نشر بتاريخ: 16/08/2016 ( آخر تحديث: 16/08/2016 الساعة: 23:26 )
الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام
الاستقلال الاقتصادي والنمو والازدهار وصيرورة عملية التنمية شروط لازمة لاي تقدم في اي مجتمع، ولو خرجنا من الصندوق قليلا وأوقفنا شريط الصورة النمطية السائدة التي تدّعي ان المخيمات مستهلكة وعالة على الاقتصاد الوطني، ولو طلبنا الارقام الحقيقية من الامم المتحدة ومن السلطة الفلسطينية لوجدنا ان العكس هو الصحيح. وان مخيمات اللاجئين هي التي تشغّل المحرك الاقتصادي في هذا البلد وهي التي تضمن استمرار دوران عجلة الاقتصاد.
الامم المتحدة لا تعترف سوى بـ 19 مخيم لاجئين في الضفة، ولكن اللجان الشعبية في المخيمات تعترف بخمس مخيمات اخرى في منطقة رام الله وهي: ابو شخيدم وبير زيت وسلواد قدورة وتجمع سقايف عين مصياح. ما يرفع عدد المخيمات الى 24 مخيما. تشارك جميعها في الوظائف الحيوية للمجتمع حضورا وانتاجا.
عدد اللاجئين في الارض المحتلة 1262000 (مليون ومائتان واثنان وستون نسمة) منهم 450000 (اربعمائة وخمسون الفا) في قطاع غزة ، ومنهم 812000 ( ثمانمائة واثنا عشر الف) في الضفة الغربية . ويعيش في مخيمات الضفة 160 الف لاجئ بينما نجح أكثر من 650 الف لاجئ في الخروج من المخيمات والانخراط في حياة القرية والمدينة والعملية الانتاجية ليتحولوا الى رافعة بناء كبيرة للمجتمع وقوة انتاج لا يستهان بها في سوق العمل .
غالبية اللاجئين في الضفة خرجوا من المخيمات ولكنهم لم يخرجوا من صفوف القضية ، بل نجحوا في تحويل أسوأ ظروف الحياة الى أفضل نماذج النجاح الاقتصادي والاكاديمي والعلمي . وهي تجربة فريدة في علم الاجتماع . ولو نظرنا الى المناطق التي انتقل اللاجئون للسكن فيها لوجدنا انهم بنوا مدن تطوير ومناطق معاصرة تشكل برهانا عمليا على قوة الاصرار والادارة . وهي مدن تطوير مثل الدوحة قرب الدهيشة ومناطق ناجحة بالقرب من قلنديا والجلزون وبلاطة وجنين و... الخ .
لدينا مؤسسة بكدار التي يديرها د. محمد اشتية ، وكذلك معهد ماس . وانا اقرأ اصدارات ماس الفصلية ، وهي دراسات وابحاث اقتصادية تغني معرفتي وتجعلني املك القدرة على فهم الواقع بشكل أفضل ، وأتمنى من اساتذتي في الجامعات والمعاهد المختصة تقديم أرقام أدق وأضح لفرضيتي في هذا المضمار ، حيث انني أرى ان معظم المصانع الجديدة ومعظم الورشات الصناعية الصغيرة ومعظم المطاعم والمحلات التي تفتح في الضفة الغربية يقودها شبان " مغامرون " وكفاءات قادمة من المخيمات .
المخيم ليس وطنا بل سفينة عودة . المخيم ليس مكانا مجردا وانما زمانا يتفاعل ، ظرفان متلازمان في الشكل والمضمون ، وصراع جدلي بين الصدفة والضرورة .
واللاجئ ليس مجرد مواطن مكسور ومستهلك "يسرق" الماء والكهرباء ، وانما مواطن مبادر ونشيط يستثمر ويجازف ويشارك ولا يملّ ولا يكلّ ويتحمل المسؤوليات ولا يهرب من ميدان المعركة .