الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الحديث مجددا عن ألاخطاء الطبية والقطاع الصحي الفلسطيني

نشر بتاريخ: 20/10/2016 ( آخر تحديث: 20/10/2016 الساعة: 11:42 )

الكاتب: عقل أبو قرع

مع الحديث مجددا عن احتمال شبهة الاخطاء الطبيه التي تلاحق مستشفى بيت جالا الحكومي، يعود الحديث والجدل مرة اخرى عن ألاخطاء الطبيه في القطاع الصحي الفلسطيني، مع العلم أن قضية وفاة سيدة خلال عملية غسل الكلى في نفس المستشفى قد اثارت الجدل حول مدى علاقة الوفاة بالاخطاء الطبيه، وبغض النظرعن نتائج لجان التحقيق التي يتم تشكيلها، او عن وجهات النظر التي يبديها البعض من هنا وهناك، ألا ان موضوع الاخطاء الطبية في القطاع الصحي الفلسطيني، أو بالتحديد نظرة الناس الى هذا الموضوع، أذا حدث امر غير متوقع أو غير مفهوم، سواء أكان حالة وفاه أو حدوث عاهة، هو موضوع جدير بالاهتمام ويتطلب تسخير وزارة الصحه أو الحكومة حيزا هاما له، سواء من حيث النقاش العلمي الموضوعي، أو من ناحية مراجعة السياسات والبروتوكلات التي تعمل على التقليل منه أو التعرف عليه ان حدث، أو من ناحية طبيعة التوجه الاعلامي الى الناس، وتبيان أن الاخطاء الطبية من الممكن ان تحدث في أي مكان طبي في العالم، وأن هناك فرق كبير بين الخطأ الطبي وبين الاهمال الطبي.

وكما حدث في الماضي، تثير قضية مستشفى بيت جالا الحاليه، جدلا متكررا وبدون نهاية، حول الاخطاء الطبية، وحول الانظمة المتبعة او الموجوده حاليا، للتعامل مع الاخطاء الطبية في حال حدوثها، أوحول اجراءات المتابعة والمراقبة والمساءله والتعلم والتقييم المتبعة، هذا اذا كان هناك اجراءت محدده موثقه على شكل بروتكول، للتأكد من عدم حدوث الاخطاء الطبية من الاساس، وللعمل من اجل عدم حدوثها مرة اخرى ان حدثت، ورغم مأساوية نتائج الاخطاء الطبيه ان حدثت، وبغض النظر عن الاسباب الحقيقيه الا ان ذلك من المتوقع ان يؤدي الى العمل من اجل التركيز اكثر، على منع حدوث مثل هكذا امور في المستقبل من الاساس، بعيدا عن تشكيل اللجان وعن الاجتماعات والتصريحات الاعلامية، وبعيدا عن تبادل الاتهامات بين الاطراف المختلفة، وعن اللقاء اللوم هنا او هناك، والذي لن يساهم ايجابيا، في منع حصول اخطاء طبية اخرى، أو في مواصلة تطور وتقدم القطاع الصحي الفلسطيني.

هذا القطاع، الذي أسوة بالقطاعات الصحية، في الكثير من الدول، من المفترض ان يحتل أعلى الاولويات الوطنية، سواء من حيث الكمية أو النوعيه، وبالاخص على صعيد الميزانية الحكومية، سواء من حيث رصد الميزانيات، او من حيث اعداد وتدريب والاحتفاظ بالكفاءات المتخصصة وتوفير الحوافز المطلوبه لها ،او من حيث الحصول على افضل الاجهزة والمعدات، او من حيث فعالية الادارة والمسؤولين، واجراءات المتابعة والمراقبة، او من حيث طبيعة التعامل والاحترام مع المريض والمواطن والمراجع والمستفسر، او من حيث الاهتمام بالرعاية الصحية بشكل عام، سواء اكانت الرعاية الصحيه الاوليه وهي الاساس، اوالرعايه الثنائية على صعيد المستشفيات، او حتى الرعاية الصحية الثلاثية المتخصصه، او من حيث التركيز على مفهوم الصحة العامة كمفهوم وقائي شامل للمواطن وللبلد وللمجتمع، في ظل الازدياد المخيف في نسبة الامراض المزمنة، وما يؤدي ذلك الى تبعات أجتماعية واقتصادية وصحيه.

ورغم الاقرار ان هناك تحسن وتطوير في خدمات واجهزة وكوادر القطاع الصحي في بلادنا، الا ان هناك الكثير الذي ما زلنا نحتاجة، والذي وفي ظل الامكانيات المحدودة، والظروف المعقدة، يمكن القيام بة، من خلال سياسات وأجراءات وأمور اداريه، ومن خلال تغيير في ثقافة عمل وتعامل، ومن خلال تطبيق اجراءات، ومن خلال تعديل في فلسفة الادارة، واعادة تسخير المصادر حسب احتياجات المواطن الفلسطيني، وحتى الحاجة الى اعادة ترتيب اولويات، والى تبني انظمة ادارية اكثر كفاءة واكثر وضوح واكثر نجاعه.

ومع مواصلة الحديث عن شبهة الاخطاء الطبيه في مستشفى بيت جالا الحكومي، وبالتالي تكرار دوامة الحديث عن الاخطاء الطبية، هذا اذا كان الذي حدث هذه المره يعود الى خطأ طبي، وبالتالي تصاعد القلق والارباك والخوف، عند المواطن والناس بشكل عام، او عند المرضى الذين يمكن ان يكونوا في اوضاع مشابه لتلك التي حدثت فيها هذه الحادثه، فأن معالجة قضية الاخطاء الطبية بشكل خاص، والواقع الصحي في بلادنا بشكل عام، يحتاج الى المزيد من الاجراءات الواضحة، وبالاخص الى تبني وتطبيق فلسفة، المزيد من المتابعة والمساءله والتعلم والتقييم، والى التركيز على التخطيط لاستراتيجيات بعيدة المدى، تعتمد على مبدأ الوقاية كاولوية للحفاظ على الصحة العامة، وفي حال موضوع الاخطاء الطبية، الحاجة الماسة، الى وجود اجراءات وانظمة عملية، تمنع حدوثها من الاساس.