نشر بتاريخ: 19/10/2016 ( آخر تحديث: 19/10/2016 الساعة: 08:07 )
الكاتب: عمر حلمي الغول
إسرائيل المتغطرسة لم تعد قادرة على قبول أي ملاحظة او نقد حتى لو جاء من إسرائيلي يهودي. حالة فقدان الوزن العنصرية، وجنون الاستقواء والخروج على القانون الدولي والقانون الاسرائيلي على علاته، جعل قيادتها المتطرفة والفاشية غير مستعدة للاستماع لاي رأي غير رأيها، ولا تقبل إلآ برنامجها وخيارها الاستعماري المعادي لعملية السلام وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967. مما جعل قيادة الائتلاف الحاكم بقيادة نتنياهو تصل، اولا إلى مرحلة هستيرية من الجنون في حالة صدر اي موقف عقلاني منادي بتحقيق السلام وإزالة الاحتلال الاسرائيلي؛ وثانيا شيطنة اي صوت إسرائيلي او فلسطيني او عربي او اممي شخصا او مؤسسة أهلية او رسمية يشخص الواقع، وينصف الحقوق الوطنية الفلسطينية.
تجليات ما تقدم حدث مطلع هذا الاسبوع بعد حدثين حصلا يومي الخميس والجمعة الماضي. الاول عندما صوتت منظمة اليونيسكو لصالح مشروع القرار الفلسطيني الاردني العربي حول القدس والاماكن المقدسة وخاصة الاسلامية، التي نفى القرار الاممي اي علاقة لإسرائيل واليهود بها (المسجد الاقصى وحائط البراق)؛ الثاني عندما شارك رئيس منظمة "بتسيلم" (مركز المعلومات الاسرائيلي لحقوق الانسان) حاجاي العاد في جلسة مجلس الامن، وقدم مداخلة سياسية مقرونة بفيلم وثائقي عن جرائم الاحتلال الاسرائيلي، ودعوته العالم للتدخل الفوري والعاجل لقول كلمة الفصل في إنهاء الاحتلال الاسرائيلي، فقال في هذا الصدد:" أصبح الظلم المسمى الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين، والسيطرة الاسرائيلية على حياة الفلسطينيين في غزة والضفة والقدس الشرقية جزءا من النظام الدولي. نحن على وشك إتمام نصف القرن الاول تحت وطأة هذا الواقع." وأضاف قاطعا في قوله، وكأن لسان حاله يقول إما ان تتمكنوا من إنقاذ حل الدولتين او لا، عندما أكد جازما " على مجلس الامن أن يتحرك. والآن هو الأوآن." وأشار العاد إلى ان العام 2016، هو الاعلى من حيث عمليات التدمير والهدم لبيوت ومنشآت الفلسطينيين، وذكر ان ما هدمتة حكومات إسرائيل المتعاقبة منذ عام 2000 من بيوت ومنشآت، هو 4400 منزل. فضلا عن عمليات التهويد والمصادرة واعلان العطاءات وتزوير الحقائق وسحب الهويات والاعتقال والعقوبات الجماعية وسن القوانين العنصرية.
هذه المداخلة الجريئة لرئيس منظمة "بتسيلم" أشعلت حريق الهستيريا الاسرائيلية من الحكومة والمعارضة على حد سواء. لم يبق احد باستثناء حزب "ميرتس" إلآ وهاجم العاد ومنظمته، واعتبروه خارجا عن الصف، ومن القوى المناهضة لإسرائيل، فرد رئيس الوزراء نتنياهو عليه مساء السبت "انه سيعمل على إلغاء وظيفة المتطوع من الخدمة المدنية في منظمة "بتسيلم" مع بداية الدورة الجديدة للكنيست (ورد عليه إلعاد بانها ليست موجودة في منظمته) ، وتحدث بهذا الخصوص مع رئيس الائتلاف، دافيد بيتان. وقلب الحقائق عندما كرر مقولته الممجوجة مدعيا "ان الفلسطينيين، هم الذين يهاجموا إسرائيل." وفي نفس السياق وبطريقة أكثر جنونا، قالت تسيبي حوطبلي، نائبة وزير الخارجية :" أن النقاش في مجلس الامن ينضم إلى سلسلة من الاعمال العقيمة للفلسطينيين، الذين لن ينتصروا على الواقع والحقيقة التاريخية. المستوطنات في "يهودا والسامرة" (الضفة الفلسطينية) هي عمل "أخلاقي" و"عادل"، و"قانوني" ايضا حسب القانون الدولي؟! اي فضيحة أكثر من فضيحة حوطبلي هذه؟! ويتابع صهيوني آخر سياسة تكميم الافواه والبلطجة ضد منظمة "بتسيلم"، هو النائب أمير أوحانا (ليكود)، فقال "ها هو يركض الان (المقصود العاد) لتلويث اسم دولته في الامم المتحدة كقزم دبلوماسي تأكله الكراهية الذاتية، والتحمس للانتحار القومي الجماعي." اما النائب العنصري غليك يقول " جهات اليسار المتطرف بقيادة "بتسيلم" رفعت ايديها من الديمقراطية، وبما انها لم تنجح بانتخابها للكنيست في انتخابات ديمقراطية، فإنها تعمل بالتعاون مع الاعداء المتوحشين للدولة ضدها".
هذه الحملة الهستيرية العنصرية الاستعلائية، تؤكد على ما ذكر في مقدمة المقالة، ان إسرائيل بقضها وقضيضها لم تعد مستعدة ولا قادرة على قبول اي نقد او رفض لسياساتها الاستعمارية؛ بلغت دولة التطهير العرقي الاسرائيلية مرحلة الفاشية، ولم تعد تقبل الرأي الآخر اي كان حجم التباين معها؛ المضي قدما في خيارها الاستعماري دون تردد او تباطؤ، وهو ما اكدت عليه حوطبلي وغليك ونتنياهو، اي تصفية خيار حل الدولتين على حدود 1967؛ رغم ان جلسة مجلس الامن لم تقدم او تؤخر في واقع الحال، إلآ ان مداخلة إلعاد وفريدمان، صديقة "حركة السلام الان" كانتا في غاية الاهمية. وعكست مأساوية ووحشية الاحتلال الاخير في العالم، وقرعوا جرس الانذار امام الكون كله.
[email protected]