نشر بتاريخ: 29/08/2016 ( آخر تحديث: 29/08/2016 الساعة: 14:32 )
الكاتب: إيمان جادو
لقد عملت الحركة النسوية في فلسطين و منذ نشأتها على تقوية و تمكين النساء و مساعدتهن على الوصول لمواقع صنع القرار المختلفة. شعارات رنانه مثل:" المرأة نصف المجتمع، و المرأة قادرة و متمكنة، و الحركة النسوية تم انشاؤها من أجل تطوير و تحسين واقع النساء،...." هذه المصطلحات جميعها سمعناها مرارا و تكرارا و ما زلنا، و كانت الناشطات النسويات و نحن معهن حريصات على السمو بدور النساء و نقله من موقع التنفيذ الى موقع المشاركة في
التخطيط و صنع السياسات و الاستراتيجيات العامة، خاصة و ان النساء لا ينقصهن العقل و الحكمة للمشاركة في هذا الدور المهم.
ايمانا من الحركة النسوية بضرورة مشاركة النساء على جميع الأصعدة و على كافة الميادين، لم تبخل المؤسسات النسوية و الناشطات النسويات باي جهد ممكن من أجل تدريب النساء و تقويتهن و تمكينهن و تحضيرهن للمشاركة الفاعلة ، و الان و مع قدوم اللحظة الحاسمة، اللحظة التي يمكن للناشطات النسويات ، المفكرات، الفاعلات، الحزبيات و المؤثرات الفلسطينيات ان يثبتن دعمهن لمواقف النساء في المجتمع، إنها الخطوة الحقيقية لتسهيل وصول النساء لمواقع صنع القرار.
ان الحديث يجري الان فقط عن الانتخابات المحلية و البلدية ، فكيف عملت المؤسسات النسوية و الحركة النسوية في الاحزاب المختلفة من أجل ضمان مشاركة فعالة للنساء و ضمان ادماج نساء فاعلات، قويات و متمكنات في هذه الانتخابات، و هل بالفعل تم الرجوع للنساء الراغبات بالمشاركة و اللواتي يمتلكن من القدرات و المؤهلات ما يساعدهن على اثبات الذات و المشاركة الحقيقية في هذه الانتخابات، أم ان اختيار النساء و خاصة في القوائم التي شكلتها الاحزاب اقتصر على من تم اختيارهن من قبل الحزب للمشاركة ، و ما هي المعايير التي اعتمدتها الحركات النسوية داخل الاحزاب من اجل اختيار المشاركات في الانتخابات، عذرا لجميع الاحزاب و لكن هذه الاسئلة و غيرها لم تأتي جزافا، فقد سمعت احدى الزميلات و هي تتحدث على هاتفها بالصدفة و أبلغتني ان حزبا معينا اتصل بها و ابلغها بأن اسمها على القائمة الانتخابية و لم تعلم بذلك من قبل، لم يكن بحسبانها هذه المشاركة مسبقا و لم تعلم حتى بموقعها على هذه القائمة، و قد اعتبر الحزب أن مجرد وضع اسمها على هذه القائمة فيه الكثير من المعاني و التكريم لها و يجب ان تقدرة و تظهر شكرها، لذا أتساءل: هل هذه السيدة التي لم تكن قادرة على اتخاذ القرار بالمشاركة أصلا ستكون قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية لمجلس بلدي أو قروي؟
وفي المقابل تجربة أخرى لسيدة أخرى، بادرت و طلبت من حزبها ان تشارك في الانتخابات، و لقناعتها بمؤهلاتها العلمية و العملية و قدرتها على تقديم الكثير لمجتمعها، و ايمانا منها بأن المتقدمين الاخرين من الرجال ليسوا اكثر كفاءة منها، بادرت بطلب ان تكون على راس القائمة الانتخابية، أنا لا أتحدث عن شخصية وهمية، فحديثي عن تجربة حقيقية ، للأسف لم تتمكن من الحصول حتى على رد من الحركة النسوية التي اعتبرتها قيادة لها و تمثلها،و لا حتى على رد من أي أحد، و لم يتم الرجوع إليها أبدا حول امكانية مشاركتها و لو حتى في اسفل القائمة الانتخابية، و لدي هنا أيضا تساؤل مباح من وجهة نظري، هل هذا عقاب لها للتطاول على الرجال و طلب ان تكون على رأس القائمة الانتخابية؟ أم أن الرفض جاء اصلا من قيادة الحزب النسوية لم يكن لرجال الحزب السياسي رأي في الموضوع، فهم أصلا لم يبلغوا عن رغبة اي امرأة للمشاركة في الانتخابات اصلا؟
على كل الاحوال، لا اتوقع الاجابات من أحد، فالاجابات باتت موجودة لدي و لدى الكثيرين من أبناء مجتمعي و لكن الهدف من اسئلتي هو الرغبة بتوعية الحركات النسوية في جميع الاحزاب بضرورة السمو عن المصالح الشخصية و النظر الى المصلحة العامة و افساح المجال لدم جديد من ناشطات نسويات قادرات على تقديم الكثير لابناء مجتمعنا و ضرورة الخروج من نظرة المنافسة لاي جديد، فالمفروض ان ننظر لتقدم مجتمعنا و ليس تقدمنا كأشخاص على مستوى الحزب أو المجتمع، و لنفكر بنظرة ايجابية، فكلما زاد عدد النساء القويات، المدربات والمتمكنات المشاركات في خدمة المجتمع، كلما ساهمنا في احداث التطور و التقدم المرغوب.
