الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

رأب الصدع فلسطينيا وعربيا أيضا!

نشر بتاريخ: 02/11/2016 ( آخر تحديث: 02/11/2016 الساعة: 11:23 )

الكاتب: تحسين يقين

يصعب تجاوز فلسطين، بل يصعب كثيرا؛ وذلك ما يدركه بعمق الأشقاء والأصدقاء والأعداء وغيرهم ممن كان محايدته سلبا أو إيجابا. ليس معنى ذلك هو الاستسلام للغيبيات أو لمخدرات تغييب الوعي، بل الارتقاء لمسؤولية الهدف والأدوات.
ثمة دلالات عربية ودولية تؤكد ما أمضي به من تفاؤل، فالجهد الفلسطيني المبذول دوليا، ما كان له ليأتي بالثمر لولا دعم الأشقاء والأصدقاء، اليونسكو مثالا، ولعلنا هنا نعيد ونكرر ونثمن عاليا كل جهد قومي، ناظرين بعين الوفاء للأسلوب الفلسطيني الراقي والذكي في تناول القضية الفلسطينية، والتي رغم السنوات الخمس الأخيرة التي مني بها العرب من ضعف وفوضى، فإننا قد حاصرنا الاحتلال دوليا، وفضحناه:
"حاصر حصارك لا مفرّ
فأنت اليوم حرّ وحرّ وحرّ..."

نسير هنا وهناك، وفي أيدينا دواوين محمود درويش، والذي في البال في البال، فبإمكاننا جميعا أن نعيد القراءة، أو نكمل القصيدة، ففيها ما فينا من هموم وعتاب ولوم، وفيها الأمل، وتقدير الذات الفلسطينية المقاومة صاحبة الإرادة، وما يجري على السطح الدولي خير تجل لهذه المقاومة الشريفة المدعومة من الشرفاء وأصحاب الضمائر.
عربيا، من دول أربع أو خمس، وأكثر، ما زلنا بأبناء العروبة أقوياء، نظن خير الظن، لا سوئه؛ ونحن نعتقد بأنها كلمات حق أريد بها حقا، فلا يمكننا إلا الظن الطيب بأخوتنا وأخواتنا، العرب والعربيات قادة وشعوبا.
ولو نعود للتاريخ السياسي الحديث لوجدنا ما يؤكد ذلك، فإن اجتهد العرب، بعضهم أو أكثر برأب الصدع الفلسطيني، فإن لنا أن نجتهد برأب الصدع العربي، من الشام لبغدان ومن نجد إلى يمن إلى مصر فتطوان...!
تلك هي القصيدة، وذلك هو الحال، كثيرة هي الدول العربية التي تحتاج مثلنا في فلسطين لجهود رأب الصدع:
رأب الصدع في سوريا، والعراق، جرحان مفتوحان للمدى القومي والضمير العالمي..تلك الدماء البريئة التي يوجع كل حرّ سفكها ظلما.
رأب الصدع في داخل الأقطار، وبينها..
فإن فعل العرب ذلك لفلسطين وغيرها ألا تقول شكرا!
ولنا أن نقول شكرا على نوايا الخير، قائلين ما يقولون بأن أمورنا الداخلية، تحتاج لصبر وحذر، وحسن تناول، بل ذكاؤه.

فلسطينيا، هذه هي الحلقة الأقوى، وما زال بإمكاننا تجنيب أنفسنا الكثير من الأخطاء والحرج، فكل من يريد الخير لوطنه، فإن الطريق واسعة أمامه، ولا أظن النظر للمؤقت من أمارة وزمن هو الأهم، بل ما يستقر ويبقى في الأرض.
أن نكون، تلك معنى قصيدة الشاعر، وذلك هو مفتاح التحرر.
ولن يكون أي خلاص حقيقي لأحد منا إلا بالخلاص الجمعي، والانتخابات، وبإمكان الساعي للمشاركة في القيادة السياسية اللجوء للجماهير، فشرف ثقتها، وشرف أن تكون نائبا في المجلس التشريعي أو عضوا في المجلس الوطني، شرف أن تمثل هذا الشعب العريق. ولكن شرف أيضا أن تتطلع لتحرره وخلاصه أيضا.

