الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

لماذا انتقلت انتفاضة القدس الى الخليل ؟

نشر بتاريخ: 02/10/2016 ( آخر تحديث: 02/10/2016 الساعة: 22:11 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

قبل عام، قام أطفال القدس يقولون للعالم ( لن نموت بصمت ) ( لن نسكت حتى يحرقنا المستوطنون مثل علي دوابشة ومحمد ابو خضير ) ( لن نقبل ان يشتم النبي في باحات المسجد الاقصى )، فاندلعت انتفاضة القدس التي حيّرت ألباب علماء الاجتماع والساسة والمحللين، ولوحدها قررت ان تقود ذاتها ، وهمست انها سيدة نفسها، وهي التي تقرر شكل المواجهة بحجر او بألعاب نارية او بمسطرة وقلم او بسكين فواكه او برصاص حزين .
جيل تعمّد بالاسى ، وفم تمرّد ان يتوب .
بعيون الامل لا بعيون الكراهية .
بسواعد التلاميذ وطلبة الجامعات لا بفعل الغوغاء والدهماء .
بارادة الاحرار وأنوار القلوب لا بزفير العبيد .
بأنفاس حرّا من الجيل الجديد لا بتحريض الانتقام من الجيل القديم .
بابتسامة الامل وشموخ الطفل العربي لا بعبوس المتكدرين الفاشلين .
هبت انتفاضة القدس ، هبّت في شوارع القدس والتهب جمرها في شعفاط وبيت حنينا وباب العامود وباب الاسباط وباب الساهرة وباب الخليل وروميما والمصرارة والشيخ جراح والمكبر والثوري وسلوان وبيت حنينا ووادي الجوز ودير ياسين. فنصب الاحتلال جدرانا تحاصر الاحياء العربية ال28 .


فاشرأب الشباب برؤوسهم ولم ينحنوا . حملوا سنابل القمح الى باب حطة وأحتلوا قمة جبل متسادا .
انتفاضة القدس اخترقت الجدران ووصلت تل ابيب وحيفا وبات يام ونهاريا والعفولة . ثم اشتعلت اكثر، ثم همدت ، ثم خرج نتانياهو يعلن انتهاء الانتفاضة ، فاشتعلت من جديد ، ثم خبت ، ثم انتقلت الشعلة الى الخليل. خبأت الخليل الانتفاضة في قلبها ، وحنت عليها بالشهداء وشقائق النعمان .
هم الاعصار من دون اسم .
هم الاصرار من دون قسم .
هم الوزراء من دون حقائب .
هم النجوم من دون أفلام .
هم الحقيقة من دون رياء .
هم القصة التي صارت حكاية .
هم النار التي تتوهج كلما حاولوا اطفاءها .
هم البرق الذي يلمع من دون رعد يسمع .
وهم الرعد الهادر لا يكترث باوراق الخريف .

مر عام ، ونحن نرى اطفالنا يقودوننا ، يعلموننا من جديد أن الارض أغلى من حسابات البنوك .
مرّ عام ونحن نفكر ونتأمل وهم بفعلون ولا يتحدثون .
مر عام ونحن نتقاتل على شاشات التلفزيون نشتم بعضنا بعضا وهم لا يشتمون الا الاحتلال ولا يحملون في قلوبهم سوى الحب .
فخجلنا .
ونخجل. من شهيد كتب على صفحة الفيس بوك قبل استشهاده بدقائق : لا تتشاجروا على جنازتي. فأنا لست تابعا لهذا الفصيل او ذاك الفصيل . أبلغوا امي ان تسامحني فقد شق المذاق. أنا شهيد فلسطين . شهبد القدس , ولبيك يا أقصى . فننظر الى وجهه وهو مسجّى ولا نرى سوى زغب الاطفال في محياه .
بعد عام .... لم نفهم رسالتهم ... نصرخ ونشتم ونتشاجر .. ولم نسمع همساتهم وهم ينطقون الشهادة ويقولون "لبيك يا اقصى" .
ولا نزال نملك الجرأة لنتحدث نيابة عنهم ، ونصرخ أعلى من أصواتهم .
وهذا يسأل : ما البديل ؟ وذاك بحدثنا عن المستحيل ؟
وهذا يباغتنا : ولماذا انتقلت من القدس الى الخليل ؟