الأربعاء: 27/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

تحالفات فلسطينية ممكنة ..

نشر بتاريخ: 02/08/2016 ( آخر تحديث: 02/08/2016 الساعة: 10:32 )

الكاتب: نيروز قرموط

المواطن الفلسطيني توّاق لفهم موضع مكانه ،من أي حقوق ديمقراطية تخوّل له بحكم القانون الفلسطيني وتشريعاته ، عشر سنوات مرت والمواطن الفلسطيني يشعر أنه غير ممثل في أي إطارات تنظيمية وديمقراطية .

اذا من البديهي أن يكون هنالك نهما للديمقراطية في نفس كل مواطن ، ولكن إن درسنا المجتمع جيدا ، سنلحظ تشككا واضحا لدى المواطنين في أي عملية ديمقراطية قادمة ، كثير منهم حتى الآن ورغم إعلان تاريخ الانتخابات في أكتوبر القادم ،إلا أنهم يطرحون على أنفسهم سؤالا ، هل من المعقول أن يستمر هؤلاء حتى النهاية ، وهل سيقبل الجميع بنتيجة الانتخابات ، ومن سيحمي الناتج الديمقراطي سواء في غزة أو الضفة ، أسئلة مشروعة في ظل الانقسام الفلسطيني حاد الملامح ، في كامل المؤسسات القانونية والتشريعية والتنفيذية .

ورغم التشكك إلا أن هنالك على النقيض ، شيئا بديهيا آخرا لدى أي مواطن فلسطيني ، نحن لم نتعوّد العمل التنظيمي في بيئة مستقرة ، لذا ما علينا إلا المحاولة .
دور المجتمع المدني والشرائح الديمقراطية بمثقفيها وناشطيها إلى جانب التنظيمات السياسية توعية المواطن بمدى أهمية هذه الفرصة التي رفضت على مدار سنوات مرت .

بالبداية استجابة الفصيلين المتناحرين لمطلب الانتخابات ، هي حاجة لهما بعد تغيّر كثير من ملامح البيئة الإقليمية والدولية المحيطة وضعف التمثيل السياسي الفلسطيني في السياسة الخارجية ، فإن كنت قويا وممثلا في الداخل سينعكس مباشرة في قوة العلاقات الخارجية .

هذا إن تحدّثنا عن ارتباك واضح في العلاقات الخارجية لدى الفصيلين ، وإذا ما عدنا للبيئة المحلية فنحن نتحدث عن بيئة منهكة اقتصاديا ، مفككة اجتماعيا ، تعاني من ارتباك ثقافي حول كثير من المفاهيم السياسية والأيدولوجية ، والأهم جيل شاب لا يعلم الكثير عن تاريخه السياسي والنضالي الكبير ، كل ما يعلمه هو رواية الطرفين المنقسمين وهي رواية مشوّهة تعكس أهواء لا تشكل ثقافة وخلفية تاريخية تحترم لدى هذه الأجيال .

اذا هذه الأجيال الشابة هي لم تبلور بعد خطوط ثقافتها العامة بعيدا عن ارتباك فتح وحماس ، لكن تولّد لديها بالتراكم رفضا لوجودهما واستمرارهما في التأثير المجتمعي الذي يعتبر سلبيا بقياس النتائج ، هذا لا ينفي بذات الوقت الشرائح المرتبطة مصلحيًّا ببقاء كلا التنظيمين ولا ينفى جمهورهما الكبير بالنسبة للفصائل الأخرى ولكنه ليس كبيرا مقارنة بحجم المجتمع وديمغرافيته.

نفتقد للبدائل الديمقراطية ، لأنها لم تعنون بعد ولم يحن الوقت المناسب لكي تعلن عن نفسها ، لكن كمراقبون ورغم شح مؤشرات بروزها إلا أننا نعلم أنها في طور التكوين وهذا متغير لابد منه بعد ضعف التحصيل السياسي سواء بالمفاوضات السلمية أو بالكفاح المسلّح.
أي تمثيل سياسي فلسطيني هو منقوص السيادة في نظر المواطنين حتى ما قبل استلامه لمسؤوليته وذلك يعزى لاستمرار الاحتلال الاسرائيلي ، وهذا يضعف من تمثيله منذ البداية.

