نشر بتاريخ: 08/08/2016 ( آخر تحديث: 08/08/2016 الساعة: 22:09 )
الكاتب: ماهر موسى أبودية
تجتاح فلسطين هذه الأيام حمى الانتخابات المحلية مما أدخل المواطنين في كثير من الجدل حول مواضيع مختلفة تدور في فلك الانتخابات، ومن هذه المواضيع والتي يتناولها بعض المثقفين هو شكل الانتخابات المأخوذ فيه عندنا، وهل يصلح لواقعنا بكل ما يحيطه؟
وقبل الإجابة على هذا التساؤل يجب أن نتطرق لتعريف الانتخابات والتي تعتبر الوسيلة التي بموجبها يختار المواطنون أشخاص ذو كفاءة من بينهم يسندون إليهم ممارسة السيادة أو الحكم نيابة عنهم سواء على المستوى السياسي مثل الانتخابات الرئاسية والتشريعية أو على مستوى إداري مثل الانتخابات البلدية والمجالس المحلية.
وبتحليل بسيط لهذا التعريف نجد أن المواطنة بمفهومها الحقيقي مفقودة ولا توجد إلا في الدراسات كمفاهيم، وبالكاد تجد بعض المثقفين يقاتلون بخطابات فارغة وبنفسية مهزومة عن هذا الحق، وبالتجربة العملية من خلال ممارسة الانتخابات السابقة لم نرى أن الناس قد اختاروا في معظم المجالس المحلية والقروية الأفضل والأكفأ بل كان الاختيار لاعتبارات جهوية وعشائرية وكثير من الأحيان اختير أشخاص لا يملكون شهادات علمية أو أي نوع من الخبرات المطلوبة، بل والأدهى والأمر أن كثير من الكفاءات التي تستحق الموقع عن جدارة لم يحالفها الحظ بالنجاح، مما يعني ذلك استمرار المعاناة وعدم التقدم في تطوير المدن والقرى وتقديم الخدمات للناس.
وكثير من الناخبين يعتقدون أن مهمتهم انتهت بعملية التصويت وان لا حقوق لهم إلا ما يقره الشخص المنتخب، والهيئة المنتخبة تعتقد أنها الآمر الناهي وتبدأ باتخاذ قرارات وخطوات بحق الناس كما يحلو لها، وأحيانا تستند إلى بعض القوانين البالية في تنفيذ قرارات فردية مستغلة بذلك جهل المواطن بحقوقه، وبهذا ينتهي مفهوم ممارسة السيادة نيابة عن المواطنين عند كلا الطرفين الناخب والمنتخب ولو علمت المجالس المنتخبة أن المواطنين يعون حقوقهم ويمكن أن يقاضوهم لما رأينا كثير من المشاكل.
عندما أقرت الانتخابات بشكلها الحالي في القرن التاسع عشر كان هناك تلازم بين حق الاقتراع والحقوق الفردية والإنسانية الأخرى التي كفلتها القوانين الدولية بشكل عام والقانون الخاص بكل دولة، إلا أننا وبكل أسف لم نمارس- بشكل فعلي- سوى حق الاقتراع بمعزل عن الحقوق الأخرى مما شوه العملية الديمقراطية الحقيقية، وحتى ممارسة حق الاقتراع ليس ضمانة للديمقراطية والاستقرار كما يصوره البعض، بل ومن خلال تجارب الانتخابات التي خضناها في السابق كشعب فلسطيني لم تفرز لنا سوى انقسامات سياسية خطيرة أثرت على قضيتنا السياسية
وانعكست على بنائنا الاجتماعي بالسلب، وهذا يتطلب من كل مكونات شعبنا البحث عن شكل انتخابي يتلاءم مع وضعنا القائم، لأن الانتخابات بشكلها الحالي وصفة لا تصلح لنا، وهذا لا يعيبنا بشيء، فحتى الدول الغربية التي أقرت الانتخابات اتخذت أشكال مختلفة للانتخابات حسب ما يتناسب مع وضعها، فالنظام الانتخابي في فرنسا مختلف عما هو في بريطانيا، وما هو مطبق في الولايات المتحدة بشكل عام لا يأخذ به في داخل كل ولاية، وهذا يعني انه ليس بالضرورة أن يكون شكل الانتخابات واحد في كل العالم، لذا يجب البحث عن آلية انتخابات تحمي نسيجنا الاجتماعي والسياسي، وتضمن بناء مؤسسات تحافظ على جميع حقوقنا في ظل دولة مستقلة دون احتلال.