نشر بتاريخ: 17/09/2016 ( آخر تحديث: 17/09/2016 الساعة: 16:23 )
الكاتب: مصطفى ابراهيم
بعد أن كان سائداً مصطلح الصراع العربي الإسرائيلي ومقدما لدى الأنظمة العربية والشعوب العربية، وتاجرت فيه أنظمة وصمتت أنظمة أخرى، وفي زمن الردة والأحداث التي تمر في بعض الدول العربية والربيع العربي وإنكشاف الأنظمة العربية لم يعد للمصطلح أي قيمة خاصة وما تشهده المنطقة من تحالفات دولية وإقليمية، أصبح المصطلح السائد الصلح أو التطبيع العربي الاسرائيلي، وبات الإهتمام بالقضية الفلسطينية ثانوياً وتراجعت مكانتها وتستغل كي تكون مدخلاً لعقد صلح عربي إسرائيلي.
وتسعى دول عربية للتقارب العلني بعد أن كانت العلاقات سرية وتحولت إلى علنية وقبلة من بعض الدول في زمن السلام الدافئ وما تقوم به ما يسمى الرباعية العربية التي تم إحيائها من جديد بعد أن ماتت والتي شكلت قبل عدة سنوات، والان يتم بعث الروح فيها من جديد، والحديث عن دعم الفلسطينيين وعقد مصالحات بينهم.
في وقت تتعمق العلاقات العربية الإسرائيلية وعقدت لقاءات رسمية وغير رسمية تحت ذرائع وأسباب مختلفة منها مؤتمرات وورش عمل وندوات لبحث الأخطار التي تهدد العرب وإسرائيل، وكأن الاخيرة دولة شقيقة، وهي تقوم بأكبر عملية تمدد وتوسع إستراتيجي في المنطقة العربية، وكل ما يجري يخدم مصالح إسرائيل، وهي مصدر الارهاب والشرور في المنطقة ولا تزال تحتل فلسطين وتقوم بعلميات التوسع الإستيطاني والجرائم والحصار في فلسطين.
الأنظمة العربية التي شكلت ما يسمى الرباعية العربية وضعت خطة لعقد مصالحة فلسطينية فتحاوية فتحاوية ومن ثم مصالحة فلسطينية فلسطينية، وواجهت القيادة الفلسطينية الخطة العربية بخطاب ضبابي إنطلق من بعد شخصي أكثر منه بعد وطني بما يتوافق والمصلحة الفلسطينية ومقاومة المشاريع السياسية المطروحة على الساحة وغالبيتها ذات توجهات مصالحيه للدول التي أطلقت مبادرتها سواء كانت فرنسا أو حتى أفكار أو مبادرة السلام الدافئ للرئيس السيسي والحديث عن لقاء الرئيس عباس ونتانياهو.
ما تتناوله الخطة العربية هي مقدمة للبحث في ما بعد الرئيس محمود عباس، وليس حقيقي الادعاء بعقد مصالحات وإيجاد حل للقضية الفلسطينية فقط، إنما هو خطة لتنفيذ مصالح ما يسمى الرباعية العربية وعلاقتها بإسرائيل، وكان الأحرى تسميتها الخماسية العربية الإسرائيلية، لأن إسرائيل ليست بعيدة عن ما يجري وعلاقتها المتزايدة بأصحاب الرباعية العربية. فالهدف هو تصفية القضية الفلسطينية وإيجاد بديل للرئيس عباس وإستكمال مشروع الحكومة الإسرائيلية وما يطرحه ليبرمان.
ومع ان رؤية القيادة الفلسطينية ليست بعيدة عن ما تطرحه الرباعية العربية وهي رؤية تابعة وجزء من النظام العربي وإن إختلفت مواقفه، لكنها مواقف تعبر عن مصالحها وعلاقاتها وموازين القوى والأدوار التي تلعبها وتقوم بها، وفي غالبها أدور العراب لحماية مصالح أنظمتها. فالخطة العربية هي مرحلة انتقالية لما بعد عباس والبدء بالتحضير لعملية تفاوض مع إسرائيل وتحقيق السلام الذي تريده اسرائيل ولا يمت بصلة لأي منطق أو أي عدالة.
خطاب القيادة الفلسطينية ليس إلا خطابًا عاطفياً ورغبويًا وشعاراتيًا للتحذير من أن بعض الدول العربية تلعب في الساحة الفلسطينية، فهو خطاب بدون رؤية سياسية فلسطينية جامعة ومن بدون أي إرادة أو نية لإصلاح البيت الفلسطيني ولم يتم إستكماله بخطوات توحيدية، ولم يوجه للفلسطينيين وتحشيدهم لمواجهة أي عبث كما إدعى الرئيس عباس في القضية الفلسطينية وحرف مسار العلاقات الفلسطينية العربية ونوايا الأخيرة وعلاقتها في ما يجري في الإقليم ومواجهة ايران والاستقواء بإسرائيل.
وما لحق ذلك من تبرير ورسائل توضيحية لبعض أطراف الرباعية العربية، فالخطاب موجه لبعض أطراف الرباعية العربية، وليس خطاباً وطنياً موجه للفلسطينيين يحدد طبيعة العلاقات الفلسطينية العربية وموقف العرب من علاقتها بإسرائيل أو فكفكة الأزمة الفلسطينية كما تدعي الرباعية وليست الفتحاوية الفتحاوية فقط، ضمن رؤية وإستراتيجية فلسطينية ومراجعات نقدية لمقاومة الاحتلال ومواجهة المخاطر، والبحث في حقيقة المبادرات السياسية المطروحة والتي لم تقل القيادة لأي منها لا بالفم الملآن بل أنها ترحب بها وتروج لها.