نشر بتاريخ: 19/09/2016 ( آخر تحديث: 19/09/2016 الساعة: 10:48 )
الكاتب: د.مصطفى البرغوثي
كلما أتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بالوقاحة، تواقح أكثر.
وقد وصل ذروة وقاحة جديدة الأسبوع الماضي عندما سمى المطالبة بإزالة المستوطنات ،والتي تعتبر غير شرعية في كل الأعراف والقوانين الدولية، تطهيرا عرقيا.
ويبدو أن أسلوب نتنياهو المفضل، هو المبالغة في الكذب وتكراره حتى يظنه الآخرون صدقا.
وهذا ليس إختراعا جديدا، فقد إستعمله من قبل حكام ديكتاتوريون وأنظمة فاشية وعنصرية ومع ذلك لم يستطيعوا منع الحقيقة من اختراق جدران خداعهم.
الكل يعرف أن أكبر عملية تطهير عرقي جرت في منطقتنا كانت طرد 70% من الشعب الفلسطيني عام 1948 من وطنهم على يد العصابات الصهيونية وما أصبح جيش إسرائيل. ولا يمكن لنتنياهو أن يخفي استمراره في نفس عمليات التطهير العرقي ضد التجمعات الفلسطينية في الأغوار وحول القدس ومناطق عدة في الخليل أشهرها قرية سوسيا.
كما لا يستطيع أن ينكر أن جيشه هدم قرية العراقيب الفلسطينية في النقب أكثر من مئة مرة ، المرة تلو الأخرى، وأن جحافل جيشه طردتنا بالقوة من قرى المقاومة في باب الشمس وأحفاد يونس والمناطير وعين حجله، رغم أن ما أقمناه من خيام كان على أراض فلسطينية.
ولا تستطيع حكومته تقديم تبرير واحد لاستمرارها في منع أهالي إقرث وكفر برعم، رغم أنهم يحملوا الجنسية الإسرائيلية، من العودة إلى قراهم.
كما لا تستطيع تبرير الاستمرار في منع أهالي لفتا وعمواس ويالو وبيت نوبا من مجرد التواجد في قراهم التي نكل بها.
400 قرية وتجمع سكاني فلسطيني دمرتها حكومات إسرائيل، وما زالت تحاول تدمير المزيد. ذلك هو التطهير العرقي الأبشع في القرن العشرين.
وهناك أكثر من ستة ملايين لاجئ فلسطيني منتشرين في كل أنحاء العالم، وممنوعين من العودة إلى وطنهم هم حصيلة ذلك التطهير العرقي.
تستطيع حكومة إسرائيل ونتنياهو مواصلة وصف نفسها بأنها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، وأنها تحترم حقوق الإنسان، وأنها الضحية الدائمة ، تماما كما يستطيع أي كان إدعاء الجمال. لكن ذلك لن ينفى حقيقة أن إسرائيل تواصل الاحتلال الأطول في التاريخ الحديث وتعزز نظام الأبارتهايد الأكثر عنصرية في عصرنا.
غير أن التجربة التاريخية لما جرى في فلسطين تظهر أن التراخي في التصدي لتزييف التاريخ أو التسامح معه يمكن أن يحول الفلسطينيين من ضحايا إلى معتدين في أذهان أناس كثيرين يجهلون الحقائق ولا يتابعون الأحداث.
وقوة ماكينة الدعاية الإسرائيلية والتنظيم المحكم لأتباعها يساعد على ذلك.
ويكفي أن يطلق نتنياهو أو أحد وزرائه أكذوبة حتى تحولها ماكينة الدعاية الصهيونية وأبواقها إلى دعاية متكررة عبر وسائل الإعلام في العالم.
وقد اطلعت قبل يومين على كتيب معد بمهارة يوزع في المطارات الإسرائيلية على كل مسافر إسرائيلي، ويتضمن هجوما شرسا على حركة المقاطعة (BDS) ويتهمها باللاسامية، كما يتهم الفلسطينيين جميعا بالفساد، وبأنهم إرهابيون يفشلون كل محاولة للوصول إلى السلام.
ويدعو الكتيب كل مسافر إسرائيلي لأن يكون بوق دعاية للإدعاءات المنشورة بهدف تشويه صورة الفلسطينيين أيا كان اتجاههم أو انتماؤهم.
المخزي في الأمر أن كاتب المنشور هو يائير لبيد وحزبه يش عاتيد، وهو في المعارضة ويدعي الاعتدال.
نحن في واقع الأمر نواجه حربا دعائية تشن هجوما على كل فلسطيني وفلسطينية، ولا يمكن إفشالها إلا بالتصدي لها، وبنشر الرواية الفلسطينية المستندة للواقع والحقائق والمعلومات ولن ينجح جهدنا إلا إذا كان منظما من حركة توعية منظمة، ولذلك حديث آخر.