نشر بتاريخ: 16/10/2016 ( آخر تحديث: 16/10/2016 الساعة: 10:21 )
الكاتب: حيدر عيد
سيادة الرئيس جاكوب زوما:
أنا فلسطيني الأصل وأحمل الجنسية الجنوب افريقية , هذه ثاني رسالة ارسلها لسيادتكم. لقد حصلت على درجة الدكتوراة من جامعة جوهانسبرغ ومن ثم عملت محاضراً في نفس الجامعه وايضا في جامعة فيستا في منطقة سويتو التي كانت مخصصة للسكان الأفارقة. لطالما كانت الدروس التي تعلمتها من نضالكم ضد نظام الأبارتهيد -الفصل العنصري- بمثابة مشعل يوجهني في حياتي, كما زالت مصدر إلهام للشعب الفلسطيني في نضاله وكفاحه لنيل الحرية والعدالة والمساواة .
لقد أصبنا بخيبة أمل شديدة عندما شاهدنا المؤتمر الصحفي الذي قام به سفيركم في إسرائيل, السيد سيسا نغومباني, بهدف الترحيب بعودة لي آن نيدو الى جنوب افريقيا بعد أن قامت دولة الأبارتهيد الاسرائيلي باختطافها اثناء تواجدها في المياة الدولية ضمن مجموعة من النساء على متن قارب النساء الدولي لكسر الحصار على غزة. على ما يبدو فإن السفير نغومباني قد قام بتوطيد علاقته مع اسرائيل خلال سنوات خدمته الأربع في تل ابيب. وللأسف الشديد, فإنه عوضاً على أن يكون ممثلا لدولة جنوب افريقيا التي تحررت من نظام الأبارتهيد, بدا و كأنه سفيراً لدولة الأبارتهيد الإسرائيلي!
يبدو أن سعادة السفير نغومباني ليس على علم بموقف الحكومة الجنوب افريقية في بياناتها بهذا الخصوص حيث أفادت : " ان سبب الوضع المميت في قطاع غزة هو الحصار الاسرائيلي وان غزة ليس لها علاقة بالأحداث التي تجري في الضفة الغربية." على العكس من ذلك, فقد أصر على دعمه لإسرائيل مدعياً أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2014 لم يكن الا "حرباً" اندلعت نتيجة العمليات الفلسطينية في الضفة الغربية, وهذا أشبه ما يكون بقولنا ان المضطهدين السود في جنوب أفريقيا كانوا مسؤولين عن مذبحة شاربفيل!
و خلال المؤتمر الصحفي في مطار أوليفر ثامبو, رفض السيد نغومباني أن يستمع لمن لهم علم بحقيقة الأمرفي فلسطين من الجنوب افارقة عندما أظهروا اعتراضهم على سوء عرضه للحقائق , بل وأصر على التصريح بالرواية الاسرائيلية البحتة التي, كما تعلمون, تصف الفلسطينيين بالإرهاب و أنهم غرباء في هذه الأرض .من الواضح جداً أنه قد جرت عملية غسل دماغ للسفير نتيجة قربه من النظام الاسرائيلي. و عليه فإننا نتساءل - سيدي الرئيس- كيف يمكن لأفريقي ترعرع ونما تحت وطأة نظام الأرباتهيد الجنوب الأفريقي العنصري وقضى سنوات في اسرائيل- أن لا يعترف بوجود نظام فصل عنصري تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين ؟! في حين ان جمعاً كبيراً من أبرز أبناء جنوب أفريقيا الذين ناضلوا بشراسة ضد الأبارتهيد, من روني كاسريلز وصولاً لديزموند توتو, قد قاموا بتقديم روايات مفصلة عن أوجه الشبه بين نظام الابارتهيد الجنوب أفريقي البائد ونظام الابارتهيد الاسرائيلي في الأراضي الفلسطينية بل و وصلوا
إلى أبعد من ذلك حين اعترفوا ان ما يعانيه الفلسطيني تحت نظام الابارتهيد الإسرائيلي يتعدى بمراحل ماعاناه الجنوب افريقي تحت نظام الابارتهيد.
لقد علمنا أيضا أن السفير لم يقم , بل أنه لم يحاول ان يلتقي بآن نيدو عندما احتجزت بشكل غير قانوني في أحد السجون الاسرائيلية. إن محاولة نيدو الشجاعة لكسر الحصار المفروض على غزة قد منحتنا القوة . هذا الحصار الذي أدانته الأمم المتحدة و غالبية مؤسسات حقوق الإنسان كونه شكلا من أشكال العقاب الجماعي . إن محاولة نيدو هذه قد أكدت بأن هناك العديد العديد من الاشخاص الذين يساندوننا في نضالنا.
سيدي الرئيس
لقد أظهر لنا السفير نغومباني رفضه و معارضته للمواقف الداعمة لقضيتنا التي اتخذها الشعب الجنوب افريقي, بل والموقف الذي اتخذته حكومتكم نفسها والذي كان صريحاً و مؤيداً لحق عودة الفلسطينيين الى اراضيهم وبلادهم, وهذا, في اعتقادي, يمثل إحراجاً لسيادتكم وللشعب الجنوب افريقي ولتاريخ نضالكم من اجل الحرية والمساواة, هذا النضال الأخلاقي الذي مازال يلهمنا في نضالنا الفلسطيني.
سيدي الرئيس
إننا نطالب بإزالة السفير من منصبه لعدم تقيده وتمثيله لسياسات وأخلاقيات حكومتكم, ونرجو عدم استبداله بأي سفيرآخر. ما نطالبه من سيادتكم هو أن تحذو حذو فنزويلا ونيكاراغوا وبوليفيا و أن تقوموا بقطع كل العلاقات الدبلوماسية مع نظام الأبارتهيد الإسرائيلي .أنه الشئ ذاته الذي طالبتم به دول العالم عندما كنتم تعيشون تحت وطأة نظام الفصل العنصري. إن نداءكم حينها كان موجها الى كل محبي الحرية و العدالة في جميع بقاع الأرض. إننا اليوم نعاني من نظام الفصل العنصري نفسه , ونطالبكم بدعم نضالنا المتواصل ضد الانتهاكات التي نتعرض لها يوميا. نطالبكم, سيدي الرئيس, بقطع علاقاتكم الدبلوماسية مع اسرائيل بالكامل لأن تمثيلكم هناك يعني انكم تدعمون الاستيلاء على الأراضي و تدعمون التطهير العرقي والعقاب الجماعي والعنصرية والأبارتهيد.
هل هذا حقا هو التاريخ الذي تريد ان تتركه خلفك؟ هل هذا هو ما تريد من جنوب افريقيا ان ُتذكر به؟
إختر شجاعة آن نيدو وطبق القيم العالمية للمساواة والإنسانية بدلاً من اختيار عنصرية السفير نغومباني. إختر ان تكون ضمن من يكافح ضد الإضطهاد الإسرائيلي للشعب الفلسطيني المضطهَد. إن التضامن اليوم يكون بمقاطعه وسحب استثمارات وفرض عقوبات على اسرائيل و بخطوات شجاعة مثل القارب النسوي لكسر الحصار.
و أنت, أيها الرفيق زوما, بمقدرتك القيام بأكثر من ذلك ..قم بقطع العلاقات الدبلوماسية مع نظام الابارتهيد الوحيد المتبقي -الابارتهيد الاسرائيلي-