الأربعاء: 27/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

قتل الأسرى أحياء .. سياسة (إسرائيلية) قديمة

نشر بتاريخ: 20/09/2016 ( آخر تحديث: 20/09/2016 الساعة: 11:41 )

الكاتب: غسان مصطفى الشامي

يصارع أسرى فلسطين البواسل الموت في كل لحظة داخل غياهب السجون (الإسرائيلية) وهم يسطرون بصمودهم الكبير أسمى معانى الجهاد والمقاومة من أجل تحرير أرض فلسطين من دنس الغاصبين؛ وهؤلاء الأسرى الأبطال يقبعون في سجون سيئة للغاية لا تتوفر فيها أدنى مقومات الحياة الآدمية، ويستخدم العدو معهم كافة أساليب ووسائل التعذيب الجسدي والنفسي والمعنوي، كما يستخدم الاحتلال أسرانا البواسل حقول تجارب للأدوية الصحية، هذه المعتقلات التي لا تتوفر فيها الرعاية الصحية أو التعامل الإنساني مع الأسير كانسان له كيان وحرية ومشاعر، بل يصارع أسرانا البواسل الموت داخل أروقة السجون (الإسرائيلية).

بداية مقالي أبرق بالتحية الكبيرة لكافة أسرى فلسطين البواسل خلف قضبان السجون، أبرق لهم تحية الشموخ والإعزاز وأقف تقديرا واحتراما لجهادهم الكبير وللروح الأسطورية وصمودهم في وجه جبروت السجان وظلمة السجون .

وأبرق في هذا المقال بالتحية للأسرى الفلسطينيين الثلاثة الأبطال المضربين عن الطعام وهم مالك القاضي والشقيقان محمد ومحمود البلبول، والذين يخوضون معركة الأمعاء الخاوية لأكثر من 70 يوما، حيث أصبح وضعهم الصحي صعب للغاية، وأصبحت الأجهزة الداخلية لأجسامهم في تآكل وضمور، وحياتهم في خطر كبير، وربما يكون في عداد الشهداء في أي لحظة .

كل التحية والتقدير لهؤلاء الأسرى الذين يعلموننا معنى التحدي والصمود ويعلموننا دروسا سامية في نضال الأسير خلف قضبان السجون، يعلموننا دروسا في كيفية تحدي السجين الضعيف جبروت وظلم السجان، من أجل أن ينتصر لقضيته ويواصل الدرب في طريق طويل مسطر بدماء الشهداء وصمود الأوفياء الذين خاضوا الإضرابات عن الطعام داخل سجون الاحتلال.

إن الأسرى الفلسطينيين اليوم هم عنوان الصمود والتحدي، هم عنوان الوفاء لفلسطين الإنسان والأرض والقضية، هم الرقم الصعب في معادلة التحرير، هم الرمز الغير قابل للتفاوض أو المساومة على نضالاتهم الكبيرة، فقد قدمت الحركة الفلسطينية الأسيرة المئات المئات من الشهداء داخل السجون الصهيونية؛ وفي كل يوم ننتظر خبر استشهاد إحدى الأسرى المضربين عن الطعام، أو داخل سجون الاحتلال؛ إن نضال الأسرى داخل السجون هو رمز كبير من رموز الكفاح الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني، ويعد نضال الأسرى ركيزة أساسية في كفاحنا اليومي ضد الاحتلال الصهيوني، فهناك أكثر من (6000) أسير فلسطيني يقبعون خلف قضبان السجون هم الرقم الصعب في مقاومة الاحتلال، هم يمثلون جزء أساسي من القضية الفلسطينية بكل مكونتها العقيدة والأرض والإنسان، ولا يمكن تجاوز الأسرى ونضالهم الكبير منذ احتلال أرضنا المباركة .

إن هذا المقال وألف ألف مقال لا تكفي أن تكتب عن أسرى فلسطين البواسل، ولا تكفي أن تسطر ملامح تاريخ الحركة الفلسطينية الأسيرة ونضالاتهم من أجل الحرية والعيش بكرامة ودحر الاحتلال عن أرضنا المباركة.

إن ما يحدث اليوم مع أسرنا البواسل المضربين عن الطعام الذين يصارعون الموت في كل دقيقة هو سياسة قديمة انتهجها الاحتلال منذ أكثر من خمسين عاما فقد كشفت صحيفة (هآرتس ) العبرية قبل أيام عن سياسات الاحتلال الصهيوني في قتل الأسرى العرب ودفنهم أحياء بحسب التقرير الذي أعده الصحفي الإسرائيلي ( ألوف بن ) كشف فيه عن تفاصيل جريمة حرب ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق عشرات الأسرى العرب في إحدى الحروب الإسرائيلية السابقة، إذ تم قتلهم بأمر مباشر من أحد قادة الجيش الكبار، بعد استسلامهم.

وقال الصحفي (ألوف بن) إن عشرات الأسرى كانوا جنود أحد الجيوش العربية، الذين استسلموا وألقوا بسلاحهم، وكان بعضهم يعاني من جروح بالغة، وقام جنود الجيش (الإسرائيلي) الذين سيطروا على المكان الذي استسلم فيه الأسرى، بتركيز الجنود في ساحة داخلية محاطة بأسوار، وبعد عدة ساعات تم توجيه الجنود (الإسرائيليين) لمهمة أخرى، وجاءت قوة أخرى من الجيش الإسرائيلي لاستبدالهم في المكان الذي تم فيه تركيز الأسرى. ثم جاء أمر من القائد (الإسرائيلي) المباشر عن المنطقة أمر جنوده بقتل الأسرى العرب، وحسب إفادات وصلت إلى صحيفة "هآرتس" فقد تم إيقاف الأسرى في مجموعات ضمت كل واحدة منها ثلاثة جنود، وأمرهم الجنود بالاستدارة ثم أطلقوا النار على ظهورهم، وبعد عملية القتل قامت جرافة تابعة للجيش الاحتلال الإسرائيلي بدفنهم في قبر جماعي، فيما أكد الصحفي الصهيوني "ألوف بن" في تقريره على أن قتل عشرات الأسرى كان إحدى الجرائم الحربية الخطيرة في تاريخ الجيش الإسرائيلي، لكن الجيش أخفى القضية وتكتم عليها.

إن أسرنا البواسل خلف قضبان السجون يخوضون اليوم معارك باسلة مع العدو الصهيوني وبحاجة ماسة لدعم ومساندة كافة المخلصين من أبناء أمتنا العربية والإسلامية وأحرار العالم ومحبي القضية الفلسطينية من أجل الافراج عنهم من سجون الاحتلال، وما هذه الكلمات سوى جزء بسيط من التعبير عن الدعم والمساندة بالكلمة لصمود وتحدي أسرانا خلف قضبان السجون.

إن جهاد وكفاح أسرانا البواسل من أجل وطنهم الكبير فلسطين هو متواصل، ودورهم مشهود لهم، وإن الفلسطينيين وأهالي الأسرى يواصلون جهادهم السياسي الجماهيري اليومي في المظاهرات والاعتصامات والنداءات من أجل الإفراج عنهم، وقلوبنا وعقولنا معلقة برجالات المقاومة الفلسطينية الذين حملوا على عاتقهم هم الأسرى والإفراج عنهم في أي صفقة تبادلية مشرفة.