الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

القواعد القانونية الحاكمة للأخطاء الطبية في فلسطين

نشر بتاريخ: 16/10/2016 ( آخر تحديث: 16/10/2016 الساعة: 10:15 )

الكاتب: المحامي سمير دويكات

في سنة اولى قانون كان لنا الموعد مع دراسة الاخطاء الطبية من الناحية الجنائية اي حالة الجريمة في الاهمال والتقصير للاخطاء الطبية التي رتكبها الطبيب او اخطاء المهن التي يرتكبها اي احد يقوم بممارسة اعماله اليومية في سبيل تنفيذ التعاقدات مع زبائنه او موكليه، فالجميع ينزل صباحا ليقوم باعماله اليومية وهناك الاعمال الناجحة الكثيرة ولكن لعدم سواد العدالة او الاحترافية او التعيينات على اساس غير عادل توجد الاخطاء ومنها الكثيرة، لان اصحاب المهن في بعضهم اصبح همه الاكبر ان يقوم بجني المال الذي هو زينة من زينات الحياة الدنيا، فالخطا ليس عيبا لان من يعمل يخطا ولكن يجب ان يكون هناك محاسبة للخطائين او الذي يرتكبون الافعال المخالفة للقانون وقد افردت القوانين نصوص حاكمة لكل الحالات ومنها موضوع المقال الاخطاء الطبية ولكن تعودنا ان نعلق الاخطاء على شماعات ليست هي عين الحقيقة، فمن يدعي انه لا يوجد قانون فهو واهم وفي فهم القواعد العامة للقانون وما اتجهت له القواعد القضائية واحكام محكمة النقض والمحكمة العليا سواء في فلسطين او المقارنة هو انه يوجد حل قانوني لكل المسائل التي تجري وكما قالت محكمة النقض الفلسطينية انه لا يجوز ان يوضع المواطنون والمتخاصمون والمتقاضون امام جدار صد بمعنى انه لا يمكن للقاضي ان يقول انه ليس لدي قانون لاحكم به والا ارتكب جريمة انكار العدالة.

وفي موضوع الاخطاء الطبية هناك قانون العقوبات الستينات والقواعد العامة التي يمكن المحاسبة عليها اذا ما توفرت اركان جريمة الخطأ الطبي، وقد اقر القضاء في مصر وفرنسا ان الخطا الطبي اليسير في التخصصات الطبية يشكل جريمة يعاقب عليها القانون وهو خطا مفترض اذا ما كانت العملية محل الخطا بسيطة وترتب عليها عمل فظيع نتج عنه موت المريض اذا لم يرافقه سبب اخر وبالتالي يوجب التعويض وتحسب كما قضايا التامين الاخرى وفي فلسطين وفق قانون المخالفات المدنية ومجلة الاحكام وقانون التامين وفيها الغنى الكثير من النصوص القانونية المعالجة للموضوع.

لم اكن شخصيا لدى دراية كاملة في هذا الموضوع الا بعد متابعة قضية لطفل وسجلت امام القضاء وعلى اثره الدراسة العميقة وكان التحدي الكبير فيها ان الاطباء لن يزودونا في تقارير طبية او شهادات تؤكد الخطا وما حدث ان الطبيب عالج الطفل في ثلاث عمليات ولم تنجح والصور الاشعائية تبين بوضوح لا يحتاج الى تفسير او تبرير ان خطا طبيا وقع وهو ما اقره اطباء زملاء شفهيا دون ان يكتبوه في تقاريهم وكانت المحكمة في الدرجة الاولى قد ردت القضية لعدم توفر البينة الفنية (حسب رايها) وهنا اخطات المحكمة الموقرة لان البينة متوفرة وقد رفضت المحكمة ابرازها، وامام محكمة الاستئناف اليوم فتح الملف من جديد لتدقيق البينات وسماع بعض الشهود، وفي القضية نفسها تم تزويد المحكمة بشهود من كبار الاطباء ولم يمتثلوا لقرار المحكمة ولم تبادر المحكمة الى اتخاذ اجراءات قانونية ضدهم، وهو ما يفسر القصور في الانظمة المختلفة لمتابعة هذا الموضوع الذي ادى الى حالات عانى فيها الكثير من المرضى نتيجة الاهمال الطبي. وقد مر علي شخصيا حالات كثيرة لم يتم متابعتها لعدم توفر تحقيقات وتقارير مناسبة، ليس الا لغياب النزاهة في متابعتها، وان حكام هذا الموضوع هم محل اتهام كونهم ابناء المهنة.

لذلك على جهات الاختصاص ان تقوم بمتابعة الموضوع لحماية ارواح الناس، وان يتلقى اعضاء الجهاز القضائي والضابطة العدلية تدريبا وتوعية مناسبة وكافية في الموضوع، اذ ليس عيبا ان يرتكب الناس الخطا ولكن العيب ان لا يتم متابعته بجدية وعدالة، فكل المستشفيات والاطباء لديهم تامينات ضد الاخطاء وهو ليس محل تشويه لسمعة طبيب او غيره، ولكن الهدف هو حماية الطبيب او الشخص الناجح كذلك، لان ثقة الناس تقل وربما تنعدم مع مرور الوقت.
فالتشريعات القانونية متوفرة للمحاسبة ولكن تحتاج الى ارادة قادرة على فرض القانون ومحاسبة المخطىء، ليكون عبرة ويكون هناك انصاف للضحايا نتيجة هذه الاخطاء.