نشر بتاريخ: 10/08/2016 ( آخر تحديث: 10/08/2016 الساعة: 01:00 )
كتب : جدعون ليفي
هآرتس 2016/8/7 - ترجمة: أمين خير الدين
الإعلام اليساري في إسرائيل يميني، صراعه البطولي ضد قوى الشر، اليمين – بما فيه بنيامين نتنياهو – ليس صراعا جدّيا – وليس بطوليا. وأيضا ليس من أجل الحرية، للإعلام الإسرائيلي ما يكفي من الحرية، مع نتنياهو وبدونه، مع "يسرائيل هيوم" وبدونها، لكنه يختار بإرادته عدمَ استعمالها وخيانة رسالته.
ليست الحكومة هي التي تُمْلي برامجها على الجمهور، أو على القراء، أو المستمعين أو المشاهدين، إنها تخاف من الجماهير، وتتوسل إليهم بشكل ذليل، لذلك الصراع على وسائل الإعلام كذرّ الرماد في العيون: ليس المقصود أجهزة البثّ الهامشيّة – تنظيم "كان" (هيئة الإذاعة العامة الجديدة – المترجم)، أو غالي تساهل، أو قنال الكنيست – حتى لو أن ساره نتنياهو عيّنت، بشكل شخصي، المحررين أو المراسلين، لن يختلف التنظيم في جوهره عن قنال 1 الحالي، ولا عن وسائل الإعلام الأخرى، الحرة كما تزعم والتي تشبهه بكل شيء تقريبا.
لو أنه صدفة، زار غريب إسرائيل هذه الأيام، سيظن أن هناك صراعا على المواقف، وأن الصحفيين يناضلون من أجل ديمقراطية إسرائيل، ويقاتلون للمحافظة على الديمقراطية الإسرائيلية – وعلى حريّة التعبير. وأن تركيا في إسرائيل، وأنهم، لغاية تدخّل الحكومة الفضّ أدّوا رسالتهم، وان الحكومة تقوم بإسكاتهم، وقد أعلنت "نيو يورك تايمس" أن نتنياهو قد قضى على حرية التعبير في إسرائيل (7/30) وكأنه بسبب نتنياهو لا توجد هنا حريّة صحافة.
دعونا نعود للواقع: الإعلام حرّ ويميني، ربما تتمحور مواقف معظم الصحفيين في إسرائيل في اليسار الوسط. هذه حقيقة لا أهميّة لها: إنهم يشكِّلون إعلاما يخضع للتيار المركزي، إعلاما جبانا، ضعيفا، يخدم الخطاب المقبول، لا يجرؤ الإعلام على الاعتراض عليه، ولا يجرؤ على تقويضه، الصحفيون مقاتلون شرسون، على جرثومة السلمونيلا، وعلى أسعار المساكن، وحوادث الطرق، أو حتى على نتنياهو – بكل ما لا يثير الغضب، لكن لن يجرؤوا على الوقوف أمام سيّدهم الحقيقي: الجماهير، الحكومة لا تخيفهم، إنما يخيفهم سيد التقييم، وأمامه هم جبناء، كل ما يفعلونه الترفيِّه عن الرأي العام ( ومعظمه يميني) وإلهائه واستثارته وتحريضه – فقط أن لا يغضبونه.
قد يّحقق الإعلام و"بشجاعة" في فساد السلطة، وقد يؤدي ذلك إلى استدعاء وزراء او رؤساء للمحاكمات – لا تتجاوز حدودها: لا تُغْضب زبائنها، لذلك لا تُحقق بالاحتلال – الأغلبية لا تريد أن تعرف شيئا عن الاحتلال – ولا تنتقد ج. د. ا. كما يجب، كي لا ينصبّ عليها غضب الجماهير، والجماهير هي الرقابة في إسرائيل، وهي تخضع لها، بنقد ذاتي مخجل، لذلك هي العميلة الكبرى للاحتلال،، هي التي تمكِّنه من البقاء دون مسائلة، هي الشريكة الكبرى بتجريح الفلسطينيين، هي التي تساعد على إخفاء جرائم الاحتلال وإنكارها، الصحفيون اليساريون لا يريدون إغضاب أحد. لذلك لا يُقَدّمون تقارير صحيحة عن الاحتلال، أو أنهم لا يقدمون تقارير بالمرّة.
الإعلام في إسرائيل يميني وقومي – يكفي أن ترى الهجمة الشرسة على الصحيفة الليبراليّة الوحيدة، ضيّقة الانتشار، وهي التي تقرأها الآن، بما في ذلك إقامة "قيادة خاصّة" لمحاربتها، لو أن الإعلام يساريّ لماذا يفترون على "هآرتس"، الاحتياطيون يريدون صحافة تنادي بأن ج.د.ا. فوق الشُبُهات، ومراسلين يعِدّون البيانات الصحفيّة، وصحافة تتحرك بإحساس الضحايا الإسرائيليين، وتتجاهل تماما الضحايا الآخرين.
هذه ليست صحافة شجاعة، ولا يساريّة، رقصة السيوف هذه مُعَدّة لترسيخ الوضع القائم، يصرخ اليمين: يساريون. ليبتزّ وليضيف يمينيين آخرين – روني دانيئيل لم يعد يكفي، من الآن وصاعدا ندّاف هعصني.
وتنادي الصحافة بالحرية. كي تظهر بمظهر المناضلة من أجل الحريّة. لو كانت هكذا هي الحقيقة، لكنّا منذ زمن طويل بمكان آخر.
2016/8/7