الكاتب: عطا الله شاهين
تاه الطفل لأيام بعد أن هرب من شدة القصف على قريته، وخطا صوب غابة كثيفة الأشجار، وهناك بقي مختبئا تحت شجيرة صنوبر حتى بدأ الليل يخيم على المنطقة، فبقية الناس ساروا في العتمة إلى قرية مجاورة للمبيت عند أقاربهم، لكن الطفل ظل جالسا تحت الشجيرة وفضل البقاء حتى الصباح، وبينما كان جالسا ويسمع دوي القصف، اقتربت منه امرأة، فخاف منها، لكنها طمئنته بأنها هي أيضا هاربة، ولا أقارب لها لكي تلتجئ إليهم، فقال الطفل إذن سنسهر سوية، فمجيئكِ أخافني، لكنني الآن بدأت أتعود عليك، فحاولا السهر بعد توقف القصف، إلا أن النعاس غلبهما، وأفاق الطف عند الفجر فوجد نفسه يرقد بجانبها، فقال في ذاته يوم أمس كنت خائفا من القصفِ، لكنني شعرت بخوف غريب، شعرت بأنني لامست أشياء جعلتني أرتعب، ولم أدر ماذا جرى؟ ربما لأنني كنت مرهقا ومن تعبي نمت كالقتيل، لكنني شعرت بنومي بخوف غريب، لا يشبه خوفي من القصف، وبعد لحظات أفاقت المرأة من نومها وسألته كيف نمت هل خفت من شيئا؟ فرد عليها لا، لكنني شعرت وأنا بجانبك بخوفٍ غريبٍ ومخيف أكثر من القصف، فابتسمتْ تلك المرأة وتركته، وسارتْ في طريقها، وقالت له: اذهب إلى قريتكِ، فيبدو بأنّ القصفَ قد توقّف.