نشر بتاريخ: 02/08/2016 ( آخر تحديث: 02/08/2016 الساعة: 15:58 )
الكاتب: عيسى قراقع
في ظل تواصل الاضراب المفتوح عن الطعام للاسرى بلال كايد والاشقاء محمد ومحمود البلبول وانضمام المئات من الاسرى الى الاضراب التساندي، وفي اجواء حالة القمع الوحشية التي يتعرض لها الاسرى على يد إدارة سجون الاحتلال الاسرائيلي، تقف المجموعة الشعرية للشاعر البيتجالي خليل توما في قلب الاشتباك والمواجهة، قصائد مهربة من السجن، وقصائد نازفة اخرى غاضبة وصارخة لبشر من لحم ودم يواجهون بالارادة والجوع والصبر منظومة الاجراءات العسكرية والانتهاكات التعسفية بحقهم.
افتح صفحات دواووين خليل توما التي صدرت مؤخرا وكتبها منذ بواكير الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين، وجمعها في مجموعة كاملة صادرة عن شركة نور للطباعة والتصميم، وهو الاسير الذي اعتقل عدة سنوات، وهو الشاهد على تلك المراحل الصعبة والقاسية، يخط بقلمه وصوته ولغته واغنياته تباشير الفجر ونبوءات الانتفاضات التي تواصلت وانفجرت في كل سجن وزنزانة.
يعود بنا الى تلك الاسماء التي رحلت او بقيت على قيد الحياة، شهداء ومناضلون ومن قصفت اعمارهم سنين طويلة من اجل الحياة والحرية.
جيل يستيقظ في غرف التحقيق
يفيق... يفيق
وعصي الشرطة تصنع من شعبي حزبا والكل رفيق
خليل توما يهز الاسلاك الشائكة، وهو يعاند الحياة ويدق على جدارن السجون ويسأل الجباه التي تنتصب كالرايات عن غد يترقرق كالشلال بلا ابواب ولا قضبان، يسقط المسافات لغة وفعلا وانحيازا للفقراء والمعذبين والمسجونين، متفائلا بحجم التضحيات،وبقدرته على نقل هذي الارض الى مدار جديد.
خليل توما يهز الاسلاك الشائكة، روح ثقة بالشعب وبالناس تتصدرها مجموعاته واغانيه وايقاعاته الفلاحية، تتحرك معه الصور والشواهد من عرس الى جنازة الى مواجهات غاضبة وهو يصرخ في العباد متفائلا:
كل قبر يا رفاقي من قبور الشهداء
سلم نحو الرخاء
خليل توما يهز الاسلاك الشائكة، وهو يشرب من ماء ينابيع بيت لحم عشيقته، يفك المسامير عن جسد المسيح وينشر النبوءة الممزوجة بالمعاناة والصبر، رافعا وجهه نحو نجمة المدينة المشعة حبا وسلاما ورجاء.
لكن شعاعا يكفي لنبدأ
عندما يصبح موت الفرد مهرا
وحياة الكل مبدأ
خليل توما يهز الاسلاك الشائكة، ومن خلف الظلمات يرسل قصائده الى المقهورين في كل مكان، المنتفضون ضد الظلم والاستعباد، مبحرا في كونيته من فلسطين الى كل بقاع الارض، منحازا لكل هؤلاء الذين يهتفون رغم قيدهم للنخل والارض وللحمام وللبيت وعدالة الانسان.
كل الجياع رفاق دربي
كل العبيد وكل اشباه العبيد
وكل من نزل السجون
ولأننا متمردون
لن ننثني حتى نحرر لقمة الاطفال من اسنانكم
ونزيل عن اجسادنا وسخ القرون
خليل توما يهز الاسلاك الشائكة، رائحة الزنزانة والرطوبة والغربة والحنين والرفض تفوح في كلماته وموسيقاه الحادة ، من سجن كفار يونا الى سجن بيت ليد الى معسكرات الاعتقال المتوحشة ، وكلمات ترتعش وتنتفض وتحطم الجدار.
في ليال تغلق السجن على حرّ ومناضل
ويؤدي دوره السوط
على لحم الرجال
يستطيل الشجر النابت في الغور
ليلقي ظله فوق الجبال
خليل توما يهز الاسلاك الشائكة، يحتل السجن كل صرخاته الموجوعات، ينتصر لأرواح الشهداء الاسرى الذين سقطوا في تلك السجون ، صديقه عبد الله عيسى نمر الذي سقط شهيدا في سجن نابلس عام 1976.
في الزنزانات يغنون فيرحل الصقيع
وتعبر الشموس فوقهم
ويعبر النهار
وتحت اقدامهم
الف سياج يتهاوى وجدار
خليل توما يهز الاسلاك الشائكة ، بوعي طبقي وإنساني وبرؤية وطنية صادقة، وبموجات زلزالية بين الحركة والصوت وضربة الحجر، يصنع ملحمته الفردية والجماعية عن شعب قرر ان يأخذ حق تقرير مصيره ويعيش بكبرياء.
صار رسف القيد في زندي كالنهر تدفق
وانا في القيد حر
رغم سجني انا معتق
خليل توما يهز الاسلاك الشائكة ، مؤمنا بالنصر وعيد ميلاد الحرية، لا يستسلم للسجان وللقوانين العنصرية، يرى الفجر قريبا، فجر الحياة والارادة الحرة، اقوى من ارادة الموت الاسرائيلية.
الليلة يا كل القمصان ازف البشرى
اجراسا اجراسا ، كل مفاتيح السجان
تدق وتعلن ميلادا لا يهزمه الموت
خليل توما يهز الاسلاك الشائكة، يرى ان استمرار الاحتلال سوف يخنق المحتلين باعبائه، فالاحتلال حبل يشنق المحتل نفسه، فصبر الاسير يصبح نارا، وابواب السجون تنفجر، فللأجساد في فلسطين ملامح الوطن.
عيد ميلادك الليلة
لا يرى المسجون
على العتمة ظله
اجمل الاعياد يكون
عندما تلتف
على عنق
جلادك حبلة