إن السنوات الماضية كانت سنوات بناء قدرات، تأهيل، تقوية و تمكين لعدد من النساء الواعدات، تم تقديم التدريبات المكثفة لهن حول المشاركة النسوية السياسية، و تم العمل على الحصول على مذكرات التزام اخلاقي من جميع الاحزاب من أجل رفع نسبة تمثيل النساء في قوائم الاحزاب السياسية، و لكن و للأسف عند البدء بتحضير القوائم للمشاركة في الانتخابات، وعند رجوع النساء اللواتي تم تأهيلهن لخوض هذه الانتخابات و كلهن ثقة بهذه المؤسسات الحزبية، و تحديدا عند الرجوع للقيادات النسوية في هذه الاحزاب، جاءت المفاجأة الصادمة، فكل ما تم تعليمه و التدريب عليه، كان عاجزا أمام المصالح الشخصية، فكيف لنا أن نقبل أن تكون القائمة الحزبية بقيادة امرأة قوية و متمكنة، وكيف للأحزاب السياسية أن تقبل ان تمثلها امرأة؟ وكيف للحركات النسوية أن تسمح لنساء جدد بالظهور و المشاركة؟ و هل ستمثل هذه الوجوه الجديدة منافسا للحركة النسوية القائمة و الموجودة منذ عقود؟
عذرا أيتها الحركة النسوية، كفانا شعارات و لنعترف و بكل أسف ان جميع التدريبات، التقوية و التميكن التي تم تنفيذها في العديد من المؤسسات النسوية لم تكن الا لتخدم أجندة تمويلية معينة، و لكنها عجزت عن افراز مشاركة نسوية فاعلة في الانتخابات ، لأن جزءا كبيرا من هذه الجهود و لا أقول جميعها قد تم وأدها من أجل تلبية بعض المصالح الضيقة لبعض الاشخاص.
عذرا ايتها الحركة النسوية لأن موروثنا الثقافي و منافستنا المشبوهة عجزت عن ايصال نسائنا الى استحقاقهن الطبيعي و مساعدتهن للوصول الى مواقع صنع القرار، ليشاكن مشاركة حقيقية في خدمة مجتمعهن وتطويره
عذرا ايتها الحركة النسوية مرة أخرى، فقد وثقنا و لكن النتيجة كانت واضحة المعالم، تم اختيار النساء بناء على رغبة الحزب و ليس على تقييم حقيقي لامكانيات المرشحات و لا بناء على رغبة حقيقية من نساء كان لديهن طموح القيادة و المشاركة في بناء المجتمع و خدمته، و للأسف عجزت قوائمنا الانتخابية في معظمها و أقول معظمها على أمل ان لا تكون جميعها من السماح لأي امرأة بقيادة اي قائمة انتخابية
عذرا لجميع الناشطات النسويات و الحركات و المؤسسات النسوية، قد أكون أجحفت بحق البعض، فأنا لا أنكر حجم الجهد و العمل المقدم من الجميع و لكني كنت أرغب برؤية التأثير الاقوى على أرض الواقع في هذا الوقت بالذات.