الأربعاء: 27/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

حزب التحرير الإسلامي بين السياسة و الحظر

نشر بتاريخ: 31/08/2016 ( آخر تحديث: 31/08/2016 الساعة: 15:16 )

الكاتب: د. علي الاعور

"في الأيام الأخيرة نشرت وسائل الاعلام الإسرائيلية عن وزير الامن الداخلي الإسرائيلي جلعاد اردان انه ينوي اصدار قرار بحظر حزب التحرير الإسلامي الذي ينشط في القدس المحتلة واخراجه عن القانون" وهذا يعني ان حزب التحرير الإسلامي سوف يصبح خارج عن القانون ويمنع من ممارسة نشاطاته
الدينية والسياسية . وهنا اود ان اقدم تحليل  موجز حول حزب التحرير الإسلامي  والاهداف التي يسعى اليها، والطرق والأدوات التي يستخدمها لتحقيق أهدافه وممارسة نشاطاته .

في عام 2012 قمت بإعداد دراسة في الجامعة العبرية باشراف البرفوسور " هليل كوهين" لنيل درجة الماجستير في الدراسات الإسلامية ودراسات الشرق الأوسط، بعنوان " حزب التحرير الإسلامي في القدس وعلاقته بالسلطة الوطنية الفلسطينية " و استغرقت الدراسة عامان من البحث والدراسة والمقابلات مع مفكري عدد من أعضاء حزب التحرير الإسلامي وعدد من قياداته . وبعد الانتهاء من الدراسة ، كانت اهم النتائج التي توصلت اليها من خلال الدراسة :

"ان حزب التحرير الإسلامي في فلسطين هو حزب سياسي بامتياز ولا يؤمن بالعنف ولا يؤمن بالعمل العسكري ، وجميع نشاطات الحزب سلمية تقتصر على الشعارات والالتزام بالنظام والهدوء ولا تشكل خطر على إسرائيل او السلطة الفلسطينية وان فكر حزب التحرير الإسلامي وان كان يسوده الفكر السلفي المتطرف في إقامة الدولة الإسلامية وإقامة الخلافة الراشدة في العالم اجمع ، الا ان الطريقة والأسلوب الذي يستخدمه لتحقيق هذا الهدف يقوم على الدعوة السلمية والسير على منهاج النبوة والدعوة التي بداها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في بداية الدعوة الإسلامية."

حزب التحرير الإسلامي تاسس عام 1953 وهو حزب اممي عالمي سياسي ومازال حتى اليوم يقوم بنشر الدعوة من اجل فكرة الخلافة وإعادة الخلافة في وجود خليفة للدولة الإسلامية التي يسعى الى قيامها في المستقبل من خلال الدعوة السلمية وتغيير المجتمع وتوجيهه نحو العمل بكتاب الله
وسنة نبيه.

وكان عضو الكنيست من حزب البيت اليهودي "بتسلئيل سموؤيش" قال انه جمع ادلة عن حزب التحرير الإسلامي خلال عام وتبين له ان حزب التحرير ينشط في القدس ويدعو الى إقامة دولة الخلافة.

لاشك ان حزب التحرير الإسلامي ينشط في كل الأراضي المحتلة بما فيها القدس وقد ينشط اكثر في القدس وفي المسجد الأقصى المبارك لأهمية المكان المقدس في قلوب المسلمين وكونه رمز وطني وبالتالي فان حضور الالاف من المسلمين يدفع حزب التحرير الى تقديم دروس دينية وخطابات وكلمات ومهرجانات يدعو فيها الى إقامة دولة الخلافة من خلال الدعوة السلمية بعد صلاة الجمعة، ويقوم حزب التحرير بتصويرها ونشرها للعالم اجمع ويؤكد دوما في بياناته السياسية انه يسعى الى إقامة دولة الخلافة الإسلامية من خلال الدعوة السلمية.

