نشر بتاريخ: 02/09/2016 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:05 )
الكاتب: منار فرج
"إن قلة عدد النساء والفتيات المهتمات بعقولهن هي ظاهرة موجودة في المجتمع العربي، وهي ظاهرة لا تدل على ان المرأة ناقصة عقل ولكنها تدل على ان التربية التي تلقتها البنت منذ الطفولة تخلق منها إمراة تافه التفكير" نوال السعداوي.
شدتني كثرة الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا وتصريحات لنساء عن آرائهن حول قضية المرأة والانتخابات.. وفي كل مرة كنت اقول في نفسي "ايوة فشيتي غلي".. ثم فكرت قليلا وقررت ان اكتب هذه المقالة بصفتي ايضا امرأة فلسطينية.
اسمحو لي ان اعود قليلا بالزمن لأيام طفولتي في عام 1996، كنا قد انهينا دوامنا المدرسي في يوم من الايام في مدرسة الراعي الصالح، ومشيت انا وصديقاتي لمنطقة "السينما" لاركب سيارة الأجرة وأتجه الى المنزل، كان حديث الشارع بمعظمه يدور عن امراة ورئاسة فلسطين، جزء منه كان من باب السخرية وجزء اخر كان من يتساءل عن ماذا ستكون النتائج، كانت اولى المرات التي اكترث فيها للسياسة، فانا طفلة اولا، وليس لاني اردت ذلك ولكن بكل ما تحمله صفات الطفولة من معنى سرحت قليلا بمخيلتي، وبدأت اتأمل في صورة المرأة التي رشحت نفسها للانتخابات.
فرحت كثيرا، ليس لاني مع او ضد الشهيد الراحل ياسر عرفات، ولكن فقط لاني رأيت في تلك المرأة قوة ممزوجة بالحنان، وقلت ان الاحتلال سينتهي على يدها لانها تذكرني بامي، فكل ما هو سيء ينتهي على يد امي.
فامي بالنسبة لي كجميع أمهاتكم، بطلة الرواية، وستكون حنونة ايضاً لانها امراة كامي، وسرحت في خيالي.
ومن بعد هذا اليوم، لم اسمع عن هذه المرأة قط، ولكني لهذه اللحظة اعتبر ان بيني وبينها رابط قوي، فقد كانت هي صورة البطلة التي ستنهي الاحتلال في مخيلتي الطفولية.
كبرت وما زلت اسال نفسي عن حال فلسطين لو ان تلك المراة هي من فازت في الانتخابات، ليس انتقاداً ولا انتقاصاً من احد، ولكن تأملاً عما اذا كانت تلك المرأة ستجلب الى الطاولة اجندات مختلفة.
بعد ما "فشت غلي" اكثر من امرأة بالتعليق على القصة سالت نفسي:" اتلومين المرأة مرة اخرى؟ اتلومين المراة التي وضعت اختا او وردة او زوجة في قائمتها الانتخابية، لماذا؟
اليك يا شجاعة اكتب يا "باقة الازهار"، اليك اكتب يا اخت ويا زوجة، انا لا اعرف هويتك، ولكني سأضع لك جميع المبررات، ربما هو مجتمعنا العربي الشرقي بعاداته وتقاليده، ربما اجبرتِ على ذلك ككثير من الاشياء التي تجبرين عليها كل يوم، ربما بكل بساطة لا ترغبين بأي اعلانات وشهرة ويكفيكي العمل والانجاز بصمت، وربما لاننا نجسد المرأة في مجتمعنا بالمثالية، فدوما يجب ان تكون الابنة المثالية، والزوجة المثالية، والام المثالية، ونحملها اعباء المثالية، في حين ان ليس فينا لا شخص مثالي ولا مجتمع مثالي ولا حتى وطن مثالي.
فقولي لك: الا تغضبي، فكلنا كنساء نريدك حاضرة، فنحن نريد ان نصنع ونشارك ونكون.
فكانت سميحة خليل حاضرة بكل معنى الحضور، ولكن ها هي غائبة بكل حذافير الغياب، فقد اسست جمعية انعاش الاسرة، وجمعية الاتحاد النسائي العربي، ووضعت تحت الاقامة الجبرية من قبل الاحتلال، وهي الوحيدة التي رشحت نفسها لمنافسة الشهيد الراحل ياسر عرفات، وانا على ثقة ان كثيربن لن يعروفها حتى مع ذكري لها ولاسمها.
فالخطأ ليس من عرض الاسم او اخفائه، ولا من عرض الصورة او استبدالها، بل الخطأ من الجذور، ومما تتعلمه المرأة، ونتعلمه عن المرأة منذ الطفولة، فرفقا بها ورفقا بنفسك.