نشر بتاريخ: 09/10/2016 ( آخر تحديث: 09/10/2016 الساعة: 15:36 )
الكاتب: عقل أبو قرع
يأتي الاعلان الجديد للجانب الاسرائيلي، بالبدء بأنشاء مستوطنات أو أحياء استيطانية جديدة في المناطق الفلسطينيه، وكذلك تصريحات مسؤولون اسرائيليون بالدعوه الى ضم الضفة الغربيه، لتضرب بعرض الحائط الامال الضئيله المتبقيه حول ما يعرف ب " حل الدولتين"، أو حل " الدولتين لشعبين" أو بأية جهود دولية أو اقليمية لحلحلة الجمود السياسي وبالتالي أمكانية أستئناف مفاوضات السلام، التي عفى عليها الزمن منذ فترة ليست بالقريبه.
وأصبحنا نسمع وبشكل منظم خلال الاسابيع أو الاشهر القليله الماضية عن تلاشي أمكانية الوصول لحل بناء على مفهوم أو على اساس" حل الدولتين"، والسبب هو عدم واقعية الوصول الى ذلك في هذه الظروف وفي ظل المعطيات الحاليه على الارض، ومرار وتكرارا يدعو المسؤولون ألاسرائيليون ومن أعلى المستويات، الى البدء بأتخاذ خطوات احادية الجانب، من اجل التعامل مع الجمود الحالي في العملية السلمية، او في مفاوضات السلام وما يدور من حولها هنا وفي المنطقة، وتأتي هذه التصريحات في ظل تبدل وتغير الاولويات وحتى الاهتمامات في المنطقة وفي العالم في امورنا أو في قضيتنا، وفي نفس الوقت التصريحات الموازية بعدم واقعية حل الدولة الواحدة، وبالاخص من قبل الطرف الاسرائيلي، الذي من شبة المؤكد انة يرفض انضمام أكثر من 6 ملايين فلسطيني الى دولة واحدة بحيث يتمتعوا بنوع من الحقوق في تلك الدولة تحت نظر وسمع ومراقبة ومتابعة العالم.
وتأتي هذه الدعوات في ظل انسداد كامل في الافق السياسي، وفي ظل برود او تناسي عربي بما يدور عندنا، وبالاخص انة اصبح ما يجري في سوريا او في اليمن او في ليبيا اكثر اهمية لمصالح دول عربية عديدة، وحتى في ظل اهتمام اوروبي بما يدور على ابوابهم من قضايا اللاجئين واعمال العنف وتبعاتها المتدحرجة، وحتى في ظل انشغال امريكي بالمد الروسي المتصاعد في المنطقة وتبعات ذلك الاقليمية والدولية، وكذلك بحمى العملية الانتخابية وحتى في ظل انتظار قرارات او بيانات الجنائية الدولية، والتي من الممكن ان تمتد لعدة سنوات قادمة؟
في ظل كل ذلك، تزداد خطورة البدء في خطوات احادية الجانب، لا نعرف مضمونها، ويعرف من يخططون لها، ان المنطقة والعالم لن تستطيع عمل شئ لايقافها او حتى للتعاطي معها واعطاء الاولوية لها، كما لم تستطع عمل اشياء اخرى، من اجل ايقاف لجؤ حوالي 10 ملايين سوري من بلادهم او في داخلها، او لايقاف الحرب المدمرة التي حطمت بلادهم وحرقت اراضيهم وشتت ابناء الشعب الواحد؟
وفي نفس الوقت، وبعيدا عن واقعية حل الدولة الواحدة، فكيف من الممكن ان يبقى خيار حل الدولتين قائما، ونحن نعرف ان هناك سياسة بل وخطوات عملية من اجل اقتطاع مناطق فلسطينية ولو تدريجيا، مثل الاتجاة بذلك نحو منطقة الاغوار الفلسطينية، او منطقة معالية ادوميم اي اقتطاع البقع الجغرافية الفلسطينية والتي تشكل حوالي ربع مساحة الدولة الفلسطينية المتوقعة في اطار حل الدولتين، التي يسعى الفلسطينييون والعالم لانشائها، لان اقتطاع الاغوار مثلا، وبأي شكل او بأية صورة، وتحت اية مسميات، يعني اقتطاع اراض زراعية وتربة خصبة وابار مياة جوفية، واراض سهلة تصلح للانشاءات والمشاريع الاستراتيجية، واقتطاع التواصل بين الداخل، وكذلك اقتطاع او تشوية التواصل مع الخارج.
وفي ظل تلاشي حل الدولتين، اي اقامة الدولة الفلسطينية المقبولة دوليا ضمن حدود عام 1967 ، والتي تشكل فقط حوالى 22% من مساحة ارض فلسطين التاريخية، يتلاشى التواصل والسيادة والتحكم الواجب لاقامة دولة اسوة بغيرها من الدول في المنطقة والعالم، والذي لم يكن موجودا بالاصل بين الضفة وغزة، اصبح الان غير موجود بين مدينة او قرية واخرى، وان مقومات وجود او ثبات او ديمومة مثل هذه دولة تتداعى بشكل منهجي، من خلال الاستغلال المتواصل لمواردها ولمصادرها الطبيعية من مياة وارض وثروات، ومن خلال الاصرار على التحكم في الاجواء وفي الحدود وفي التنقل ومن خلال التقسيمات المختلفة والتي اصبحت جزء من الواقع.
وفي ظل تواصل خطوات الاستيطان وغيرها من الخطوات الاحادية الجانب، وفي ظل وصول احتمال خيار الدولتين الى احتمال الصفرتقريبا، وفي ظل اوضاع متغيرة وتتغير بسرعة، سواء اكانت عندنا او من حولنا، وفي ظل الحديث عن عدم جدوى المراحل السابقة وشعاراتها واطروحاتها، وفي ظل الحديث عن الحاجة الماسة لاستراتيجية فلسطينية جديدة تتعامل مع السياسات الحالية على الارض، وتأخذ الواقع بكل بمعطياتة بعين الاعتبار ، فان المطلوب هو اخذ هذه المعطيات بشكل موضوعي وعلمي من اجل تحديد الخيارات او البدائل، بعيد عن ما كان يعرف ب" حل الدولتين"، وحتى حل الدولة الواحدة، وبعيدا عن الشعارات الكبيرة التي اعتدنا عليها.