الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

اثر المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الحد من مشكلة البطالة

نشر بتاريخ: 24/10/2016 ( آخر تحديث: 25/10/2016 الساعة: 00:17 )

بقلم: لؤي ديرية

إن حاجة الاقتصاد الفلسطيني إلى امتلاك مقومات النهوض والتقدم في التنمية تقتضي الاهتمام القوي بدور المشروعات الصغيرة ورعايتها بحيث تتمكن من تلبية العملية لرفع وتيرة التنمية في المجتمع الفلسطيني، بما يمكنه من الاعتماد النسبي على الموارد الذاتية المادية والبشرية المحدودة، وما يؤدى إلى تخفيف التبعية للاقتصاد الإسرائيلي وبما يحقق تلبية احتياجات التشغيل وإنتاج السلع للسوق المحلي، إضافة إلى القيام بخطوات عملية تضمن تنمية وتطوير الاقتصاد الفلسطيني، المشاريع الصغيرة هي الركيزة الأولى والأساسية للاقتصاد الفلسطيني، وهي تعاني من مشاكل عديدة منها: محدودية رأس المال، وزيادة المخاطر وقلة وضعف الخدمات التي تقدمها الحكومة، وضعف الإدارة، هذا وبالرغم من الدور الفعال والأهمية البالغة التي تتمتع بها هذه المشاريع، فمن هنا يبرز أمامنا سؤال: ما دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الحد من مشكلة البطالة و تحقيق التنمية المستدامة في المجتمع الفلسطيني؟ وكيف نستفيد من التجارب العالمية في عكسها على الواقع الفلسطيني؟

أكدت التجارب العالمية أن تطوير المشاريع الصغيرة مهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية، ووأد البطالة، حيث أن هناك العديد من الدول أنشأت هيئات ووزارات تختص فقط في متابعة هذا القطاع من خلال وضعة لتشريعات وقوانين تخدم هذا القطاع، وتوفير كل السبل لتذليل كافة العقبات التي يمكن أن تعيق من تطوره ومساهمته بشكل فعلي في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة. وأثبتت العديد من تجارب الدول المتقدمة أن التصنيع هو أحد أشكال التغير الحقيقي للتقدم والتنمية فهو ولو بصورة جزئية يوفر المنتجات الضرورية، مما يقلل تدريجيا من التبعية الاقتصادية، وذكر (أبو جزر، 2006) أن أهمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في فلسطين تكون من خلال الأمور الآتية: زيادة الناتج المحلي الإجمالي، تخفيض حجم البطالة، زيادة الإيرادات السيادية للدولة.

توجد العديد من الدول التي استطاعت ان تقوم بتطوير وتفعيل دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الحد من أزمة البطالة والمساهمة الإيجابية في مختلف نواحي الحياة الاقتصادية نذكر التجربة الماليزية والهندية:

* التجربة الماليزية: على غرار تجارب الدول المختلفة التي أثبتت أن الجامعات والمعاهد الدراسية هي انسب الجهات التي تستطيع أن تلعب الدور الرئيسي لترجمة ونقل الأفكار الإبداعية إلى الصناعة، قامت ماليزيا في إطار الخطة الاقتصادية 1996ـ2005 التي تعتمد على سياسة التجمعات الصناعية كحاضنات للأعمال، بإنشاء عدد من المؤسسات من اجل هذا الغرض، وعلى رأسها شركة تطوير التكنولوجيا الماليزية Malaysian Technology Development Corporation-MTDC التي تم إقامتها عام 1997 من اجل نقل وتسويق الأفكار الإبداعية من الجامعات والمعاهد الدراسية الماليزية، ووضعها في إطار التنفيذ من خلال الربط بين الجهات وسوق العمل، وتمثل هذه الشركة مركزا لاحتضان المشروعات الصغيرة الجديدة، ثم تأسيسها من خلال الجامعات لتسمح للشركات الصناعية المتخصصة في القطاعات الإنتاجية والخدمية الجديدة مثل مجالات الوسائط المتعددة والتكنولوجية الجوية وقد قامت هذه الشركة حديثا بتنمية مراكز لتطوير التكنولوجيا تعمل على تنشيط الدراسة والتطوير، والتطوير التكنولوجي في قطاعات الصناعة المتخصصة.

