نشر بتاريخ: 09/08/2016 ( آخر تحديث: 09/08/2016 الساعة: 11:27 )
الكاتب: خالد معالي
للقدس؛ معاني ودلالات عميقة وراسخة؛ ومزروعة في قلب وعقل كل مسلم وعربي وفلسطيني، وعقيدة دينية متجذرة، لا يريد “نتنياهو” أن يعرفها أو يفهمها؛ وهو لا يريد أن يرى غير ما يراه؛ حتى لو تعارض مع منطق الأشياء والسنن الكونية الدارجة، وفتح بسياسته الحمقاء الرعناء؛ باب الحروب الدينية الطاحنة التي لا تبقي على الأخضر ولا اليابس.
في الأيام الأخيرة؛ “نتنياهو” يقوم بجس نبض الفلسطينيين والشارع العربي والإسلامي في تكرار عمليات تدنيس الأقصى بكثافة؛ ويواصل خنق القدس بكتل استيطانية وتدمير بيوت أهلها، وجعل اليهود أغلبية مطلقة فيها؛ وهو ما نجح فيه إلى حد ما في ظل صمت عربي مطبق؛ هذا الصمت هو ما يشجع اليهود المتطرفين ليكثفوا بالتالي من اعتداءاتهم واقتحاماتهم لباحة الحرم الشريف؛ كمقدمة لبناء الهيكل المزعوم بعد هدم الأقصى؛ بحسب مخططاتهم.
حاول الاحتلال منذ أن دنست قدماه القدس المحتلة عام 67؛ كي الوعي السياسي للشعب الفلسطيني وللأمة العربية والإسلامية؛ بزعم أن المسجد الأقصى بني مكان جبل الهيكل؛ وهو ما تكذبه كل الشواهد الأثرية والتاريخية والدينية.
الدفاع عن القدس وعروبتها وهويتها ومقدساتها؛ لا يخص الفلسطينيين وحدهم دون غيرهم من امة المليار ونصف، والمؤسف أن بعض القيادات العربية تمارس الضغط على الفلسطينيين لتقديم التنازلات في موضوع القدس وغيرها من حقوق الشعب الفلسطيني.
القدس ليست أرضا متنازع عليها؛ أو مجرد بنايات تاريخية، تحوي فقط تاريخ اندثر أكل عليه الدهر وشرب؛ إنها أمر آخر؛ له قدسيته لدى قرابة مليارين من العرب والمسلمين، وهي ذكرت في القرآن حتى يوم الدين.
صار لزاما وقبل فوات الأوان؛ أن تنصب كل الجهود والطاقات وتتوحد وتتكاتف ضد التناقض الرئيس وهو الاحتلال الذي يستهدف الجميع، ولا تهدر الطاقات في تناقضات هامشية وجانبية لا طعم لها ولا لون ولا رائحة؛ وعلى كل فرد فلسطيني أن يقف عند مسئولياته وواجباته، فالمسير طويل والزاد قليل.
بقيت القدس مفتاح للحرب والسلام، وملازمة للوعي السياسي الجمعي للأمة، فدولة المشروع الصهيوني تطوق القدس بالمستوطنات كنسخة معاصرة للإمارات الصليبية التي أقامتها فتوحات الفرنجة في المنطقة قبل ألف عام، فهل الإمارات خلدت الاحتلال الصليبي المدعوم من دول أوروبا وقتها؟
مكث الصليبيون في القدس حوالي مائتي عام واحتلوها 90 عاما متواصلا. فترة احتلال القدس من الصليبيين كانت سببا في توحيد المسلمين والعرب لتحريرها كونها مقدسة عندهم، وخاب وخسر كل من دنسها واحتلها بقوة السلاح والإرهاب.
ما يجري في القدس من تهويد ساعة بساعة؛ ليس مقتصرا على حي من أحيائها كالمكبر أو سلوان أو الشيخ جراح وغيرها، بل يطال الاستهداف كل نقطة وحتى ذرة تراب في المدينة المقدسة ووفق خطة ممنهجة ومدروسة وذات رؤى وأبعاد إستراتيجية ما عادت تخفى على أي متابع ومهتم بشأن القدس.
القدس؛ ما زالت، هي رأس رمح الغزو الاستيطاني اليهودي لفلسطين التي لا تقوم قائمة لدولة المشروع الصهيوني بدونها، وكان واقع وجود الاحتلال وان طال ظاهريا في فلسطين هو كشوكة في حلق امة المليار ونصف سرعان ما تجد الأمة الإسلامية طريقة لإزالة الشوكة ولفظها.
حتى الآن؛ ما يوجع القلب أن عمليات تدنيس المسجد الأقصى على يد المستوطنين لا تلقى الصدى المطلوب؛ فالمسيرات هي دائما دون قادة العرب والمسلمين الذين يبدو أنهم قد نفضوا أياديهم من المسؤولية عن بيت المقدس، مستكينين للأمر الواقع.
على الأمة أن تتحرك لنصرة الفلسطينيين والقدس والأقصى ولو بأضعف الإيمان، فما يمارس بحق القدس وسكانها ومقدساتها ساعة بساعة؛ على درجة عالية جداً من الخطورة وصل وتعدى الخطوط الحمر، ولا يجوز ترك الفلسطينيين وحدهم يواجهون حماقات “نتنياهو”؛ ولا صار حال العرب والفلسطينيين:"أكلت يوم أكل الثور الأبيض".