نشر بتاريخ: 24/10/2016 ( آخر تحديث: 24/10/2016 الساعة: 13:49 )
الكاتب: سفيان أبو زايدة
بالامس اجتمع العديد من قيادات و كوادر من حركة فتح في قاعة نادي خدمات مخيم الامعري. منهم اعضاء في المجلس الثوري و اعضاء في المجلس التشريعي و كوادر من شمال ووسط الضفة الغربية و القدس.
المجتمعون وفقا للبيان الذي صدر عنهم اكدوا على ضرورة وحدة فتح و تماسكها و طالبوا بأن يكون المؤتمر السابع المزمع عقده الشهر القادم هو مؤتمر توحيدي و ليس مؤتمر تدميري اقصائي يتم تفصيله على المقاس. المجتمعون ايضا اكدوا على دعمهم للجهود التي تبذلها الرباعية العربية و على رأسها مصر الشقيقة في السعي لتوحيد صفوف حركة فتح و انهاء الانقسام الفلسطيني و اعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية بما يساعد في اعادة القضية الفلسطينية الى مركز الاهتمام الاقليمي و الدولي.
الامر حتى الان يبدو طبيعيا ، ولو كنا نعيش في نظام سياسي ديمقراطي يؤمن بحرية التعبير عن الرأي و احترام الرأي الاخر ، نظام قائم على اساس الفصل بين السلطات و الفصل بين العمل التنظيمي و الحزبي و بين العمل الوظيفي و الحكومي لما حدث من ردود افعال هستيرية .
الذي جرى هو ومنذ ان علمت الاجهزة الامنية ان هناك قيادات و كوادر من حركة فتح تُجري الاستعدادات لعقد الاجتماع في قاعة الهلال الاحمر الملاصق لمخيم الامعري، اعلنت هذه الاجهزة حالة الاستنفار لكل طاقاتها و امكانياتها بعد ان تم ابلاغ الهلال الاحمر الفلسطيني بمنع عقد اي اجتماعات .
اتصالات اجريت مع كل من اعتقدت الاجهزة الامنية انهم مشاركون مفترضون في هذا الاجتماع مع ايصال رسائل تهديدية بأنهم لن يسمحوا بعقده مهما كلف ذلك من ثمن ، و ان الامر لن يقتصر على قطع رواتب و فصل من الحركة و من الخدمة للموظفين منهم سواء كانوا عسكريين او مدنيين، بل سيتم فض الاجتماع بالقوة اذا لزم الامر .
عشية الاجتماع انتشرت قوات الامن في كل انحاء رام الله و على مداخلها و تمركزت قوات حول مقر الهلال الاحمر الفلسطيني ، و تم اعتقال بعض الكوادر بشكل احترازي و استدعاء البعض الذي ما زال مطلوبا، وهناك من تم اعتقاله ومازال حتى الان ، وهناك من تم احتجازه لساعات في مقرات الامن و التحقيق معه حول هذا الاجتماع و خاصة معرفة من الذي وجه لهم الدعوه، على الرغم ان هناك عناوين معروفه تعمل في العلن و ليس في السر.
في ساعات الصباح قوات من الامن الفلسطيني تتواجد في محيط مخيم الامعري بعد ان اتضح لهم ان الاجتماع سيكون في قاعة نادي المخيم حيث تعذر عقده في الهلال الاحمر الفلسطيني. وعلى الرغم من كل هذه الاجراءات لم تكترث هذه القيادات و الكوادر من رسائل التهديد الشخصية على اعتبار ان هذا الاجتماع له ( اجندة خارجية) و هو مؤامرة على الشرعية و على الرئيس عباس و على حركة فتح. لسوء حظ المُهددين ان هذه التهديدات لم تساعدهم في التأثير على هذه القيادات وثنيهم عن عقد هذا الاجتماع وقراءة البيان الذي يعبر عن موقفهم لما يجري في فتح على اعتبار انهم ليسوا ضيوف عابرين و ليسوا اُجراء عند احد، وان لهم وجهة نظر مختلفة يصرون على التعبير عنها حتى وان كانت لا تعجب البعض.
هذه القيادات و الكوادر التي اجتمعت في مخيم الامعري امس ، ليسوا نكرات في حركة فتح و ليسوا نكرات في محيطهم الاجتماعي ، حيث اقل واحد منهم افنى سنوات عمره في سجون الاحتلال و غالبيتهم من كانوا عناوين بارزه في الانتفاضتين الاولى و الثانية. جزء منهم منتخب سواء في المجلس التشريعي او المجلس الثوري لحركة فتح او منتخبين في الاقاليم و المناطق.
يستطيع الرئيس عباس ان يفصل من يشاء مستخدما كل ما لديه من صلاحيات كرئيس للحركة و رئيس للسلطة و رئيس للمنظمة ، و تستطيع الاجهزة الامنية ان تستخدم كل ما لديها من سطوه و نفوذ و لكنهم لا يستطيعون نزع الصفه التنظيمية و الوطنية و الاخلاقية عن هؤلاء القيادات و الكوادر.
الحلول الامنية و العسكرية لا تستطيع ان تحافظ على نظام و لا على رئيس و لا على سلطة، لو كانت تستطيع لنجحت في الحفاظ على نظام زين الدين بن علي في تونس و معمر القذافي في ليبيا و لنجحت في الحفاظ على وحدة سوريا و غيرها من النماذج، هذا و نحن نتحدث عن دول حقيقية و انظمة حقيقية و ليس عن سلطة محدودة الصلاحيات بحكم وجود الاحتلال.
و الامر الاخر هو ما علاقة الاجهزة الامنية في خلافات تنظيمية؟ ما هي علاقة حرس الرئيس الخاص و الامن الوقائي و المخابرات و الاستخبارات و الشرطة المدنية و الامن الوطني و الدفاع المدني في اجتماع تنظيمي لكوادر من فتح يناقشون مستقبل حركة فتح و يعبرون عن مواقفهم في قضايا تنظيمية؟
ما هي الجريمة التي يقترفها هؤلاء القيادات و الكوادر عندما يطالبون بوحدة فتح رافعين شعار "قوة فتح في وحدتها" و يعبرون عن رأيهم في دعم الجهود العربية في توحيد صفوف حركة فتح ورفضهم لاجراءات الفصل و قطع الرواتب التي تمارس بحق قيادات و كوادر ابناء فتح؟
نصيحتي للاجهزة الامنية لا تخالفوا القانون في تدخلكم في امور تنظيمية ليس لها علاقة في صلب عملكم، لا تجعلوا من اخوتكم و رفاقكم في الاسر و النضال اعداء لكم. الحلول الامنية لم تنجح في دول اعرق بكثير من سلطة فلسطينية تعيش تحت الاحتلال.