الأربعاء: 27/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

وأد الرأي العام

نشر بتاريخ: 28/08/2016 ( آخر تحديث: 28/08/2016 الساعة: 10:26 )

الكاتب: رامي مهداوي

إذا ما نظرنا بتجرد الى الأحداث الأخيرة _فقط الإسبوع الماضي_ من خلال عدسة مجهر مفهوم الرأي العام؛ سنجد بأن الشارع الفلسطيني له صفات معقدة ومركبة، لا تستطيع قياسه بسبب سرعة الأحداث وترابطها العضوي الكامل ببعضها البعض. لكن هناك عدد من الأسئلة يطفو على سطح الشارع الفلسطيني:ما هي الميكانزمات المؤهلة لتوسيع مشاركة الرأي العام في السياسة العامة ؟ وهل يكتفي الرأي العام بدوره المحدود فقط في إطار منصات التواصل الإجتماعي كحالة من تنفيس الغضب؟! وهل يقاد أم يقود الرأي العام الفلسطيني خصوصاً إئا ما أسقطنا تعريف شكسبير بقوله أن الرأي العام هو الجواد الذي يمتطي الحاكم صهوته؟!

إن أخطر ما حدث خلال متابعتي اليومية للفترة السابقة تحويل مساهمة الرأي العام إلى جماعات مصالح تستغل النوافذ القانونية من أجل قضاء المآرب الذاتية. لهذا على أي مسؤول إدارة الرأي العام لما له مصلحة عامة وليس خاصة، وعلى كل مسؤول/فنان/حكومة التحدث مع المواطنين/الجمهور بكل صدق وشفافية وبأسرع وقت ممكن حتى لا تنقلب الأمور ضده، وهذه هي مصيبة الكثيرين بأن يكون الفعل رائع لكن نهايته تكون مضادة له!!

البعض قتل ذاته بذاته بسبب بسيط وهو عدم تقديم المعلومات الصحيحة للشعب مما أدى الىنشر الشائعات حول الحدث ذاته، فلجئ الشعب الى وسيلة التنفيس من خلال ادوات التواصل الإجتماعي المختلفة " فيسبوك، تويتر....الخ" كمظهر للتعبير عن وجهة النظر المضادة لكل من الحكومة/القيادة/الفنان. فتم نسج روايات متعددة تناولتها الأفواه الإلكترونية دون أن تركز على مصدر موثوق به يؤكد صحتها.مما خلق أجواء من الجدلية الحاصلة بين الرأي العام والسياسة العامة عن طريق الحروب الإفتراضية؛ وهي من أهم الحروب التي أصبحت في واقعنا الفلسطيني كمحرك للرأي العام.

على القادة بأنواعهم المختلفة أن يؤمنون بأننا متواجدين في عالمين مختلفين بذات الوقت، هما العالم الواقعي والعالم الافتراضي، فكلاهما يمثل فضاء عامًا لتبادل الخبرات و/أو المعلومات وتداول الأفكار ...وتبادل السلع المتنوعة.مع الأخذ بعين الإعتبار أن العالم الافتراضي يمتاز بغياب الرقابة، مما يجعل منه قوة ضغط شعبية افتراضية،لذلك يردد أغلب الأكاديميين في حقل الإعلام المقولة التالية:" إن العالم الافتراضي هو أكثر واقعية من العالم الطبيعي".

لهذا نجد أن المساحة المشتركة في جميع الأحداث التي وقعت في الأيام الماضية؛ هو تحول المجال العام الى مجتمع افتراضي، يجتمع فيه المجتمع على شكل أفراد يجمعهم اهتمام مشترك، ويمثل لهم ساحة نقاش وتبادل آراء. البعض حولها الى ساحة معركة أو منصات حربية، يملك الجميع فيه حق حرية الرأي والتعبير، معتقدين بأن لديهم قوة التأثير في الرأي العام من خلال خلق قصص وهمية... بث آراؤهم وليس رأي من هو في دائرة الحدث، ليتصارع الجميع ضد بعضه البعض؛ لهذا تم نحر/وأد الرأي العام قبل ولادته ولم يشكل أداة ضغط على الجهات المعنية.

فذبحنا الفنان صابر الرباعي دون أن نسمع روايته، وقتلنا أبو العز مرتين، وضاع وغاب المتحدثين الرسمين وكأنهم في سبات عميق محاولين التجميل والتزييف.ومن وجهة نظري الإعلامية بأنه خيراً فعل عطوفة محافظ محافظة نابلس عندما تحدث بصدق وشفافية مستبقاً كل الشائعات والأقاويل ليضع الحقيقة كما هي رغم بشاعة الحدث ذاته.