الأربعاء: 27/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

مكافحة ألفساد والحاجة الى التقييم ألموضوعي

نشر بتاريخ: 21/09/2016 ( آخر تحديث: 21/09/2016 الساعة: 12:52 )

الكاتب: عقل أبو قرع

حسب استطلاعات رأي متعددة حديثة، هناك أزدياد في نسبة الفلسطينيين الذين يعتقدون بوجود فساد في ألمؤسسات ألفلسطينية، حيث أشارت نتائج أحدى هذه الاستطلاعات التي تمت في عام 2015، أن حوالي 92% من الفلسطينيين يعنقدون بوجود فساد في المؤسسات ألفلسطينية، مقارنة مع نسبة حوالي ال 66% في عام 2013، وهذا يعني أن هناك أزديادا في نسبة الاعتقاد بوجود فساد بحوالي 26% بين عامي 2013 و2015، وهذا بحد ذاتة يطرح العديد من ألاسئلة وحتى حالات من ألاستغراب، وبألاخص في ظل تصاعد ألحملات والنشاطات والجهود والقوانين التي تمت وتجري في بلادنا في أطار عملية مكافحة ألفساد.

والاستنتاج السريع والبسيط من نتائج هذه الاستطلاعات، ان تأثير نشاطات مكافحة الفساد على المواطن الفلسطيني ألعادي لم يكن ايجابيا، سواء أكانت هذه النشاطات تتم من خلال الجهات الرسمية، او من خلال جهود منظمات المجتمع المدني وهي متعددة، او من خلال وسائل الاعلام، وهذا بحد ذاتة يطرح تساؤلات كبيرة حول جدوى هذه النشاطات والحملات والقوانين والندوات والمؤتمرات وما ألى ذلك، أو حول مدى نظرة المواطن للمجالات التي تتم فيها هذه النشاطات، أو حول طبيعة النتائج أو الاثر الذي يتوقعة ألمواطن.

هذا المواطن، الذي ما زال يرى وباغلبية ساحقة أن هناك فسادا مستشريا ويزداد في بلادنا، وهذا بدورة يطرح موضوع أهمية أجراء عمليىة تقييم موضوعية مستقلة وعلمية لجهود مكافحة الفساد في بلادنا، سواء أكانت هذه الجهود تتم من خلال جهات رسمية أو غير رسمية، ومن ثم نشر نتائج التقييم وبالتالي تعديل أو تغيير المسارات، والتي من الممكن ان تؤدي في المحصلة الى نتائج مستدامة تحدث تغيير في أوضاع وحياة الناس، ويكون لها أثر ايجابي على ألمواطن ألفلسطيني، وبالاخص الجيل الشاب، الذي هو من يتم التعويل علية للقضاء أو للتقليل من الفساد.

ومن المعروف ان من اهم معايير تقييم المشاريع او البرامج او الاعمال أو الخطط ألاستراتيجية، وبغض النظر عن انواعها، بالاضافة ألى الفعالية والاثار ومدى حاجة الناس اليها، هو الاستدامة، او مدى تواصل تأثير العمل بعد الانتهاء منة، او تواصل التأثير او التأثر بدون الحاجة الى تدخل او دعم جديدين، وهذه الايام الجميع يتحدث عن مبدأ الاستدامة، في التنمية والتعليم والتدريب، وفي الاستثمار بأنواعة، وحين الحديث عن الاستثمار في البشر، فأن الاستثمار المستدام في البشر يعني الاستثمار في الشباب، وما لذلك من تواصل اثار هذا الاستثمار، وفي مختلف الاصعدة، ومنها مكافحة الفساد، وبأنواعة، من الفساد الاداري، والفساد المالي، مرورا بفساد الاغذية والادوية، الى الفساد المتعلق بتلويث البيئة من مياة وهواء واراضي وما الى ذلك.

