نشر بتاريخ: 03/10/2016 ( آخر تحديث: 03/10/2016 الساعة: 15:31 )
الكاتب: ياسر المصري
لا شك أن من أهم أدوات حماية مصالح الشعوب هو ما يسمى بالرأي العام ، وهذا الرأي مؤكد يتشكل وفق لبنات سليمة في صياغة الوعي المجتمعي عبر ثلاثة أركان ، أولها الإنتماء للمجموع(الوطنية) ، وثانيها البيئة القيمية المتماسكة(الوجدان الكلي)، وثالثها وجود سلم أولويات سليم يحفظ القدرة للحفاظ على المصالح العليا ، وفق إجماع يحافظ على التفريق ما بين المصلحة الأعلى من المصلحة الأدنى.
ولكون الشعب الفلسطيني صاحب خصوصية مجتمعية ، لكونه مجتمع يناضل ويكافح لنيل حقوقه الوطنية والإنسانية ، ويواجه إحتلال يبنى إدعاء الحقوق وفق التزوير والتحريف (في التاريخ والدين) فإن الرأي العام والإجماع الشعبي أدوات تحتل قيمة وأهمية اكبر بحجم كبر وإتساع إمتياز الخصوصية المجتمعية للمجتمع الفلسطيني ، وقد تم إستهداف هذا الرأي العام والعبث في الإجماع الشعبي وفق أليات وأدوات عديدة ومتعددة من قبل الإحتلال والغوغاء وأيضا ساهم بتعميق هذا الإستهداف والعبث ضعف النخب المجتمعية وتخليها عن دورها المركزي في إنجاب الطلائع وغيابها عن تحديد سلم الأولويات سواء كان على الصعيد الوطني او المجتمعي.
وكدلالة على عمق ذلك ، يمكن تصور أن هناك إجماع شعبي ورأي عام يرفض التنسيق الأمني على سبيل المثال ، غير أن التنسيق الأمني هو جزء من إتفاق سيء قد قتله الإحتلال وتجاوزه ، وكان الأصل تشكل وصياغة رأي عام يرفض الكل السيء (كل الإتفاق) بدل تشكل رأي عام وإجماع يرفض البعض البسيط من كل سيء.
وحتى لا يكون الجلد للذات عادة ، وحتى لا يبقى الإدعاء وسيلة لا بد من الوقوف عند حالة الإنقسام في الرأي من مشاركة الرئيس الفلسطيني في تشييع جنازة رئيس سابق لدولة الإحتلال ، وبغض النظر عن طبيعة هذه الشخصية من حيث إجماع كل أبناء الشعب الفلسطيني سواءا كانوا رسميين أو من عامة الناس فإن بيرس هو شخص ورجل عمل على تنفيذ سياسات تعبر عن الإحتلال وليس هناك من سوء أكبر من سوء وجود وقيام الإحتلال وبالتالي لا يوجد من هو أفضل أو أسوء لكل من خدم وعمل وساند هذا الإحتلال ، وإذا كان هناك من رأي شعبي ووعي معافى ومتماسك فإن كل الإحتلال مرفوض وسيء ومجرم ، وهذا ما يجعل منا كشعب في تناقض كلي وقيمي مع كل مكونات هذا الإحتلال ، وتوصيف الإجرام هي عامة وشاملة ، والرفض أيضا عام وشامل لكل ما يعني ويدلل على وجود الإحتلال ، وإذا كان الأمر كذلك فأين هو الرأي الشعبي من المقاومة الشعبية ومساندة هذه المقاومة كأداة نضالية أجمعت عليها كل فصائل العمل الوطني الفلسطيني.
وأين هو الموقف والرأي العام من مواقف الرئيس الفلسطيني والتي لا تحتاج إلى إبرازها في ظل عدم وجود للعبث في الإجماع الشعبي ، من حيث رفضه لسلب القرار الفلسطيني السياسي ومن رفضه للضغوطات ومن أنجازاته السياسية على الساحة الدولية ، وأين هو الموقف الشعبي والرأي العام ممن يستغلوا الحالة السياسية لنصرة الإحتلال في كسر الشرعية الفلسطينية ، وقد يكون الأخطر والأهم في خطورته من حيث الحاجة هو الرأي العام والإجماع الشعبي على ضرورة رفض المساس بالشرعية الفلسطينية كجهة تمثيل والتي تفرض وجود رأي عام يليق بقضيتنا من حيث الموقف من الإنقسام.
لعل الخلط ما بين الموقف الشعبي والموقف الرسمي ، يخدم من حيث لا نعلم أو يعلم البعض أجندة ذات علاقة بكسر الغلاف الشعبي من حول القرار الوطني الفلسطيني ، وقد تعرض الرئيس الفلسطيني الراحل لحملات عميقة من حيث التشويه والعزل الشعبي ، وما كان حصاره في مقر إقامته بالمقاطعة إلا أحد الأدوات التي حاول الإحتلال من خلالها عزله عن شعبه .
وبكل الإعتبارات والإستفسارات هل هناك مصلحة إحتلالية بكسر الغلاف الشعبي من حول القيادة وتجريدها من شرعيتها النضالية؟؟؟؟؟؟ ولعل الإجابة والإجابات على مثل هذا التساؤل تفرض وضع تصريح وزير حرب الإحتلال بتاريخ 31/9/2016 والمنشور في صحيفة هأرتس وهذا التصريح مضمونه مهاجمة الرئيس عباس وإتهامه بالفساد وتحريض رجال الأعمال الفلسطينيين للتخلص من الرئيس عباس ، لكون الرئيس عباس عائق امام تحسن الوضع الإقتصادي في اراضي دولة فلسطين المحتلة ، وعلى هذا هل أصبحنا بحاجة لمحكمة فساد تديرها بيت إيل(مقر سلطة الإحتلال العسكرية) وهل ليبرمان وادوات إحتلاله جنود حماية لمصالحنا الوطنية؟؟؟؟؟؟
ليس غريبا أن ننقسم في الرأي على مسألة ما ، ولكن الغريب خطورة أن تنتفي الوطنية بنا ونحن غارقون في تيه الإدعاء ، لكي نساهم جهلا أو عمدا في إصابة وعي أبناء هذا الوطن بالتيه وإعتناق الباطل ظنا وزللا بأنه الحق.