* التجربة الهندية: أدى تشجيع وتنمية الصناعات الصغيرة في الهند إلى أن تصبح هذه الصناعات حجر زاوية من السياسة الصناعية الهندية بسبب البطالة والفقر التي يعاني منها المجتمع الهندي. وقد اندرجت هذه الصناعات ضمن صلاحيات حكومة الولايات، فيما تركزت جهود الحكومة المركزية على صياغة البرنامج العام المتعلق بتطوير هذه الصناعات مع الإسهام بجزء من رأس المال الذي تحتاجه الولايات لتنفيذ هذا البرنامج. وقد اتسمت تلك التجربة بالسمات الآتية:

- انتهاج الحكومة لسياسات مزدوجة من خلال التدابير الحماية التشريعية لتلك الصناعات للحد من إنتاج المؤسسات الصناعية الكبيرة مع فرض الضرائب عليها، بما يساعد الصناعات الصغيرة التي تنتج نفس السلع بتصريف سلعها والاستفادة من ريع الضرائب لتنميتها.
- حجز أكثر من 1200 فقرة إنتاجية لصالح الصناعات الصغيرة وعدم السماح للصناعات الكبيرة بإنتاج تلك الفقرات مع انتهاج سياسة تفضيل شراء المنتجات من الصناعات الصغيرة للمؤسسات الحكومية.
- إنشاء المراكز التدريبية لتهيئة القوى العاملة وتأهيلها للعمل في الصناعات الصغيرة المختلفة.
- إنشاء مكتب للتشييد الصناعي والمالي لدعم المشاريع التي تتعرض للصعوبات الاقتصادية والمالية لتجاوز محنتها.
- وضع نظام للإعفاءات الضريبية على الصناعات الصغيرة تتناقص نسبته عكسياً مع قيمة رأس المال المستثمر، وهو ما يعكس رغبة الدولة وحرصها على تشجيع هذا النمط من الصناعات.
- الاستفادة من تجارب البلدان الصناعية المتقدمة مثل اليابان في مجال خلق نوع من التكامل بين الصناعات الكبيرة والصغيرة والاتجاه نحو تحديث التكنولوجيا وتطوير نظم الإنتاج والإدارة في هذه الصناعات.

على ضوء تلك التجارب الناجحة والهامة التي يجب أن تنعكس على الواقع الفلسطيني لتلعب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة دورا إيجابيا وفعالا في توفير مناصب العمل ومن ثم الحد من أزمة البطالة من جهة ومن جهة أخرى لتقوية تنافسيتها وتحسين أدائها ومن خلال تطرقنا لواقع هذه المؤسسات بفلسطين من ناحية ولتطرقنا للتجارب الدولية من ناحية ثانية نؤكد أنه من الضروري الاستفادة من هذه التجارب و اتخاذ العديد من الإجراءات والتدابير سواء على مستوى المؤسسة في حد ذاتها أو على مستوى البيئة الخارجية ومن أهم هذه التدابير نذكر: تأهيل الموارد البشرية، تأهيل المؤسسات المالية والمصرفية، الرعاية والاحتضان، تشكيل خطوط منتوجات-علاقات.

في النهاية ورغم ما تملكه فلسطين من إمكانات وما قامت به من إصلاحات لتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتفعيل دورها في القضاء على البطالة، إلا أنها لا تزال دون المستوى المنشود ولذلك ومن خلال إطلاعنا على بعض التجارب العربية والعالمية الرائدة في مجال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي تطرقنا على بعضها نقول أنه على الفلسطينيين تبني سياسة واضحة المعالم للنهوض بقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والاستفادة من تجارب الدول العالمية الناجحة مع الأخذ بعين الاعتبار إمكاناتنا وثقافتنا وقدراتنا وعموما خرجنا من خلال تناولنا لهذا الموضوع بالتوصيات التالية:

- مشاركة الجامعة ومراكز الدراسة العلمي وكل الأطراف ذات العلاقة بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في إعداد هذه استراتيجيات لتفعيل التنمية للحد من البطالة.
-الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في تطوير هذا القطاع على أن لا يتم نسخ التجربة كلية لأن ذلك سيكون دون نفع يذكر نظرا لاختلاف المؤهلات البشرية والمادية والمالية والثقافية.
-تحديث وتطوير استراتيجيات قادرة على النهوض بالاقتصاد الفلسطيني كلما دعت الضرورة لذلك(المرونة وليس الفوضى).
- وجود إرادة ليس فقط لدى حكومة الدولة وإنما كذلك لدى أصحاب هذه المؤسسات في مواجهة التحديات.
- التوجيه المهني لنظام التعليم، والتعليم العالي، والمهن، و إيجاد تخصصات توافق متطلبات سوق العمل.
-توفير التدريب للقوة البشرية ليس فقط من الناحية الفنية و لكن أيضا من الناحية الادارية.
-ايلاء المشاريع الصغيرة والمتوسطة الاهتمام الجدي والفعال، من خلال صياغة السياسات والقوانين الملائمة، بحيث تشجع اقامة مثل هذه المشاريع، باعتبارها بارقة الامل للاقتصاد للخروج من الأزمات التي يعاني منها، وعلى راسها مشكلة البطالة، التي وصلت الى أرقاما قياسية تقدر %27 (المركز الفلسطيني للإعلام)
-تقديم إعفاءات ضريبية مباشرة وغير مباشرة لهذه للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، لتحفيزها وتعزيز قدرتها التنافسية.
-عدم السماح للشركات الكبيرة بممارسة نشاط ثانوي ينافس المشاريع الصغيرة والمتوسطة.