ولكن المهم هنا من خلال متابعة حزب التحرير الاسلامي بنشاطاته ومهرجاناته والدروس التي يقدمها في القدس ومساجد القدس وتحديدا في المسجد الأقصى لم يذكر يوما انه يسعى الى التدمير او القتل وعلى مدى ستون عاما ونيف لم يطلق حزب التحرير طلقة واحدة في السماء ولم يقذف حجرا واحدا ضد دولة إسرائيل بل كان دائما هدفه يسعى نحو العالمية والاممية ويسعى الى إقامة الدولة الإسلامية .

والسؤال المركزي هل حزب التحرير الإسلامي حزب إسلامي متطرف ام انه حزب سياسي يؤمن بالسياسة والعمل السياسي فقط؟

لعل من يتابع بيانات حزب التحرير الإسلامي في السنوات الثلاثة الماضية يجد ان حزب التحرير لم يؤمن باي حركة إسلامية او حزب إسلامي من الحركات الإسلامية او الأحزاب الإسلامية التي برزت مع الربيع العربي، ولم يعترف بها حتى ان حزب التحرير في بياناته رفض الخلافة التي أعلنتها الدولة الإسلامية في العراق والشام واكد انه مستمر في دعوته السلمية لاقامة الخلافة الإسلامية التي يسعى اليها وتختلف عن دولة الخلافة في العراق والشام.

لا شك ان حزب التحرير حزب عالمي اممي وقد تم حظره في بعض دول العالم مثل جمهوريات الاتحاد السوفيتي سابقا وخاصة أوزبكستان وكازاخستان وغيرها ولكن علينا ان لاننسى ان حزب التحرير منتشر في أوروبا وخاصة في بريطانيا وفي الدنمارك وفي اندونيسيا ويصل تعداده في بعض الدول الى ملايين من انصار وأعضاء حزب التحرير الإسلامي وينشط أيضا في ماليزيا وفي أمريكا ومازال حزب التحرير في كل دول العالم يرفع شعار " حزب التحرير الإسلامي هو حزب سياسي  ويؤمن بالعمل السياسي والدعوة فقط.

وحزب التحرير الإسلامي يعتبر من اكثر الأحزاب الإسلامية تنظيما والتزاما بفكره وادبياته ووسائله وسلوكه من العضو المناصر لحزب التحرير حتى قيادات حزب التحرير كلها تسير على منهاج النبوة والدعوة الإسلامية والعمل السياسي .

من هنا وبصفتي باحث ، فإنني أرى ان حزب التحرير الإسلامي في فلسطين بشكل عام وفي القدس بشكل خاص ما زال ملتزما بأدبيات الحزب، و سياسة الحزب والعمل السياسي للحزب والبعد عن العمل العسكري والالتزام بالسلمية التي يدعو اليها الحزب من خلال الخطب والمهرجانات التي يحيها حزب التحرير في رام الله وفي القدس والمسجد الاقصى واهما ذكرى هدم الخلافة في الثالث من مارس عام 1924 عندما اعلن "مصطفى كمال اتاتورك" هدم الخلافة العثمانية ، فانه في هذه المهرجانات يحصل على تصريح ويلتزم بالعمل السلمي خلال المهرجانات التي يقيمها او الدروس التي يدعو فيها الى إقامة الدولة الإسلامية.

وبالتالي فإنني أرى ان عمل حزب التحرير بالسياسة من شانه ان يجعل من حزب التحرير شريكا سياسيا في المجلس التشريعي او البرلمانات العربية والإسلامية ، من هنا فان حظر حزب التحرير قد يقوده الى العمل السري وربما يؤدي الى سلوك جديد وتغيير في ادبيات الحزب والفكر السياسي للحزب من شانها ان تجعل حزب التحرير يتخلى عن أفكار سياسية سلمية، امن بها طيلة ستون عاما وربما يلجا الى العنف والثورة وبالتالي يخرج حزب التحرير من جديد "حزب إسلامي متطرف" بعد ان كان حزبا سياسيا بامتياز ولا يؤمن الا بالعمل السياسي ورفض العمل العسكري بكل اشكاله وانواعه.

وأخيرا .....فان حظر حزب التحرير الإسلامي قد يؤدي الى تغيير في بنية الحزب التنظيمية ويجعل من شباب حزب التحرير في قيادة ربيع عربي إسلامي جديد في داخل حزب التحرير نحو العنف والعمل العسكري.