نشر بتاريخ: 29/09/2016 ( آخر تحديث: 29/09/2016 الساعة: 15:31 )
الكاتب: جميل السلحوت
من المآسي التي تعيشها أمّتنا وعالمنا العربيّ هذا الابحار في التّخلف والجهل، ومن اللافت في قضيّة اغتيال الكاتب ناهض حتّر، تلك الرّدود الواسعة التي تؤيّد عمليّة القتل، وكأنّنا أمام جريمة ارتكبها المجتمع بأكمله، دون أن يدري مؤيّدو القتل أنّهم يشرّعون لأنفسهم ولغيرهم عمليات تدمير الوطن وقتل المواطن، وقد يلحق هذا القتل ببعض من أيّدوه، تماما مثلما ارتدّت عمليات الارهاب التّكفيري إلى صدور من موّلوا الارهاب الأعمى واحتضنوه. فالارهاب لا دين له، مع أنّ بعض "المتأسلمين الجدد" نجحوا بامتياز في تجييره كتهمة للعرب والمسلمين وحتى للاسلام الحنيف.
وإدانة جريمة اغتيال الكاتب حتّر لا تعني مطلقا تأييد الاساءة للذّات الإلهية، أو لأي رمز دينيّ، وإنّما هي دفاع عن الدّين الاسلامي قبل كلّ شيء، وليس أدلّ على ذلك ما صدر من إدانات من مؤسّسات دينيّة كالأزهر ودار الفتوى الأردنيّة. كما أنّها دفاع عن الأردنّ وشعبه الذي يحاول البعض جرّه إلى الاقتتال الداخليّ لتدميره وقتل شعبه كما يجري في سوريا والعراق وليبيا وغيرها.
ومن المؤلم أنّ مقدّسي ثقافة الجهل من تكفيريّين وتخوينيّين أنّهم لا يرون الحياة إلا باللونين الأبيض والأسود، ولا ينتبهون لما بينهما من ألوان أكثر جمالا.
فجريمة اغتيال الكاتب حتّر تخطّت كثيرا من الخطوط الحمراء التي لم تكن في أحسن حالاتها إلا إثارة للفتنة التي لن ينجو من نارها أحد إن لم تلجم في مهدها. واغتيال الرّجل على عتبة قصر العدالة يثير تساؤلات كثيرة، أوّلها هل ستتحقّق العدالة في هذه القضيّة تحديدا؟.
وإلى المتمترسين خلف جهلهم بالدّين الصّحيح، هل يعلمون من هو الملكلّف بتنفيذ القتل بحقّ من يستحقّون القتل؟ وهل يستطيع أحد الحكم بقتل انسان خارج القضاء؟
وهل يعي من يؤيّدون قتل النّفس التي حرّم الله قتلها إلا بالحق أنّهم شركاء ومحرّضون على ارتكاب جرائم القتل؟ وما موقف الدّولة والقضاء منهم؟ والأهمّ من كلّ هذا هو : من المسؤول عن نشر ثقافة التّكفير والتّخوين التي تستبيح دماء البشر؟ وما موقف الدّولة من ذلك؟ ولماذا لا يتم القيام بحملة توعويّة ضدّ الجريمة يشارك فيها رجال الدّين، والمثقّفون ووسائل الاعلام وغيرهم؟ ومع الأسف أنّنا نحن العربان قد انفردنا في هذه المرحلة عن بقيّة شعوب الأرض، بأنّنا نقتل بعضنا البعض، ونستبيح دماءنا وندمّر أوطاننا، والرّابح هم أعداؤنا، ولا خاسر غيرنا، ونجد القتلة يزعمون أنّهم ينفّذون أمر الله، وكأنّهم مالكو مفاتيح الجنّة والنّار.