الأربعاء: 27/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

هل القضاء الفلسطيني في محنة ؟

نشر بتاريخ: 21/09/2016 ( آخر تحديث: 21/09/2016 الساعة: 12:55 )

الكاتب: المحامي سمير دويكات

كما في مواضع أخرى أقول أن هناك كفاءات قادرة على إحداث الفرق في الجهاز القضائي والمنظومة القضائية، ويمكن السير نحو سبيل الإنقاذ، إذا ما ترك لها إمكانية العمل بحرية، وتم التغلب على الأنانية من البعض الذي اخذ منهجا شخصيا لتدمير البلد، وأتوجه إلى الغيورين في السلطة القضائية أولا ومن الزملاء المحامين وأعضاء النيابة أن يتولوا المبادرة الحقيقة في إصلاح الأمر قبل فوات الأوان.

صباح اليوم وعلى إحدى الإذاعات المحلية كانت مقابلة مع رئيس مجلس القضاء الأعلى الأسبق، ومن بين الأسئلة كانت عن القضاء وما يجري فيه في هذه الأيام من صراع بين شيوخه فقال مختصرا الوضع (إن القضاء الفلسطيني في محنة)، وتحدث عن تدخلات السلطة التنفيذية، وكان لمنهج تعيين القضاة والموظفين في السلطة القضائية خلال السنوات السابقة القليلة، نقلة نوعية بحيث قلل من الشروط المطلوبة لتعيين القضاة وهي شكلت المنعطف الخطير بحيث تقلد منصب القضاء زملاء قليلي الخبرة وقلة خبرتهم بائنة في عمل المحاكم، وهو ما سيكون لها الأثر الأخطر في قادم الأيام، فإذا قدر لك أن تزور دائرة تنفيذ رام الله وترى تراكم الملفات ستصاب بالدوار ولن يكون باستطاعتك الاستمرار، ومن أهم أسبابه عدم التنفيذ أو التنفيذ وفق أهواء شخصية، فربما المحامين والقضاء والمتقاضين يتحملون ذلك لأغراض الرزق ومصدره من هذا العمل ومن دخل من المتقاضين في قضية سيحاول الابتعاد قد الإمكان عن القضاء لتحصيل الحق لاحقا، وهو ما يسبب تراجع في كافة القطاعات وخاصة التجارية.

بالمقابل هناك سادة قضاة أكفاء قادرين على فرض أجندات العدالة وسيادة القانون ولكن، الجو العام لا يساعدهم على النهوض بما هو متوقع أو مقبول لفك محنة القضاء، ومنذ بداية سنوات 2000 كانت هناك عبارة شهيرة تردد (وهي ضرورة إعادة بناء السلطة القضائية)، لم يسمع احد منذ ذلك وبقي الحال وجاء رؤساء على هرم السلطة القضائية تابعين لأصحاب نفوذ ويأتمرون منهم كما حصل في قانون رسوم المحاكم الملغي والذي لو مر لقضى على أي شيء اسمه قضاء في فلسطين.

ربما البعض لا يعلم الكثير عن ما يجري في الجهاز القضائي إلا ما رشح من أيام وأشهر بعد صدور قرارات المحكمة العليا والدستورية والتي تضمنت إقالة لشيوخ من القضاء من مناصبهم العليا وهي ما سببت مفاجأة لدى البعض وصدمة عن الكلام لدى البعض الأخر، وبالنهاية إلى بداية لمرحلة انهيار لا سمح الله إن لم يتم معالجتها بشكلها الصحيح وبحزم، وللأسف الذي حصل هو تراكم لأخطاء منذ سنوات دون معالجة حقيقة، واعتقد إن الذي ظهر في الجهاز القضائي هو اصطفاف لبعض القضاة على جبهتين وكل جبه مواجهة للأخرى، وان معظم شيوخ الصف الأول في المحكمة العليا، ربما يكون مرتبطين بهذا الوضع، وهذا سببا لبقاء بعض القضايا أمام المحكمة العليا لسنوات دون مبرر.

لذلك فان إعادة بناء الجهاز القضائي تحتاج إلى قيادة مختلفة وجديد وبعقلية العدالة لا بعقلية الزعامة، وهو ما يرتب الاحتياج إلى مجلس قضاء أعلى جديد، يشكل وفق القانون باستخدام الصلاحيات التشريعية، إذ يتيح القانون إمكانية تعيين قضاة المحكمة العليا من الزملاء المحامين وهناك أكفاء قادرين على أن يكونوا بمستوى المسؤولية.
وعليه، وبناء على ما حصل ويجري إن كان لمسئولي هذه البلد رغبة في إصلاح الوضع عليهم البدء بإصلاح القضاء وكف تدخل السلطة التنفيذية بالقضاء، وأهم الحلول هو أن يتم إحالة أعضاء المحكمة العليا إلى التقاعد، ومليء شواغرهم من الزملاء المحامين وهناك من يستطيع إدارة الدفة بكل صدق وإخلاص شريطة مراعاة الموضوعية في التعيين. وغير ذلك ستبقى المعاناة وتزداد.