وفلسطينيا، فتحاويا، وفصائليا وغيره، لنتأمل قيم التعاون والمحبة والوفاء والكرم التي نفخر بها من أيام عنترة، فلو نتأملها بعمق، لخفت حالة النزق والغضب، ولصرنا نرى أنفسنا والآخرين معا، فكل الفرقاء لو اجتمعوا معا لقوي كل واحد منهم؛ إننا نقوى ببعضنا، فماذا يمنع اللقاء، وماذا يعني أي واحد منا بدون مصلحة فلسطين العليا؟!
ها نحن نستقبل شتاء غريبا، يحتار في وصفه والتنبؤ به الراصدون الجويّون، أقلنا كلامنا على حقيقة الجو أو الرمز لا فرق، فقد انسجمت حال الرياح هنا مع الريح السياسية، ولا ندري من سيطون ممطرا على الأرض هنا!
ها نحن نقطف آخر حبات الزيتون قبل تولي تشرين الثاني، تاركين الأرض للمطر والريح، تعصف بأغصان الشجر والتراب، من البرية إلى الجبال فالساحل، ومن الجنوب إلى الشمال، وطن جميل ورائع فيه من التنوع النباتي والحيواني، والمناخي، ما يمكن أن يكون معجزة المناخ في العالم، فالبلد الصغير الذي تقطعه في بضع ساعات فيه من سحر التنوع ما فيه، ألا يدفعنا لاحترام تنوعنا الفكري والديني والثقافي والسياسي وووو؟
- بلى!
- وإذن؟
هنا بعد قليل ستشع الأرض بالحنون الذي يولد مع أولى قبلات السماء للأرض، فما الذي تقوله شقائق النعمان لنا؟
- بضع نقاط ماء وأولد من جديد بعد منامي الطويل!

لنا إذن أن نتفاءل، فقليل من المحبة-الماء تنبت ملايين الورود والأزهار، فكيف إن كان أكثر قليلا!
هنا في فلسطين، كما الوطن العربي، لنا أ نحتفل بالماء والمحبة حتى نبقى.
- كلام رومانسي!
- لكنه ضروريّ، فكيف سنحل اشتباكنا مع الغريب؟ وهل سيكون تصالحنا الفلسطيني والقومي أصعب من حالة الصراع الممتدة من قرن!
حالة من التوافق والوفاق، والقدوة الحسنة:
فحين يتحدث العربي معنا عن أمورنا، لنا أن نقول: تعالوا معا نرأب صدوعنا القومية أولا، أليست هي مفتاح التحرر والوحدة والتنمية!
ليس صعبا مخاطبتنا للعرب أخواتا ولا العالم، ولكن ليس فقط من خلال القول بل الفعل على أرض الحنون، إنه هناك ينمو مع قطرات ماء.
ليس عندي ولا عند أي مواطن لنضيف من كلمات، هو الفعل ما نحتاجه:
- عقد مؤتمر فتح ومؤتمرات الفصائل أيضا.
- عقد المجلس الوطني.
- التحضير الجاد للانتخابات.

ولنخفف من الحديث في التفاصيل كثيرا لأنه كما قيل الشيطان يكون هناك.
لماذا أقول ذلك؟
لأنه ببساطة نحن في حالة اشتباك، والمهم أن نكون معا، ولا أظن أن الاحتلال يميل إلى أن يكون مرنا مع قائد أكثر من غيره!
حالة صعبة من الوضع المرحلي المؤقت، تحتاج من يقدم مشروعا وخططا داخل البيت الفلسطيني للخلاص.
وأخيرا:
إن بادرنا للتوافق والتصالح من أنفسنا ربما نحاول جادين لحل خلافاتنا، فإن فعلنا، فستكون منظمة التحرير، ودولة فلسطين من الهيئات التي تتقدم باقتراحات لرأب الصدع العربي، الذي إن التم سيكون حالنا أفضل.
بإمكاننا لو ارتقينا للمسؤولية الأخلاقية والوطنية أن نكون قدوة عربية يستمع لنا العرب ويصغون!
فهل أهم من هذا الهدف!