الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

نبض الحياة ...حصان المغرب الرابح

نشر بتاريخ: 14/10/2016 ( آخر تحديث: 14/10/2016 الساعة: 12:01 )

الكاتب: عمر حلمي الغول

إنجلت نتائج الانتخابات المغربية الاخيرة، التي جرت في السابع من إكتوبر الحالي، وأظهرت بجلاء فوز حزب "العدالة والتنمية" الاسلامي بزعامة عبدالاله بنكيران، الذي حصد 125 مقعدا في البرلمان، متجاوزا مقاعده في الانتخابات السابقة 2011 بثمانية عشر مقعدا، ومتقدما على كل القوى المنافسة له بما فيها حزب "الاصالة والمعاصرة" المدعوم من النظام المغربي. وجاء في الموقع الثاني بحصوله على 102 مقعدأ. وكلاهما حصد من اجمالي المقاعد ال395 ما نسبته 57,5% بمجموع 227 مقعدا. وبالتالي بقي حزب الاسلام السياسي وأمينه العام بنكيران حصان المغرب الرابح.

مع ان رئيس الحكومة الاسلاموي بنكيران واجه حملة قوية من قوى المعارضة، وحتى تصادم مع وزارة الداخلية، وظهر التصادم على سطح المشهد الاعلامي. أضف إلى ان تبوأه رئاسة الحكومة أدخله في تصادم مع قضايا المواطنين المغاربة وخاصة عندما رفع الدعم الحكومي عن السلع الاساسية، وايضا باقراره تعديلات في قانون التقاعد وغيرها من القضايا، التي تمس مصالح المواطنين الخاصة. غير ان قيادة حزبه تمكنت من تبرير قراراتها عبر وسائل الاعلام، ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي وموقع الحزب الاليكتروني الخاص. وحرص حزب الاخوان المسلمين ( رغم إعلان بنكيران عن ولائه للوطن والملك المغربي، وقطع الصلة مع المرشد والتنظيم الدولي للاخوان ، إلآ ان براغماتية الاخوان المعروفة تبقي علامة سؤال كبيرة على مصداقية قادة فروع الاخوان في المغرب) على التماس مع الجماهير المغربية، والتواصل معهم، وكسب ثقتهم، مما افقد خصومه السياسيين النيل من رصيده في الشارع المغربي. ووفق المتابعين لتجربة الرجل، فإنه تميز عن اقرانه قادة الاحزاب بالبساطة والتواضع المتلازمة مع الذكاء والدهاء السياسي.

تجربة الانتخابات المنتهية الاسبوع الماضي في المغرب دونت سمات خاصة بها، منها: إستمرار تفوق حزب "العدالة والتنمية"؛ بروز حزب "الاصالة والمعاصرة" كمنافس قوي في المشهد السياسي، وتمكنه من استقطاب انصار ومحازبي قوى سياسية عريقة في الساحة، مما مكنه من إضعافها وتوسيع رصيده في الشارع والبرلمان على حد سواء، فبعد ان كان له 47 مقعدا في البرلمان السابق، امسى اليوم له 102 مقعدا؛ ضعف واضح وعميق لليسار، حيث ان الفيدرالية اليسارية الديمقراطية، التي مثلت ثلاثة قوى لم تحصد سوى مقعد واحد فقط. وهو ما يعكس تراجع مصداقية الخطاب الاجتماعي اليساري امام الخطاب الديني الاجتماعي والوطني العام؛ ضعف نسبة المشاركة الانتخابية، حسب مصادر الداخلية المغربية النسبة 43%. غير ان هذا الضعف لم يؤثر على حجوم القوى المشاركة في العملية الانتخابية؛ وايضا تخفيض الداخلية المغربية لنسبة الحسم او كما يسمونها في المغرب الشقيق خفض العتبة من 6% إلى 3% لم يغير من واقع المشهد، بمعنى آخر، كانت هناك تقديرات، تقول، ان تخفيض نسبة الحسم سيفتح الباب امام قوى جديدة للصعود لسدة البرلمان، غير ان شيئا من ذلك لم يحدث؛ ضمنا اشير آنفا لتراجع القوى التقليدية التاريخية مثل : حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، حزب الاستقلال، حزب التقدم والاشتراكية وغيرها من القوى كتجمع الاحرار .. إلخ

التجربة الانتخابية الجديدة، التي شهدها المغرب الشقيق، وهي الانتخابات الرابعة، التي تجري منذ تولي الملك الشاب محمد السادس الحكم في 1998، والثانية بعد تعديل الدستور في 2011، تؤكد قدرته على مواكبة التطورات السياسية، وكفاءته في قطع الطريق على الاسلام السياسي وترويضه، كما حصل مع حزب "العدالة والتنمية". وبالتالي إخراج المغرب الشقيق من لوثة الاخوان المسلمين، ووضعهم تحت العباءة الملكية بحنكة وذكاء، وحماية الدولة والنظام السياسي على حد سواء. ليس هذا فحسب، بل وفتح الباب واسعا امام تعميق الوحدة المغربية والتطور الاقتصادي للبلاد. وهو ما يعني، ان نجاح الانتخابات البرلمانية، هو نجاح لسياسات الملك الشاب محمد السادس، وتعزيز لمكانة حكمه. مبروك للمغرب ملكا وحكومة وشعبا الانتخابات ونتائجها ولحصان المغرب الرابح، بغض النظر ان كان المرء معه او لا. فهذه هي الديمقراطية.