الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

نميمة البلد: قنبلة المستشار ... وإعادة الهيبة للقضاء

نشر بتاريخ: 28/10/2016 ( آخر تحديث: 28/10/2016 الساعة: 11:22 )

الكاتب: جهاد حرب

فجرت تصريحات المستشار القاضي سامي صرصور رئيس المحكمة العليا " رئيس مجلس القضاء الأعلى" المستقيل/ المعزول، يوم الاثنين الفارط لوكالة وطن، قنبلة من العيار الثقيل لا تمس شخص رئيس المحكمة العليا أو تغول السلطة التنفيذية في النظام السياسي فقط بل هيبة السلطة القضائية جميعها.

إن قول المستشار بأنه وقع على الاستقالة من منصبه قبل حلف اليمين القانوني امام الرئيس بناء على طلب من مرجع أمني، ومهما كانت الصياغة أو الصيغة للورقة الموقعة أو الاستقالة، فإن هذا الامر يحمل معنيين الأول؛ وضع الهامة القضائية الأكبر أو صاحب المنصب القضائي الارفع في البلاد رقبة القضاء والقضاة تحت سيف السلطة التنفيذية المسلط برضاه بغاية الحصول على المنصب ما يعني أن المنصب أعز من استقلالية القضاء الامر الذي يمس بنزاهة القضاء والقضاة. والثاني؛ أن طلب أو "اجبار" السلطة التنفيذية رئيس المحكمة العليا على توقيع استقالته بدون تاريخ هو تدخل "اعتداء" في السلطة القضائية برمتها، وتأثير في القضاء بشكل غير مباشر، ما يمثل خرقا واضحا للقانون، ناهيك عن خرق مبدأ فصل السلطات، وهي لا تقل جرماً عما فعله رئيس المحكمة العليا المستقيل/ المعزول الذي قَبِلَ بذلك للحصول على المنصب القضائي الارفع.

الامر الذي يطرح من جديد مسألة اصلاح السلطة القضائية وضمانات استقلاليتها باعتباره مسألة ملحة لإنقاذ القضاء؛ الملجأ الأخير للمواطنين لطلب العدالة واحقاق الحقوق وفرض القانون، والحفاظ على هيبة السلطة القضائية التي تضررت في الآونة الأخيرة أيما ضرر. وفي ظني ان عملية الإصلاح يمكن أن تكون على مرحلتين؛ الأولى: على مدى زمني آني "بشكل سريع" من خلال اختيار رئيس المحكمة العليا بطريقة مختلفة، عما جرت عليه العادة سابقا، وهي بانتخاب رئيس المحكمة العليا من قبل الجمعية العامة للمحكمة العليا على طريقة الفاتيكان أي بطريقة التصفيات مع شرط حصول الفائز على نسبة عالية بحيث يمتلك القدرة "القوة" الكافية لإصلاح الجهاز القضائي، والسلطة الكافية للحد من تدخل السلطة التنفيذية في تعيين رئيس المحكمة العليا. هذه الآلية لا تحتاج إلى تعديل قانون السلطة القضائية بل تحتاج إلى إرادة القضاة والجهاز القضائي الفلسطيني للحفاظ على استقلالية السلطة القضائية بالمعني الفني والحفاظ على ما تبقى من هيبتها وهي صاحية فرض سيادة القانون.

والمرحلة الثانية وهي على مدى زمني متوسط بتعديل تركيبة مجلس القضاء الأعلى وطريقة اختياره بحيث يضمن تمثيل واسع لقطاع العدالة بشموليته من قضاة مختلف درجات المحاكم والنيابة العامة وكتاب العدل والمحامين والحكومة والمجتمع المدني، على أن يتم انتخاب اعضاءه كممثلين لأركان قطاع العدالة الذين بدورهم ينتخبون رئيس المجلس من ممثلي قضاة المحكمة العليا. بهذه الطريقة يمكن أن يراعي مجلس القضاء الأعلى مصالح الأطراف المختلفة، بالمعنى الواسع، بغية ضمان استقلالية الجهاز القضائي من جهة، وتوفير الحماية له من تغول السلطة التنفيذية من جهة الثانية، وضمان نزاهة القضاة من جهة ثالثة، وإعادة الثقة المجتمعية بالجهاز القضائي من جهة رابعة.


--