصية فرد قد تكون محبطة او متفائلة ومحبة للناس ومنتمية للوطن, او محاولة لتحطيم تضحيات ونضال الاخرين.


تنويه "وفا" تتعرض بين الفينة والاخر لهجوم من هنا او هناك بشكل مباشر او مبطن ليس من باب المنافسة بل من باب الاستهداف "والحرب الناعمة" التي تستهدف القيادة ومؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية والتي ما زلت تجتهد بالدفاع عن استقلالية القرار الفلسطيني.