الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

جدل الرئاسة .. الأزمة والمخرج

نشر بتاريخ: 19/10/2016 ( آخر تحديث: 19/10/2016 الساعة: 11:50 )

الكاتب: د. وليد القططي

جدل خلافة الرئيس مُكرر ومتجدد , يطفو إلى السطح من حينٍ لآخر , متأثراً بضعف وضبابية الوضع الداخلي الفلسطيني وبرغبة بعض الدول العربية في لعب دور ما في الساحة الفلسطينية . والجولة الأخيرة من الجدل بدأت بعد تقرير بثته القناة الثانية العبرية زعم فيه محررها للشؤون العربية أن الرباعية العربية قد طلبت من السيد محمود عباس تعيين ناصر القدوة نائباً للرئيس تمهيداً لخلافته في الرئاسة .

وبغض النظر عن مدى مصداقية هذا التقرير , وتجاوزاً للجانب القانوني الذي لا وجود فيه لمنصب نائب الرئيس في القانون الأساسي الفلسطيني , وبعيداً عن هذا الجدل المربك , فنحن بحاجة إلى تغيير وتجديد في النظام السياسي الفلسطيني الرسمي الذي فقد فاعليته وانتهت صلاحيته , وعلى رأس هذا النظام السياسي الذي هو بحاجة إلى تغيير وتجديد منصب الرئيس كمؤسسة سياسية للخروج من هذه الأزمة .

فهذا النظام السياسي أفرز رئيساً عاجزاً عن التقدم في معظم الملفات الوطنية وفي مقدمتها توحيد حركة فتح , وإنهاء صراعاتها الداخلية , وتجديد الدماء الحركية فيها . وعاجزاً عن تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية , وإنهاء الانقسام الفلسطيني . وعاجزاً عن تجاوز مرحلة أوسلو التي توّقفت عند مرحلة الحكم الذاتي الانتقالية دون أن توقف الاستيطان وتنهي الاحتلال . وجل مهامه الآن هو الحفاظ على الوضع القائم الذي يسير لصالح الاحتلال .

والرئيس الحالي يقف على رأس نظام سياسي عاجز ومشلول , فمؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية أصابها الصدأ والترهل والشيخوخة , وآخر مجلس وطني فلسطيني عُقد قبل عشرين عاماً . أما مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية فقد تجمدت وانقسمت على نفسها بعد آخر انتخابات تشريعية ورئاسية قبل عشر سنين . وهذا العجز والشلل انعكس على ملف المشروع الوطني الفلسطيني الذي وضع في ثلاجة أوسلو ، بعد تعديله أكثر من مرة ليناسب المقاس الصهيو– أمريكي , وطالته لعنة الانقسام ما بين مشروعي : المفاوضات والمقاومة .

والرئيس الحالي يقف على رأس نظام سياسي يُعاني من أزمة الشرعية ، فشرعية منظمة التحرير الفلسطينية قد تآكلت بعد أن ابتلعتها السلطة , وشرعيتها الثورية قد تراجعت بعد أن خمدت نار الثورة وبُهت بريقها عندما هُرس الثوار في طاحونة السلطة التي لا تتوقف . وشرعية السلطة الوطنية الفلسطينية تراجعت بعد أن ضعفت شرعيتها الانتخابية , عندما تجاوز كل من المجلس التشريعي والرئيسي مدتهم القانونية منذ سنوات , وعندما انتهت المرحلة الانتقالية للسلطة دون أن تنتقل إلى المرحلة الدائمة التي كان من المفترض أن تنتهي بزوال الاحتلال وكنس الاستيطان من الضفة والقطاع لُتقام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على جزء من الأرض الفلسطينية .

والمخرج من هذه الأزمة هو إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني على أسس جديدة تتوافق مع كوننا نعيش في مرحلة تحرر وطني تشكل المقاومة الوطنية محور هذه المرحلة , في الوقت أصبح لدينا نوع من الكيان الوطني تحت الاحتلال . وهذا يتطلب أن نبني نظاماً سياسياً يسير في اتجاهين ويرتكز على محورين , هما : تعزيز الكيان الوطني الفلسطيني على الأرض بحيث يكون رافعة لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني فوق ترابه الوطني , في إطار برنامج وطني لتقوية وتعزيز المؤسسات الرسمية والأهلية في مختلف المجالات الحياتية . والمحور الآخر هو وجود مشروع وطني جامع للكل الفلسطيني هدفه التحرير وإستراتيجيته المقاومة بمفهومها الشامل , ولذلك لا بد من إيجاد صيغة ما لتكون فصائل المقاومة جزءاً من النظام السياسي الفلسطيني في إطار استراتيجية فلسطينية وطنية شاملة ومتكاملة للتحرير .

وهذا النظام السياسي الوطني يحتاج إلى رئيس مقاوم , متمسك بالثوابت الوطنية , ويعمل على تحقيق الوحدة الوطنية , وإعادة بناء المنظمة على أسس وطنية وحدوية لتكون بيتاً للكل الفلسطيني تضم كافة ألوان الطيف الفلسطيني , تكون بمثابة قيادة وطنية أمينة على مستقبل الشعب الفلسطيني وطموحه في التحرر والعودة والاستقلال . وإذا توّفرت هذه الشروط في الرئيس والنظام السياسي فلا يهم بعد ذلك اسمه أو إلى أي حركة ينتمي .