والاستثمار المستدام في الشباب في مجال مكافحة الفساد يعني اتباع الاساليب الصحيحة لذلك، من الناحية النظرية ومن خلال الممارسة العملية، وسواء اكان ذلك كمن قبل الجهات الرسمية الفاعلة في مجال مكافحة الفساد في بلادنا مثل هيئة مكافحة الفساد، او من قبل الهيئات الاهلية مثل مؤسسة امان مثلا، وهذا يعني التوعية والتثقيف والتدريب وبأسلوب واضح وبسيط يظهر الايجابيات لمكافحة الفساد، بدأ من التجمعات المحلية والمدارس والجامعات والاطر المختلفة، وهذا يعني تبيان سلبيات الفلساد وتداعياتة والمعاناة التي يسببها ومن خلال الامثلة.

وهذا يعني كذلك، الاظهار للشباب التداعيات القانونية والاجتماعية والسلوكية والتنموية وحتى على الاقتصاد للممارسات الفاسدة، ومن خلال الامثلة، ولتكن الامثلة من واقعنا ومن بلادنا، ونحن نعرف انة في الفترة الماضية كان هناك كشف وملاحقة قضايا فساد، او اشخاص فاسدين، واخذ ذلك حيزا اعلاميا، وبغض النظر عن حجمها او نوعها او نوعية الاشخاص الذين قاموا بها، ولماذ لا يتم استثمار مثل هذه القضايا في مجال بناء مفاهيم مكافحة الفساد عند الشباب الفلسطيني، ولماذا لا يتم استخدامها ومن خلال الاعلام وبأسلوب موضوعي بعيدا عن الاثارة للوصول الى الشباب، الذي سوف يعتمد علية بناء وتنيمة هذا المجتمع، بعيدا عن مفاهيم وممارسات الواسطة والمحسوبية والرياء والدجل والرشوة وما الى ذلك.

والاستثمار المستدام في الشباب الفلسطيني لمكافحة الفساد يعني ازدياد الوعي بضرورة الابلاغ عن الفساد سواء اكان من قبل الافراد او من الهيئات، وعلى الافراد اوعلى المؤسسات، وان تم ذلك، فأن هذا يعني ان المواطن وبالاخص الشاب الفلسطيني، الذي في اعتقادي هو حجر الزاوية في هذه العملية ، المطلوب توفير الحماية المعنوية والمادية لة، والمطلوب ارساء ثقافة اهمية العمل في الابلاغ عن الفساد كثقافة راسخة في مجتمع مثل مجتمعنا، الذي بأغلبيتة الشابة، هو الاساس للوصول الى ما نطمح لة من رؤيا، من بناء مجتمع فلسطيني خال من الفساد.

ولا يجادل احد بأهمية دور الشاب الفلسطيني، كمستهلك، في مكافحة الاغذية والادوية الفاسدة وفي مكافحة ممارسات تلويث البيئة من مياة واوارضي بالنفايات الصلبة، او بالمياة العادمة او بالمواد الكيميائية،وكذلك دورة في مكافحة فساد ارتفاع الاسعار والتلاعب بها، وغير ذلك من اشكال الفساد وانواعة، وكذلك دورة في الحد من ممارسات في احيان عديدة اعتدنا عليها او نتبجح بها، ومنها مثلا فساد السياقة في الشوارع، لان من لا يحترم قوانين السير سوف يؤذي الاخرين، ومعروف ان من تداعيات الفساد هو الايذاء او الحاق الضرر بالاخرين او بممتلكاتهم، وبغض النظر عن نوعة او مدى هذا الضرر.

وحتى يتم أجراء عملية التقييم ألموضوعية، وبالتالي ألعمل في مسارات يكون لها تأثير أيجابي على ألناس، فأنة يجب ألعمل على ازالة الخوف عند المواطن للابلاغ عن الفساد، وكذلك ألعمل من اجل تطبيق القانون وبسرعة، والابتعاد ولو تدريجيا عن الواسطة التي ما زالت تستشري في اجسادنا ونمارسها في حياتنا، وهذا كلة يتطلب زيادة التواصل مع المواطن الفلسطيني الذي هوالاساس لنجاح مستدام لعملية مكافحة الفساد، سواء من حيث بث الوعي أو من حيث الاجراءات على الارض، وان تم ذلك بالاسلوب والممارسة الصحيحة، سوف يؤتي بثمارة، ان لم يكن الان فربما بعد سنوات وبشكل مستدام وذو أثر ايجابي، يعكس ذلك في نتائج استطلاعات الرأي.