الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

غضب العاقل.. الجاليات الفلسطينية في الشتات

نشر بتاريخ: 22/09/2016 ( آخر تحديث: 22/09/2016 الساعة: 17:08 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

حرصت ما أمكن على لقاء الأخوة الفلسطينيين في الشتات كلما سنحت لي الفرصة، طلبة وعمال ومثقفين ومقاتلين ومناضلين ومبعدين ورجال أعمال، في عواصم العالم وقاراته، وفي العواصم العربية، جلست أتعلم منهم النجاح والصبر وحب الوطن، وتشرفت أن أكون بينهم في برلين وهافانا وبراغ وباريس وأمريكا وعمان والمنامة ودمشق والقاهرة وحتى موريتانيا.
وفي كل مرة تراني أتلمس الغضب والألم ضد السلطة الوطنية الفلسطينية، وحتى لا يذهب البعض كثيرا، فإن هذا الغضب حقيقي وليس مفتعلا من فصيل آخر او تنظيم مختلف، هو غضب العاقل الحريص على وطنه، غضب الأخ الواعي لأهدافه الوطنية وسلامة شعبه، وليس ثمة مؤامرة ولا تهويل.
خلال رحلتي الاخيرة، كان لي الشرف الكبير أن ألتقي بنخبة من الجاليات في الأردن وموريتانيا وفنزويلا وأمريكا، وكانت نفس الملاحظات ضد السلطة، ونفس الانتقادات، ونفس الملامة، ما يعني ان هناك شبه اجماع عند الفلسطينيين في الخارج على وجود خلل ما، فما هو هذا الخلل؟ ولماذا لم تعالجه الوزارات والسفارات ومكاتب التنظيمات؟
وإن جاز لي التقدير فإنني أرى في التشخيص الأولي أن السبب الحقيقي وراء هذا كله، هو حالة الإستثناء والتهميش الذي يعيشه نحو ستة ملايين فلسطيني في الخارج؛ فقد تحولت رام الله الى عاصمة قرار، ولا يشعر الاخوات والاخوة في الخارج انهم شركاء في القرار، والمجلس الوطني لا يستوعب الطاقات الهائلة التي تتدفق عند الاجيال الجديدة، هم واولادهم واحفادهم لم يشاركوا في تحديد مصيرهم، منذ أن كانت عمان هي عاصمة القرار الفلسطيني، وبعدها دمشق وبيروت وبغداد وتونس، وحتى غزة.
فلسطينيو الشتات لا يريدون مالا من السلطة، ولا وظائف، ولا تفريغ في الأجهزة الأمنية والسفارات، وانما هم كافراد او كاتحادات نسوبة وطلاببة وعمالية وطبية وهندسية بحاجة الى حضور.
هناك مشكلة حقيقية في اقامة جسور ثقة وجسور مشاركة، بل يصل الامر الى اقتصار علاقتهم بالسفارة فقط، وهذا أمر لا يستطيع السفير القيام به حتى لو أراد ذلك، ولا يستطيع الرئيس القيام بها ولو التقى بعشرات منهم في كل عاصمة، بل مطلوب إعادة الاعتبار للاقاليم ومشاركتهم الواعية في القرارات وتنشيط الانتخابات وعدم منع التنافس.
صحفيون كبار، محامون، طلبة، محاربون قدامى، أصبحوا على هامش القرار رغم انهم في صلب الحدث.
وعلى مثقفي الارض المحتلة التوقف عن لعب دور محامي الدفاع عن اللعبة، وعلى مثقفي الشتات التوقف عن لعب دور النيابة العامة التي تجلد.. لأن الواقع صعب وفلسطين بحاجة لكل الطاقات.