في الانتخابات الأخيرة المحلية عام 2005 والتشريعية 2006 ، يبدو لنا أن المواطن قد حاسب ممارسات قد مارستها السلطة الوطنية الفلسطينية واتهمها بالفساد ، وبعد أن أضعف الاحتلال هذه السلطة بضرب مؤسساتها والاعتداء عليها ، وفي ذاك الوقت كان النصيب الأكبر بالتصويت للفصائل التي تحمل شعار المقاومة ، وذلك يرتبط بسيكولوجيا المواطن الفلسطيني الذي يميل لمظهر القوة وصلابة الحديث ، وذلك ينعكس في الأغلبية التي ذهبت لتصوت لحركة حماس ، وحتى وإن كان تصويتا ضعيفا لليسار فنجد أن التصويت الأكبر كان من نصيب الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي ترفع شعار الكفاح المسلح وترفض اتفاقية أوسلو ومبدأ المفاوضات الثنائية وتنادي بالاحتكام الى المجتمع الدولي ، بينما كان ضعف التصويت واضح للفصائل اليسارية الأكثر ليبرالية مع الحدث السياسي وتكتيكه .

بعد تجربة انتفاضة مسلحة لا تشبه انتفاضة الحجر بضعف المشاركة الشعبية فيها ، وبعد ثلاث حروب على غزة ( تحت حكم حماس ) واستمرار الاستيطان في الضفة ( تحت حكم فتح ) وانتشار لكثير من الأوبئة الاجتماعية ، نعتقد أن العقلية الفلسطينية اختلفت في منظورها لشكل ومضمون أي تأييد سياسي جديد لها لأي من الأطروحات السياسية المستقبلية .

لذا فإن قرار مشاركة قوى اليسار الفلسطيني رغم كل اختلافاتها وتبايناتها الفكرية والمنهجية السياسية ، في قائمة موحدة وترشيح كفاءات عنها ، هو قرار مهم قد يخفف من حدة الاستقطاب بين حركتي فتح وحماس ، نحن بحاجة الى نهضة هذا اليسار الفلسطيني من جديد ، باعتبار أن مجالس البلدية هي مجالس خدماتية من الأساس لا تحتاج كل هذا التسييس وإنما المواطن هو من بحاجة خدماتها المجتمعية .

وهذا ما قد يمهّد لمزيد من القوائم التي تعبر عن الفهم الديمقراطي لإدارة شؤون وقضايا المجتمع ، شكل التحالفات الممكنة هي مؤشرات قد تدعو للتفاؤل ، حتى تحالف القوى الاسلامية معا هو شكل جديد قد يعطي فكرة جديدة لماهية تبني ايدلوجيا دينية في الطرح السياسي والمجتمعي ، فالجميع يعلم أن الحركات الدينية لدينا هي أيضا غير متجانسة تماما ما قد يجعلها أكثر مرونة بالتعاطي مع الاحتياجات المجتمعية مبدوءة بالفرد الفلسطيني ، بالإضافة الى قوائم المستقلين التي قد تطرح شعارات وأهداف جديدة ذات حساسية مباشرة لذات الاحتياجات ولكن بأسلوب فهم يبتعد عن فهم التنظيمات السياسية التي ضعفت بعد أكثر من ستين عاما قد مروا على النكبة ، ولكن الخوف هو من الانتماءات العائلية والعشائرية والجهوية التي قد تظهر من جديد في قوائم المستقلين أو في خارطة اختيار قوائم الفصائل مما يضرب بعرض الحائط كل المبادئ التقدمية والتنموية والديمقراطية التي كانت قد انطلق منها الأفراد في إطارات فصائلهم من الأساس ويجعلنا نمارس الديمقراطية بأدوات وأماكن وحيثيات غير صحيحة .

ولكن حول كل هذا الضجيج الأهم هو توعية المواطن بشأن هذه القوائم وبرامجها، وكيف يتم الانتخاب ، فليس من الشرط أن يعلن هذا المواطن انتماءه وولاءه لفصيل بعينه ، اختياره هو للبرنامج الانتخابي الملائم لاحتياجاته من خلال قوائم بمرشحين يشهد لهم بالكفاءة والنزاهة ، والأهم الأهم حذارنا من المال السياسي الممول من جهات خارجية إقليمية كانت أو دولية ، وشراء الأصوات بالكابونة والحقيبة المدرسية والسلة الغذائية والعديد مما يستخدم في شراء الأصوات ، واستغلال حاجة المواطن البسيط والمجّهل قصرا تحت ضنك متطلبات الحياة ، فإن باع المواطن صوته جراء منحة لا تدوم يوما أو أسبوعا أو شهرا ، عليه أن يعلم أن صوته هذا كان بمقدوره إن يغيّر له حياته نحو الأفضل لعدد من السنوات القادمة ، بمواطنة وعيش كريم.
كلمات وأفعال بسيطة قد تغيّر من واقعنا إن توفرت الإرادة .